أفاد عمال الإغاثة أن التعرف على آلاف القتلى الذين ذهبوا ضحية الإعصار المدمر الذي ضرب ميانمار قد لن يكون ممكناً بسبب بطء وتيرة استخراج الجثث.
وقد تسبب هول الكارثة واتساع رقعتها الجغرافية في عزل الناجين في مناطق نائية من دلتا إيراوادي واضطرارهم للتعامل مع جثث الأقارب وغير الأقارب دون مساعدة رسمية تذكر.
وفي هذا الإطار، أخبر كريغ ستراتيرن، الناطق باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) من يانغون أنه من الواضح من خلال المعلومات التي حصلنا عليها أنه لم يتم تبني استراتيجية شاملة ومتناسقة في هذا المجال... ففي معظم الأحيان تضطر المجتمعات المحلية للتعامل مع المشكلة في محيطها دون مساعدة".
وقد طلب بعض الناجين من عمال الإغاثة التخلص من الجثث بأية طريقة يجدونها مناسبة سواء عبر الدفن والإحراق أو غيرهما في محاولة لاستعادة الأوضاع الطبيعية وإعادة بناء حياتهم.
من جهته، أفاد جون سبارو، الناطق باسم الاتحاد الدولي للصليب الأحمر الذي عاد لتوه من المنطقة المنكوبة، أن "المزارعين يقولون أنهم رموا بعض الجثث في النهر…فهم يائسون ويتطلعون لبدء موسم زراعة الأرز، وإذا وجدوا أية جثة ولم يتمكنوا من التعرف على صاحبها فإن كل ما يقومون به هو رميها في النهر".
وكان إعصار نرجس والمد الذي أعقبه وغمر حوالي 35 كلم داخل اليابسة قد خلف حوالي 133,000 قتيلاً ومفقوداً و2.4 مليون مشرد.
ولكن وبعد مرور أكثر من ستة أسابيع، لا تزال عملية التخلص من الجثث ثانوية بالنسبة لمنظمات الإغاثة التي تكافح من أجل توزيع الماء والغذاء وغيرهما من الاحتياجات الأساسية على الناجين، خصوصاً بعد أن صرحت منظمة الصحة العالمية بأن الجثث لا تشكل خطراً صحياً كبيراً.
جهود التخلص من الجثث
وبالرغم من أن السلطات المحلية في بعض المدن الرئيسية أو ذات الكثافة السكانية العالية، قامت فعلاً بجهود ملحوظة لجمع الجثث والتخلص منها مستعينة باليد العاملة الإضافية التي تم إحضارها من يانغون للمساعدة في هذه العملية، إلا أن مثل هذه الجهود لم تتبلور في القرى والمناطق النائية حيث اضطر القرويون للتعامل مع الجثث بأنفسهم.
وتشير التقارير إلى وجود جثت تملأ مجاري المياه والمناطق النائية التي لم يتبق فيها الكثير من الناجين. وتفيد التقارير أيضاً بظهور أكثر من 300 جثة مؤخراً على شاطئ بولاية مون التي تقع على بعد مئات الكيلومترات من النقطة التي ضربها الإعصار.
وأوضح سبارو قائلاً: "القرار بشأن كيفية التعامل مع المشكلة تُرِك للقادة المحليين. فنحن نتحدث عن منطقة شاسعة جداً حيث وسائل المواصلات وغيرها من التسهيلات اللوجستية جد محدودة. ولا يفاجئنا أن يتم إعطاء الأولوية في الاستفادة من هذه التسهيلات لعملية توصيل وتوزيع مواد الإغاثة والطوارئ".
سابقة التسونامي
ويبدو أن بطء وتيرة التخلص من الجثث وغياب إمكانية التعرف على الضحايا تناقض بشكل كبير مع ما حدث في أعقاب التسونامي الذي اجتاح آسيا عام 2004 وخلف أكثر من 200,000 قتيل.
الصورة: وكيبيديا |
تنتج دلتا إيراوادي حوالي 65 بالمائة من مجموع إنتاج الأرز السنوي في ميانمار |
أما في إندونيسيا، حيث أودى التسونامي بحياة أكثر من 165,000 شخص، فقد كانت الجهود المبذولة في مجال التعرف على الجثث أكثر بساطة، حيث شملت التعرف بالنظر في الأيام القليلة الأولى أو معاينة الممتلكات أو بطاقة الهاتف الجوال الخاصة بالشخص.
ولكن في تلك الكارثة كان هناك توجه رسمي كبير للتخلص من الجثث بأسرع وقت ممكن وفقاً للشريعة والتقاليد الإسلامية وإنشاء مقابر تذكارية.
وقال ستراترن أن "الناس في إندونيسيا تقبلوا فكرة عدم العثور على أحبائهم ولكنهم على الأقل يستطيعون الذهاب إلى مقابر تذكارية حتى وإن لم يكونوا على يقين تام بأن أقاربهم قد دفنوا فيها".
مشاكل التعرف
كما يبدو الناجون من إعصار ميانمار مقتنعون بقبول فكرة فقدانهم لأحبائهم حتى من دون دليل قاطع على ذلك، كما أن القوانين المحلية لا تنص على وجوب التعرف الرسمي على الميت.
وقال ستراترن: "يسود اعتقاد بأنه إن لم ير الشخص أحباءه لأسبوعين أو ثلاثة فمن المحتمل أن يكونوا في عداد الموتى. ليست هناك أية توقعات بحدوث أي شيء من قبيل مقارنة الحمض النووي مثلاً... تتمثل الأولوية في ضمان دفن الموتى بكرامة ووفقاً لأقل الشروط القانونية.... هناك حاجة إنسانية للتعامل مع الضحايا بطريقة تخفف من معاناة أحبائهم".
من جهتها، عملت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على توزيع مستلزمات الحماية مثل القفازات والأقنعة لمساعدة المتطوعين على التخلص من الجثث. ويشهد الطلب على هذه المستلزمات ارتفاعاً متزايداً.
"