في مكالمة هاتفية متقطعة مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، من قرية نامبلي الواقعة في أسفل جبال الهيملايا بباكستان والتي تبعد مسيرة ساعة بالسيارة عن مدينة أبوت أباد، وصف محمد قيوم، البالغ من العمر 30 عاماً، محنته قائلاً: عشت أنا وعائلتي التي تضم ثلاثة أطفال دون العاشرة، لمدة يومين على البطاطس والحليب الذي نحصل عليه من ماعزنا. لقد نفذت كل مدخراتنا من الأطعمة الأخرى، ولم نستطع الحصول عليها بسبب الثلوج المتكدسة في الخارج".
كما أشار قيوم إلى أن سد الطرقات بسبب الثلوج يعني عدم إمكانية وصول البضائع إلى الأسواق المحلية.
فقد أدت الثلوج الكثيفة والأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد بشكل استثنائي الأسبوع الماضي إلى شل الحركة في جزء كبير من شمال باكستان، مما زاد من معاناة سكان هذه المناطق الجبلية.
وقد تم إلى الآن إزاحة الثلوج عن الطرق الرئيسية، غير أن الظروف الجوية السائدة في معظم أنحاء الإقليم الحدودي الشمالي الغربي لباكستان وإقليم كشمير الباكستاني، تجعل عملية تسليك الطرقات أمراً مستحيلاً في الوقت الحاضر.
من جهته، قال عبد المنان، أحد الموظفين الاجتماعيين العاملين بمدينة أبوت أباد، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "الناس محاصرون في منازلهم بسبب الثلوج. كما أن استمرار هطول الثلوج بكثافة يحول دون إمكانية إغاثتهم".
المناطق المتضررة بالزلزال
وتشمل المناطق الأكثر تضرراً بهطول الثلوج تلك التي تضررت بزلزال أكتوبر/تشرين الأول 2005، الذي ضرب أجزاءً كبيرة من الإقليم الحدودي الشمالي الغربي لباكستان وإقليم كشمير الخاضع للإدارة الباكستانية، وأدى إلى مقتل أكثر من 75,000 شخص وتشريد الملايين.
ففي وادي باتاغرام ووادي ألاي الواقعين بالإقليم الحدودي الشمالي الغربي والمحاطين بجبال شاهقة، توقفت أعمال بناء ملاجئ للأشخاص الذين شردهم زلزال عام 2005.
وقال أزهر خان، أحد سكان ألاي، والذي يقيم حالياً في أبوت أباد، أن "الأعمال توقفت بسبب كثافة الثلوج".
بدوره، قال عمران خان، المنسق الإقليمي للجنة الباكستانية لحقوق الإنسان في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي لباكستان، متحدثاً من بيشاور: "لا تزال العديد من الأسر المتضررة بالزلزال تفتقر للمأوى". وقد ألقى اللوم في ذلك على "التأخير البيروقراطي". وأضاف قائلاً: "في مثل هذه الظروف، تصبح أوضاع أولئك الذين يعيشون في مساكن غير ملائمة أو مساكن مؤقتة مبنية من صفائح القصدير والخشب، تعيسة جداً".
كما تسبت الثلوج الكثيفة، التي يتراوح علوها الآن من متر إلى مترين تقريباً، في قطع السبل عن حوالي 50,000 شخص من سكان وادي كاغان القريب من باتاغرام وعزلهم عن باقي البلاد.
كما وردت تقارير عن انهيار بعض الوحدات السكنية، وقد صاحب ذلك حادثة وفاة لأم وابنتها من مدينة أوغي بإقليم مانسيرا.
نقص دقيق القمح
ويعتبر أقصى شمال البلاد من المناطق الأكثر تضرراً بهطول الثلوج بما في ذلك وادي شترال ووادي شنغلا. فمع تعليق المواصلات البرية والجوية، عانت شترال من عزلة دامت لعدة أيام مع وصول تقارير عن نقص حاد في دقيق القمح في المنطقة. وبينما كان معظم الناس يخزنون احتياطياً لا بأس به من القمح في معظم السنوات استعداداً لموسم الشتاء القاسي، وجدوا صعوبة في ذلك هذا العام بسبب النقص الحاد في الدقيق في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي لباكستان.
وفي هذا الإطار، قال عياض جان، البالغ من العمر 25 عاماً، من مدينة بيشاور: "بلغني أن والدي المسن مريض جداً، ولكنني عاجز عن الوصول إلى شترال لإحضاره إلى بيشاور. فقد تعطلت حركة الحافلات والشاحنات بسبب الانهيارات الأرضية على طريق كاراكروم السريع".
كما لقي 7 أعضاء من فريق الكشافة شبه العسكرية في شيترال مصرعهم بسبب الانهيارات الثلجية في ممر لواري حيث تجري حالياً أعمال بناء نفق يهدف إلى توفير طريق سالك إلى شترال وخفض الوقت الذي تستغرقه الرحلة إلى بيشاور بالسيارة إلى النصف، فقد كانت هذه الرحلة تستغرق 14 ساعة في بعض الأحيان.
وبانتظار ذلك، لا يزال الكثير من الناس معزولين بسبب تراكم الثلوج والعواصف التي اجتاحت المنطقة مرة أخرى في 10 يناير/كانون الثاني، مع توقع المزيد من الانهيارات الأرضية والثلجية في الوقت الذي تتجمع فيه الثلوج على طول الطرقات الجبلية.
"