1. الرئيسية
  2. Global

نحو مزيد من التنوع في وكالات المعونة

Valerie Amos, Under-Secretary-General for Humanitarian Affairs and Emergency Relief Coordinator, holds a press conference at the UN Office at Geneva, Switzerland UN Photo/Jean-Marc Ferre

 سُئلت مارجي بيوكانان سميث ذات التاريخ الطويل في العمل الإنساني في مقابلة شخصية لأول وظائفها الميدانية في السودان في ثمانينيات القرن الماضي: "هل ستننفجرين بالبكاء عند وصولك؟" فأجابت "لا" وحصلت على الوظيفة، ولكنها عندما وصلت كانت واحدة من نساء قليلات في الميدان، وكانت دائماً تضطر للإجابة عما إذا كانت قادرة على القيام بعملها.

لقد تغيرت الأحوال منذ ذلك الحين: هناك الآلاف من النساء العاملات في جميع المستويات في القطاع الإنساني، ولكن عندما يصل الأمر إلى المناصب العليا، على الأقل في الوظائف الميدانية التابعة للمنظمات غير الحكومية الغربية العاملة على المستوى الدولي، غالباً ما يكون الموظفون من الذكور ذوي البشرة البيضاء، كما قال عمال بارزون في مجال المساعدات الإنسانية تحدثت إليهم شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) وأكدته دراسة حول قيادة العمل الإنساني أعدتها شبكة التعلم الإيجابي للمساءلة والأداء في مجال العمل الإنساني (ALNAP) في عام 2011.

تحدثت إيرين إلى موظفي المنظمات غير الحكومية التي تقع مقارها الرئيسية في المملكة المتحدة وجوهانسبرج وجنيف، فضلاً عن موظفين في المقر الرئيسي لصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) وبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.

قد تساعد الخطط الاستباقية في زيادة التنوع في القيادة، كما يقول الممارسون، ولكنها لا تعالج جوهر المشكلة الذي يكمن في ثقافة الإدمان على العمل التي تعوق بدورها تكوين أسر مستقرة، بالإضافة إلى التمييز الكامن ضد الموظفين المحليين والنساء.

المساواة بين الجنسين في الوظائف القيادية في الميدان وفي المقار الرئيسية على حد سواء أمر يصعب تحقيقه، ولكن مقار المنظمات غير حكومية تميل إلى أن تكون أفضل حالاً في هذا السياق. وعندما يتعلق الأمر بنسبة الموظفين المحليين في المواقع القيادية، نجد أن أداء وكالات الأمم المتحدة أفضل من أداء المنظمات غير الحكومية، وفقاً لعدد من الوكالات ولشبكة التعلم الإيجابي للمساءلة والأداء في مجال العمل الإنساني.

بعض وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية أفضل من غيرها فيما يتعلق بتكافؤ الفرص بين الجنسين. حيث تحتل الإناث جميع المناصب الإدارية في منظمة أوكسفام البريطانية ومنظمة كير الدولية، كما أن41 و43 بالمائة من كبار موظفي اليونيسف وأكشن إيد على التوالي من النساء، فأربعة من مديري أكشن إيد الستة هم من الإناث. والإحصاءات عن الموظفين الوطنيين الذين وصلوا إلى مناصب عليا في القطاع الإنساني ليست متاحة، ولكن وفقاً للأشخاص الذين جرت مقابلتهم، فإن النسبة منخفضة خارج الأمم المتحدة.

فوائد التنوع

تبين الدراسات الواردة من خارج القطاع الإنساني أن الفرق المتنوعة هي أكثر إبداعاً وأكثر قدرة على حل المشاكل. "وينطبق هذا منطقياً على وضع المؤسسات الإنسانية - فكلما زاد تنوعك، كلما زادت فرصك في التوصل إلى حل عملي،" كما أفادت كيم سكريفن، المؤلفة المشاركة لتقرير شبكة التعلم الإيجابي للمساءلة والأداء في مجال العمل الإنساني.

ووفقاً لمارجي بيوكانان سميث، مؤلفة التقرير الرئيسية، يقدم أعضاء الفريق المتنوع وجهات نظر ونهج وحتى قيم مختلفة أثناء العمل، وهذا مناسب للبيئة الإنسانية التي تعمل فيها وكالات الإغاثة معاً أو جنباً إلى جنب مع مثل هذه الجهات الفاعلة المتنوعة، من المجتمعات المحلية إلى الحكومات المتلقية إلى العسكريين.

كما ذكرت كبيرة الأخصائيين في مجال المساواة بين الجنسين في حالات الطوارئ في منظمة كير الدولية ميريا كانو فيناس: "عندما نقوم بإعداد التقييمات الطارئة، نقسم مجموعات التركيز إلى رجال ونساء لأنهم يبرزون مختلف القضايا، والأمر نفسه ينطبق على القيادة العليا".

سوزان نيكولاي، التي تعمل في مجال الاستجابة لحالات الطوارئ منذ 12 عاماً وتشغل منصب نائب منسق مجموعة العمل الدولية للتعليم في منظمة إنقاذ الطفولة، قدمت افتراضات حول ما إذا كانت القيادة التاريخية الذكورية قد همشت بعض قطاعات الاستجابة - لا سيما الحماية والتعليم - التي تسيطر عليها الإناث، والتي تعاني بشدة وباستمرار من نقص التمويل في عملية النداءات الموحدة (CAP).

التمييز اللاواعي

الأسباب التي تضعف من تمثيل النساء والموظفين المحليين في الوظائف القيادية لا تزال افتراضية، فحتى الآن لم يتم إجراء أية دراسات رسمية حول هذا الموضوع. وبالنظر إلى ذلك، حدد الأشخاص الذين أُجريت معهم مقابلات مشكلتين رئيسيتين: التمييز الكامن وثقافة العمل الإنساني نفسها.

وأكدت بيوكانان سميث أن التمييز ليس متعمداً، بل إنه لاواعي وضمني حيثما كان موجوداً. وقد يظهر بطرق غير مباشرة، مثل نوعية المتطلبات التي تعطيها الوكالات الأولوية عند اختيار الموظفين. فقد لا يرتقي موظف ميداني وطني المناصب رغم أنه ممتاز في التعامل مع المجتمعات المحلية، والتفاوض على فرص وصول المساعدات الإنسانية، وإعداد البرامج، لمجرد أنه او أنها لا تجيد اللغة الإنجليزية المكتوبة، وقد تكون لتلك المهارة الأولوية في المتطلبات المحددة من قبل المكتب الرئيسي.

وقد تكون لدى الناس افتراضات تمييزية وأحكام مسبقة عن أولويات وخبرات وقدرات الموظفين الوطنيين، كما لاحظت شبكة التعلم الإيجابي للمساءلة والأداء في مجال العمل الإنساني. فالنساء والموظفون الوطنيون الذين لا يستطيعون الوصول إلى المناصب القيادية غالباً ما يضطرون إلى العمل أكثر من نظرائهم المعينين من الخارج لبناء المصداقية واكتساب الثقة. فطبقاً لما قالته إحدى العاملات في المجال الإنساني من السنغال لديه 10 سنوات من الخبرة الدولية في المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة، لإيرين: "من الصعب جداً الانتقال من منصب محلي إلى آخر دولي لأن هناك الكثير من المقاومة الداخلية لذلك... فالوكالات لا تقوم بالضرورة ببذل الوقت والجهد الكافيين لتدريبهم على النظم الدولية، وهم ليسوا منفتحين على ذلك".

ونتيجة لذلك، يصاب الموظفون الوطنيون بالإحباط وانعدام الحافز، مما يخلق حلقة مفرغة. "أولئك الذين ينجحون يحققون ذلك فقط من خلال المثابرة التي لا تنتهي وبعد الالتقاء مصادفة بمن يمنحهم الفرصة،" كما أفادت.

أسرة (غير) ودودة
عندما يتعلق الأمر بتحقيق المساواة بين الجنسين في المناصب القيادية العليا، تلاحظ شبكة التعلم الإيجابي للمساءلة والأداء في مجال العمل الإنساني أنه ليس من الواضح ما إذا كانت العراقيل توضع بسبب التمييز، أو بسبب "متطلبات الوقت والكلفة الشخصية للقيادة الإنسانية التنفيذية، والتي قد تشكل تحدياً للنساء اللاتي يتحملن العبء الأكبر حول العالم من حيث المسؤوليات والاهتمامات العائلية".

وفي حين لا يقلل نائب مدير الشؤون الإنسانية في أوكسفام، جراهام ماكاي، من شأن متطلبات الوقت، فإنه يعتقد أن تربية الاطفال أثناء قيادة منظمات إنسانية تسبب المشاكل للرجال والنساء على حد سواء. ماكاي هو الوحيد بين مديري منظمة أوكسفام الإنسانية الثلاثة الذي لديه أطفال، وقال لشبكة الأنباء الإنسانية: "لدي مشكلة حقيقية مع السفر - فعمل الترتيبات دائماً ما يكون مؤلماً... وربما تكون هذه المعادلة أسهل قليلاً بالنسبة لي كرجل عما لو كنت إمرأة".

وعلى الرغم من عدم إجراء دراسات بهذا الشأن، قال العديد من الذين أُجريت معهم مقابلات أنهم يعرفون عدداً قليلاً جداً من النساء ربات الأسر اللاتي نجحن في الوصول إلى القمة. قبل عدة سنوات، كان فريق الادارة في منظمة أوكسفام الإنسانية بالكامل يتكون فقط من العزاب أو المطلقين الذين ليس لديهم أطفال. وأفادت بيوكانان سميث أن العديد من قادة العمل الإنساني الناجحين يتحدثون عن كونهم "متزوجين مع عملهم" أو يقدمون "التضحية الشخصية"، بدلاً من العمل على إنجاح زواجهم، كما يرى العديد من العاملين في المجال الإنساني أن القيادة تنطوي على العمل بطريقة غير صحية لساعات طويلة كدليل على الالتزام.

وقد خطت العديد من الوكالات قدماً في المقرات، ومعظمها لديها سياسات خاصة بالمساواة بين الجنسين وتوفر تدريباً على قضايا المساواة والتنوع، كما تمنح بعضها تدريباً على القيادة، مثل برنامج منظمة أكشن إيد لقيادة المرأة، الذي يتم تشجيع الرجال على المشاركة فيه أيضاً. ولكن يُقال أن بعض المنظمات غير الحكومية الدولية الكبرى ما زالت تتبني صورة الرجل مفتول العضلات ذي القوة البدنية التي كانت فرق الطوارئ معروفة بها في الماضي، كما أفاد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، بما فيهم فيناس وماكاي وإميليا بوكستين (التي تعمل الآن مع الصليب الأحمر البريطاني وكانت تعمل في السابق مع الوكالة الكاثوليكية للتنمية الخارجية "كافود" ومنظمة إنقاذ الطفولة ومنظمة أوكسفام).

"لا أعتقد أن التنوع يتحسن وأعتقد أن هذه مشكلة... أنا دائماً أجدها مفاجأة سارة عندما أرى امرأة في منصب قيادي، لأن هذا مخالف للتوقعات بالفعل،" كما قالت بوكستين لإيرين.

الحلول

أشار العديد من المديرين إلى أن ثقافة إدمان العمل الإنساني من غير المرجح أن تتغير في وقت قريب. وأضافت بيوكانان سميث أنه ينبغي على كل من الأفراد والهيئات بذل المزيد من الجهد لإدراك أنه في حين تتطلب الاستجابة لحالات الكوارث المفاجئة العمل لمدة 16 ساعة يومياً في أغلب الأحوال، فإن هذا لا يجب أن يكون هو القاعدة على أساس مستمر.

وأكدت شانون ماغواير مولهولاند، قائدة فريق الاستجابة الإنسانية الطارئة في منظمة اليونيسيف أن جميع مخططات التنوع في العالم لا يمكن أن تغير من حقيقة أنه في بعض مراكز العمل، من الصعب إيجاد أي شخص - ذكراً كان أو أنثى - يستطيع القيام بهذه المهمة على المدى الطويل. "ففي بلدان مثل أفغانستان، من الصعب علينا إيجاد أي شخص يقوم بهذه المهمة، ناهيك عن ضمان القيادة والتنوع بين الجنسين،" كما أخبرت إيرين، بعد أن أشارت إلى أن لدى اليونيسيف العديد من فرص العمل للإناث في مجالات التنمية بدلاً من مجال الإغاثة الإنسانية، لمن يردن الاستقرار وتكوين أسرة.

وأضافت نيكولاي المسؤولة في منظمة إنقاذ الطفولة أن توقع السفر في أي لحظة إلى أماكن ينعدم فيها الأمن في بعض الأحيان هو ببساطة جزء من العمل. "قد تختار بعض النساء عدم الذهاب، فهن معتادات على اتخاذ مثل هذا القرار". ولكن تستطيع الوكالات على الأقل أن تجعل ظروف العمل والمعيشة جيدة بقدر الإمكان، كما أفادت فيناس المسؤولة في منظمة كير، بالنظر إلى مثل هذه الظروف الصعبة، عن طريق توفير الأمن الجيد والسكن والطعام اللائقين، على سبيل المثال.

وأشار من جرت مقابلتهم إلى أن الوكالات الإنسانية على الأقل تعترف بأن الموظفين الوطنيين بحاجة إلى مزيد من الدعم لتطوير حياتهم المهنية. وهناك عدد قليل من المنظمات غير الحكومية الدولية الكبيرة، على سبيل المثال، التي تعد خطة لبناء القدرات في حالات الطوارئ، تشمل برنامجاً لتنمية المهارات القيادية الإنسانية. ومن خلال هذا البرنامج، يتم تدريب الموظفين الوطنيين على مهارات القيادة لمدة سنة واحدة ثم ينضمون إلى قائمة المناصب القيادية. يشمل هذا المخطط معدل تنسيب يبلغ 95 بالمائة حتى الآن، وفقاً لليوني لونتون، رئيسة الموارد البشرية في منظمة إنقاذ الطفولة، التي تستضيف البرنامج.

وفي حين لا يقتصر البرنامج على الموظفين الوطنيين، فإن الهدف الرئيسي للخطة هو بناء قدراتهم. "هؤلاء هم قادة الغد، ولديهم القدرة على تولي مناصب قيادية في الإدارة الوسطى والعليا،" كما أكدت لونتون.

وقال ماكاي المسؤول في أوكسفام، في حين أن المنظمات غير الحكومية الدولية قد قطعت أشواطاً طويلة في التطور الوظيفي خلال السنوات الأخيرة، فإنه لا يزال يشكل نقطة ضعف لدى كثير من الوكالات الإنسانية، وهو يشير إلى احتمال وجود تضارب بين السياسة والتطوير الوظيفي وتكافؤ فرص التوظيف، الأمر الذي يتطلب عملية توظيف شفافة وتنافسية لكل وظيفة.

وقالت بيوكانان سميث، مع ذلك، فإن بعض الوكالات قد تخطت هذا الحاجز إلى حد كبير وينبغي عليها أن تقود الطريق لحفز المتقاعسين، مشيرة إلى أن التنوع سيبدو مختلفاً في كل منظمة غير حكومية ووكالة تابعة للأمم المتحدة في جميع أنحاء العالم، اعتماداً على صلاحياتها وتاريخها وهيكلها التنظيمي - سواء كان تحالفاً أو اتحاداً أو كياناً آخر. إن القطاع الإنساني "مستعد لفحص نفسه، وانتقاد ذاته بطرق يمكن أن تغير المشهد، والطريقة التي نؤدي بها أعمالنا، وبالتالي فإن التغيير سوف يأتي في نهاية المطاف،" كما لخصت نيكولاي الموقف.

aj/cb-ais/kkh


This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join