على الرغم من أن الأمم المتحدة خططت لتقديم مساعدات لقرابة 250,000 نازح في أفغانستان هذا العام، لكنها تبحث الآن تقديم مساعدات لنحو مليون نازح، وهو عدد أكبر بكثير مما تستطيع الحكومة ووكالات المعونة التعامل معه.
وهناك أربعة أسباب لهذا الارتفاع الهائل في عدد النازحين: تدفع باكستان الأفغان للعودة إلى وطنهم عبر الحدود، وتقوم إيران بالشيء ذاته. كما نزح عدد أكبر بكثير مما كان متوقعاً بسبب الحرب. وعلى الرغم من الصراع المتفاقم، أبرم الاتحاد الأوروبي صفقة يمكن تقود إلى إعادة عشرات الآلاف من الأفغان الذين رُفضت طلبات لجوئهم إلى بلادهم.
ومع اقتراب فصل الشتاء، هناك مخاطر من أن يتحول الوضع السيء حالياً إلى أزمة إنسانية طاحنة. ويوجد حالياً بعض النازحين داخلياً في مناطق نائية وغير آمنة ويصعب على وكالات المعونة الوصول إليها. وقد وثّق المجلس النرويجي للاجئين سوء التغذية بين العائدين من باكستان، الذين يعيش بعضهم الآن في خيام.
وفي شهر سبتمبر، أطلقت الأمم المتحدة نداءً طارئاً لجمع 152 مليون دولار لتقديم مساعدات لهذا العدد الذي يتزايد بسرعة من "الأشخاص المنتقلين". ولم تقدم حتى الآن الجهات المانحة تعهدات بالتمويل.
والجدير بالذكر أن أفغانستان تعاني من الصراعات منذ السبعينات ولا تزال حتى يومنا هذا. مع ذلك، أعلنت باكستان أنها تريد من جميع اللاجئين الأفغان مغادرة أراضيها حيث تقوم السلطات الباكستانية بمضايقتهم. وقد عاد ما يقرب من 370,000 أفغاني إلى ديارهم حتى هذا الوقت من العام الجاري، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
ويواجه الأفغان مضايقات في إيران أيضاً، بما في ذلك السرقة والضرب وأصبح آخرون مدمنين على المخدرات لأن أرباب عملهم يعطونهم الهيروين بدلاً من المال، حسبما تقول المنظمة الدولية للهجرة. وقد عبر أكثر من 250,000 شخص الحدود هذا العام، "ولكن معظمهم سيعودون إلى الفقر المدقع والبطالة وأهوال الحرب".
في هذه الأثناء، يزداد الصراع سوء بشكل ملموس.
وحتى الآن من هذا العام، فرّ 382,371 شخصاً من ديارهم بسبب القتال، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. وقالت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان في 19 أكتوبر أن 8,397 مدنياً قتلوا أو جرحوا في الفترة ما بين يناير إلى سبتمبر من هذا العام، أي قرابة العدد نفسه للأشهر التسعة الأولى من العام الماضي. وإجمالاً، في عام 2015، وصل عدد الضحايا في صفوف المدنيين 11,002 شخص، بما في ذلك 3,545 حالة وفاة، ما يُعد رقماً قياسياً منذ أن بدأت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان تعداد الضحايا في عام 2007، عندما قتل 1,523 مدنياً.
وعلى الرغم من هذه الإحصاءات، ترفض البلدان الأوروبية قبول اللاجئين الأفغان. وبعد فترة من الأمن النسبي (نسبي هو مصطلح نسبي جداً في أفغانستان)، بدأت الحرب تزداد سخونة على مر السنوات القليلة الماضية. وكما يبين الرسم البياني أدناه، منحت الدول الأوروبية حق اللجوء لعدد أكبر من الأفغان. وانخفضت معدلات الرفض من 48 بالمائة في عام 2013 إلى 35 بالمائة في عام 2014. وفي عام 2013، سجلت بعثة الأمم المتحدة سقوط 8,615 ضحية من المدنيين، وقفز هذا العدد إلى 10,548 في السنة التالية.
ومع تفاقم التدهور الأمني، بدأ الأفغان مغادرة البلاد بشكل جماعي. وبحلول شهر أكتوبر من العام الماضي، أصبح عدد الذين يفرون من أفغانستان يفوق مثيله في أي وقت مضي منذ حكم حركة طالبان، وشكل الأفغان ربع طالبي اللجوء في أوروبا. ولسوء حظهم، كان السوريون يفرون هم أيضاً من جحيم الحرب في بلادهم بأعداد أكبر، وشكلوا النسبة الأكبر من طالبي اللجوء.
وهناك قلق متنام في أوساط الأوروبيين من أن اللاجئين سيغرقون أوروبا، لذا تحاول الحكومات الأوروبية جاهدة وقف هذا المد. وخلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2016 – عندما كان عدد الضحايا يعادل تقريباً العدد القياسي في العام الماضي- ارتفع معدل رفض طالبي اللجوء الأفغان إلى 45 بالمائة، مع استقبال عدد أكبر من الطلبات.
وفي مؤتمر عقد بداية هذا الشهر في بروكسل ستقرر على ضوئه الجهات المانحة الدولية مقدار المعونة التي ستقدمها على مدى السنوات الأربع القادمة، تفاوض الاتحاد الأوروبي على صفقة مع أفغانستان يتم بموجبها إعادة طالبي اللجوء المرفوضين. وسوف يتكفل الاتحاد الأوروبي بموجبها أيضاً بنقل طالبي اللجوء المرفوضين على رحلات طيران إلى وطنهم، بما في ذلك "العائدين بشكل غير طوعي"، وهذه المجموعة الأخيرة لا تزال مثار جدل.
ما الذي سينتظر كل هؤلاء الناس العائدون للوطن؟ فيما يلي باقة مختارة من الصور من أندرو كولتى، وهو مصور صحفي يعيش في أفغانستان منذ عام 2013.
في الصباح الباكر خارج مركز الأمم المتحدة لاستقبال وتسجيل اللاجئين بين الحدود الباكستانية ومدينة جلال أباد في إقليم نانجارهار في أفغانستان. عاشت هذه الأسرة ما يقرب من 40 عاماً في مخيم براكي قرب مدينة بيشاور الباكستانية، ولكنها انضمت إلى الهجرة الجماعية إلى الوطن عندما ضغطت السلطات الباكستانية عليها لمغادرة أراضيها.
في مركز الأمم المتحدة لاستقبال اللاجئين، يتم منح الذين تم تسجليهم كلاجئين في باكستان مقداراً صغيراً من النقود لمساعدتهم على إعادة التوطين. ومن هناك تتفرق قوافل الشاحنات لتنتشر في شتى أنحاء البلاد لتوصيل العائدين إلى المكان الذي جاؤوا منه أصلاً أو إلى الأماكن التي لا يزال لديهم فيها أقرباء يمكن أن يساعدوهم في إيجاد مأوى على المدى القصير.
يساعد رضوان (الذي يرتدي قميصاً أخضر)، النجل الأكبر لسيما، في حمل جثة والدته لدفنها في مقبرة تقع على مشارف مدينة هيرات في غرب أفغانستان. قُتلت سيما أمام رضوان وأطفالها الآخرين الأسبوع الماضي برصاص الشرطة الإيرانية على مقربة من الحدود التركية.
وكانت سيما وأطفالها قد تركوا أفغانستان وعبروا معظم الأراضي الإيرانية وهم في طريقهم إلى تركيا. وبعدما قتلها، تم احتجاز الأطفال ثم ترحيلهم إلى أفغانستان. وجاء الأطفال من الحدود الإيرانية مباشرة إلى المقبرة لدفن أمهم.
تم ترحيل أحمد ونادرة هاشمي وطفلهما محمد البالغ من العمر ست سنوات من النرويج في نوفمبر 2014. عاشوا هناك لمدة أربع سنوات، وعاشوا قبل ذلك لمدة 10 سنوات تقريباً في إيران. لم يعش أياً من أطفالهما الثلاثة في أفغانستان من قبل. ولد الطفلان الأصغران في النرويج ولكن الحكومة النرويجية لا تمنح الجنسية تلقائياً للمولودين في البلاد.
وتعيش الأسرة التي تتكون من خمسة أفراد في غرفة في منطقة تشانداوول في كابول، التي تسكنها أغلبية من عرقية الهزارة. ولا تتجاوز مساحة الغرفة خمسة أمتار في ثلاثة أمتار مربعة، وتحتوي على موقد غاز للطبخ والتدفئة. ويحاول أحمد العثور على عمل في مجال البناء، ولكن هذا أمر صعب المنال في أشهر الشتاء. تمكث بقية الأسرة – بما في ذلك نادرة التي تعاني من الاكتئاب- حبيسة المنزل تخشى مغادرة المنزل بسبب المخاوف الأمنية.
أعضاء طاقم طبي من منظمة غير حكومية إيطالية، يطلق عليها اسم " إميرجنسي"، يعالجون الناجين من هجوم وقع في شهر أغسطس الماضي في الجامعة الأمريكية في كابول، عندما فجّر مسلحون سيارة مفخخة بعد الساعة السابعة مساءً ثم اقتحموا المنشأة. وأسفر الهجوم عن مقتل أكثر من اثني عشر شخصاً، من بينهم طلاب وأحد الأساتذة. وفي وقت التقاط هذه الصورة، كان المسؤولون يعتقدون بوجود اثنين من المهاجمين في الجامعة يحاصرون عدداً غير معروف من الطلاب والموظفين.
(الصورة الرئيسية: في شهر يوليو، على بعد بضعة كيلومترات فقط باتجاه وسط كابول من هذه التلال الجرداء، هاجم انتحاري حشداً من الناس كانوا يتجمعون في مظاهرة سلمية. وقد أسفر الحادث عن مصرع أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من عرقية الهزارة، وإصابة أكثر من 250 آخرين بجروح. ويُعد هذا أسوأ هجوم مفرد تشهده أفغانستان منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2001. وقد أعلن ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الهجوم، في أول هجوم من نوعه في العاصمة الأفغانية. وفي اليوم التالي، تم دفن أكثر من 20 قتيلاً بمساعدة جَرّافَة هنا في ضواحي المدينة الجنوبية. تشق النساء اللاتي تجمعن لتأبين الضحايا طريقهن عبر صفوف من شواهد القبور، ثم يقفن للدعاء للموتى بينما يقف الرجال في الخلف في صف مهيب لتلقي العزاء. تصوير: أندرو كولتى/إيرين)
aq/jf/bp/ag-kab/dvh