1. الرئيسية
  2. East Africa
  3. Sudan

كيف تدعم شبكات المساعدة المتبادلة الاستجابة الإنسانية في السودان

‘The beautiful thing is that we come together and spend time doing this.’

A Sudanese woman who fled the conflict in Geneina, in Sudan’s Darfur region, helps her relative to carry her bucket after she filled it at the water point in Adre, Chad July 30, 2023. This image is an altered illustration from a photograph. The women are seen passing each other an orange bucket filled with water. We cannot see their faces. A Burgundy circle has been placed behind them and between them and the image background. Zohra Bensemra/Reuters
A Sudanese woman, who fled fighting in Darfur, helps a relative carry a bucket of water in Adre, Chad. Mutual aid groups have been central to Sudan’s humanitarian response since conflict broke out in April.

سيما في وقتٍ يمنع فيه انعدام الأمن المستشري وكالات الإغاثة الدولية من الوصول إلى المناطق الأكثر تضررًا.

 

من جهتها، تواجه المجموعات الشعبية التي تشكلت من شبكات الناشطين في الأحياء وتصدّت للنظام الاستبدادي لسنوات طويلة، تهديداتٍ متنامية من طرفي النزاع ولا تتلقى الدعم المالي الكافي من الجهات المانحة الدولية.

 

في هذا السياق، قال محمد إبراهيم، وهو عضو إحدى المجموعات المحلية التي تؤمّن وجبات غذائية لسكان حي الجريف غرب في العاصمة المحاصرة: «ثمة مخاطر عديدة تحدق بنا، فتارةً تسقط قذيفة علينا بينما نطهو الطعام، وطورًا يشن [طرفا النزاع] هجومًا مفاجئًا على موقع عملنا».

 

تجدر الملاحظة أن فتيل النزاع اشتعل في السودان في 15 نيسان/أبريل بين قوات الدعم السريع - وهي المجموعة شبه العسكرية الرئيسية في البلاد - والجيش. وقد أسفرت الاشتباكات الدائرة في الخرطوم وإقليم دارفور عن نزوح نحو 4 ملايين شخص.

 

وعلى الأثر، أنشأت شبكات المتطوعين الشبابية «غرف الاستجابة لحالات الطوارئ» في مختلف أنحاء البلاد لمواجهة تداعيات الاقتتال الدائر وانهيار الدولة وجهود الإغاثة الدولية البطيئة.

 

وقد صرّح أعضاء هذه الغرف - التي تأوي النازحين وتدعم المستشفيات وتؤمّن الطعام والمياه - بأن هيكليتها غير المركزية وغير التمييزية ومبادئها المتمحورة حول الأشخاص تعرض نوعًا آخر من السياسة في السودان.

 

وفي مقابلات مع وكالة «ذا نيو هيومانيترين» و«شبكة عاين»، قال المتطوعون إنهم يستندون في عملهم أيضًا إلى تاريخ حافل بالمساعدات المتبادلة في السودان - وهو تاريخ صنعته مجتمعات واجهت الحروب التي شنّتها الدولة والفيضانات وجائحة كورونا خلال السنوات القليلة الماضية.

 

مع ذلك، تحدث المستجيبون عن العراقيل العديدة التي تمنعهم من تأدية عملهم،  مشيرين إلى أنهم معرضون للاعتقال في أي لحظة على يد قوات الدعم السريع والجيش على خلفية اتهام المتطوعين بدعم أخصامهم، وفي مسعى إلى محاولة السيطرة على هذه المجموعات بدلًا من دعهما.

 

وصحيح أن معظم الأموال التي تتلقاها غرف الطوارئ تتأتى من الهبات المحلية أو أموال يرسلها المغتربون، لكنها لا تكفي لتلبية الاحتياجات، على حدّ قول المتطوعين، ناهيك عن صعوبة استلامها بسبب انهيار النظام المصرفي في البلاد.

 

بدورها، أفادت سارة عباس من «وحدة تنسيق الأزمة السودانية» في منظمة «شبكة» ، التي تسلط الضوء على مجموعات الشتات السوداني والمجتمع المدني في قطاع المساعدات الإنسانية، أنه على الرغم من أن بعض المنظمات غير الحكومية الدولية تتعاون مع هذه المجموعات، إن وتيرة التقدّم بطيئة.

 

وأضافت: «لا تحظى مجموعات الاستجابة الشعبية المحلية بالدعم الكافي حتى الآن،  فالعقلية السائدة هي أن الاستجابة المحلية هي مجرد إضافة لاحقة، وليست جزءًا فعليًا من الاستجابة الإنسانية الدولية».

 

أثناء محاولة ملء الشغور:  «قيم رائعة تمخضت عن هذه المحنة» 

 

تشمل غرف الطوارئ العديد من أعضاء لجان المقاومة السودانية. وقد أدت هذه اللجان القائمة على أساس غير هرمي دورًا محوريًا في الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019، ومهّدت الطريق أمام انتقال البلاد نحو النظام الديمقراطي.

 

لكن تم بعدها إقصاء هذه اللجان من العملية الانتقالية.  وفي حين دعت إلى حكم مدني بالكامل، آلت الإجراءات المدعومة دوليًا إلى اتفاقات غير محبذة لتشارُك السلطة بين الجهات الفاعلة العسكرية والسياسيين المدنيين.

 

وخلال الأشهر القليلة الماضية، برزت اللجان وغرف الطوارئ بشكلٍ أكبر بعدما نجحت في سدّ الفجوات التي تركتها مجموعات المساعدات الدولية التي تواجه ما وصفته الأمم المتحدة بالظروف الأصعب في العالم لإيصال المساعدات الإنسانية.

 

فيعجز العديد من وكالات الإغاثة منذ فترة عن العمل في دارفور والخرطوم وغيرهما من المناطق المتأثرة بالنزاع. ونتيجةً لذلك، اضطرت إلى تعليق برامجها وتسريح المئات من عمال الإغاثة ومعظمهم من السودانيين. 

 

وساهمت العراقيل البيروقراطية التي فرضتها السلطات الحكومية بدورها في تقييد عمل الوكالات الدولية. فقد واجهت صعوبات للاستحصال على تأشيرات دخول لموظفيها الوافدين إلى السودان، كما يتمّ باستمرار تعليق العمل بالتصاريح التي تملكها لاستيراد مواد المساعدات الإنسانية.

 

في المقابل، تمكّنت غرف الطوارئ وأعضاؤها من مواصلة العمل في مختلف أنحاء البلاد حيث قدّمت المساعدة اللازمة لتوطيد الروابط ضمن المجتمعات، على حدّ تعبير إبراهيم، وهو أحد المتطوعين في الجريف غرب.

 

وتابع إبراهيم قائلًا أثناء إعداده الفاصولياء لإطعام الناس إن «الجميل في الأمر هو أننا نأتي معًا ونمضي أوقاتًا مسلية، فما نقوم به مفيد لنا ولغيرنا،  وقد تمخضت قيم رائعة عن هذه المحنة، وآمل أن تبقى قائمةً».

 

ومن أبرز مهام غرف الطوارئ تقييم الاحتياجات المحلية وحشد المتطوعين لتلبيتها. فقد يحضر أعضاء هذه الغرف كهربائيين من السكان المحليين لإصلاح خطوط الكهرباء المتضررة أو يقدمون الدعم اللازم إلى أفراد الطاقم الطبي ليستأنفوا عملهم في المستشفيات أو يؤمنون الوقود لسيارات الإسعاف.

 

كما تقدّم هذه المجموعات خدمات خاصة بها أثبتت فعاليتها بعدما حلّت محل خدمات الدولة. فقد تولّت مهمة تنظيم الأماكن المخصصة للنازحين، وأنشأت مطابخ مجتمعية وتعاونيات لشراء المواد الغذائية للأشخاص العالقين في المناطق الأكثر تضررًا بالاشتباكات.

 

وأشارت سارة أحمد، وهي إحدى سكان منطقة الجريف غرب، إلى أن أعضاء غرفة الطوارئ المحلية قطعوا مؤخرًا مسافة 3.5 كلم سيرًا على الأقدام تحت أشعة الشمس الحارقة لتوصيل برميلين من المياه إلى حي الطائف بعد قطع الإمدادات عنه. 

 

وأضافت أن «الطائف بقي بدون مياه لعدة أيام،  فما كان مني إلا أن بحثت عن رقم المتطوعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي لطلب المساعدة، وسرعان ما لبّوا النداء وأحضروا لي المياه. وأنا ممتنة لهم فعلًا».

 

وفي هذا السياق، قالت فيفيان الخير، وهي امرأة حامل تعيش أيضًا في الجريف غرب، إن غرفة الطوارئ كانت بمثابة حبل نجاتها خلال الأسابيع القليلة الماضية.

 

وأوضحت أنها كانت تعجز عن إعالة نفسها والاهتمام بجنينها منذ اندلاع الحرب وكانت تعوّل على الإعانات الغذائية والخدمات الصحية التي كانت تؤمنها الغرفة.

 

قمع السلطات:  «تريد ممارسة أعمالها الفاسدة المعتادة» 

 

لفت العديد من المتطوعين خلال حديثهم إلى وكالة «ذا نيو هيومانيترين» و«شبكة عاين» إلى مدى صعوبة مواجهة التحديات اللوجستية والأمنية التي تنشأ أثناء تقديم هذه الخدمات.

 

هذا وتعمل غرف الطوارئ من دون إنشاء مكاتب دائمة لها خشية التعرض لقصف جوي من الجيش، على حدّ قول المتطوعين. كما أن شبكات الاتصالات ضعيفة وغالبًا ما يكون هناك نقص في مخزون المواد الغذائية والأدوية.

 

وما يزيد الطين بلّة هو أن بعض المجموعات التطوعية شهدت على مقتل أعضائها في الشوارع، وعانت مجموعات أخرى من نقصٍ في العديد لأن الناشطين كانوا يغادرون المناطق عندما يتدهور الوضع الأمني أو عندما تسنح لهم الفرصة.

 

هذا وازدادت وتيرة تعرض غرف الطوارئ للهجمات من السلطات العسكرية التي تراودها الشكوك بشأن المتطوعين على خلفية ارتباطهم بلجان المقاومة التي تعارض الحكم العسكري.

 

في هذا الإطار، ذكر أحد المتطوعين من ولاية النيل الأبيض يُدعى آدم أحمد أن «شباب غرفة الاستجابة لحالات الطوارئ كانوا يبذلون جهودًا جبارة،  أما الآن فباتوا مستهدفين من السلطات بسبب تصنيفهم السياسي كأعضاء في لجان المقاومة».

 

وأضاف أحمد أن السلطات في النيل الأبيض أمرت مؤخرًا بإقفال إحدى غرف الطوارئ، وشكّلت لجنةً لإدارة أحد الملاجئ التي كان المتطوعون قد أنشؤوها للنازحين الهاربين من الخرطوم.

 

وفي سياقٍ متصل، أوضح سامي كمال الذي يعمل في غرفة طوارئ في مدينة القضارف شرق السودان أن السلطات المحلية حاولت أيضًا تفكيك المجموعة التطوعية التي ينتمي إليها لكي تتمكن من التحكم بالمساعدات الإنسانية التي تصل إليها.

 

وأضاف: «تريد ممارسة الأعمال الفاسدة التي دأبت عليها في الماضي،  فغرف الطوارئ هي التي تحرص على وصول المساعدات إلى من يستحقها وليس السلطات، وحتمًا لا يروق لها هذا الوضع».

 

إلى ذلك، لفت متطوع آخر يدعى عمر ريجال إلى أن المجموعة التطوعية التي ينتمي إليها والتي توفر الملجأ والطعام للنازحين في ولاية سنار رفضت التعاون مع السلطات المحلية. 

 

وقال: «لقد رفضنا لأننا نعلم نواياهم جيدًا.  فلا يريدون توفير المواد الغذائية إلى النازحين، بل يسعون إلى تطبيق أجندة مصالحهم الشخصية.  ونحن لا نريد التفريط بالثقة التي منحنا إياها المجتمع المحلي والتجار».

 

تردد الجهات المانحة: «نحن نسعى فعلًا إلى تعزيز عقلية الشراكة»

 

يؤكد أعضاء غرف الطوارئ أن مبادراتهم تحظى بدعم الشتات والمجموعات المحلية، بما في ذلك المساجد والكنائس والشركات المحلية والتجار.  إلا أنهم أعربوا عن الحاجة إلى دعم مالي أكبر.

 

وفي هذا الإطار، ذكر أحمد التاي، وهو عضو إحدى لجان المقاومة في مدينة ود مدني الواقعة جنوب شرق الخرطوم، أن النازحين يعيشون ظروفًا شاقة لا يمكن للمتطوعين المحليين معالجتها بالكامل.

 

وأوضح أن «هناك نقص كبير في المواد الغذائية، وحتى أن العديد من النازحين بالكاد يتناولون وجبة واحدة في اليوم»،  وتابع قائلًا: «ثمة مساعٍ شعبية كبيرة لمساعدتهم لكن أعداد النازحين ضخمة وهي آخذة في الازدياد،  لذا نحن بحاجة إلى تدخل جهات دولية تملك القدرات اللازمة».

 

هذا وأفاد المسؤولون عن المساعدات وكالة «ذا نيو هيومانيترين» و«شبكة عاين» بأن غرف الطوارئ تحظى بدعم العديد من المنظمات غير الحكومية الدولية، لكن معظم أموال المانحين لا تزال تحت سيطرة وكالات الأمم المتحدة وهذه المنظمات بدرجة أقل.

 

أما سارة عباس من منظمة «شبكة» فرأت أن المنظمات الدولية معتادة بشكلٍ أكبر على إبرام الشراكات مع المنظمات غير الحكومية الوطنية في السودان التي تعمل بطريقة مختلفة تمامًا عن غرف الطوارئ «المرنة» والقائمة على العمل التطوعي.

 

ولربما تكون خطط تقديم دعم دولي أكبر في هذا المجال قيد الإعداد.  فقد صرّحت مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية سامانثا باور في يونيو بأن الوكالة تريد الانتقال من نموذج المساعدة الذي يعوّل على الأمم المتحدة إلى نموذج آخر يعترف بالمجموعات المجتمعية الفاعلة في السودان.

 

لكن هذا الدعم قد لا يخلو من المشاكل.  فقد حذّر عمال الإغاثة من أنه قد يثقل كاهل غرف الطوارئ بإجراءات التدقيق البطيئة التي تفرضها الجهات المانحة، ويلفت انتباه طرفي النزاع اللذين يريدان التحكم بالمساعدات الإنسانية.

 

وإدراكًا منها للتهديدات الأمنية القائمة، قرر العديد من المنظمات غير الحكومية الدولية التي تموّل غرف الطوارئ عدم التحدث علنًا عن الجهود التي تبذلها، على حدّ قول أحد كبار عمال الإغاثة طلب عدم الكشف عن هويته.

 

وسلّطت سارة عباس أيضًا الضوء على احتمال استعانة وكالات المساعدات الدولية بالمتطوعين كحل قصير الأجل لتجاوز تحديات الوصول إلى المناطق السودانية بدلًا من محاولة إيجاد وسيلة طويلة الأمد لمساعدة المتضررين من النزاع.

 

وأضافت أن «تعويل الوكالات على المجتمع المدني حاليًا لتلبية الاحتياجات الفعلية على أرض الواقع هو في غاية الأهمية،  لكن لا يجب اعتباره حلًا مؤقتًا،  فنحن نبذل قصارى جهدنا للدفع باتجاه عقلية الشراكة في هذا المجال».

 

خطة أولية للمستقبل: «استبدال الدولة المهيمنة بالمجالس الشعبية»

 

رأى عضو لجنة المقاومة محمد عبيد أنه لا يجب النظر إلى غرف الطوارئ على أنها مجموعات إنسانية فحسب،  لافتًا إلى أنها طبّقت نموذجًا جديدًا لتقديم الخدمات بطريقة غير مركزية يمكنه أن يحلّ محل الدولة نفسها.

 

وأضاف: «أعتقد أن هذه الغرف هي تطور طبيعي للمجموعات الشبابية السودانية التي تدخل مبدأ الحوكمة الذاتية إلى الأحياء، لتحلّ بذلك محل الدولة المهيمنة عبر المجالس الشعبية... بناءً على مطالب الشعب وليس أسياد الحرب».

 

من جهته، أوضح إبراهيم الذي يعمل في غرفة طوارئ الجريف غرب أن المبادئ التي يطبّقها المتطوعون تقف على طرف نقيض من السياسة الانقسامية التي انتهجتها الأنظمة السودانية ماضيًا وحاضرًا.

 

وتابع قائلًا: «علينا التصدي للكراهية والعنصرية،  فهنا الجميع سواسية ولا أحد أفضل من الآخر،  ولا أحد هنا يسأل الناس عن خلفيتهم أو ينظر إليهم بفوقية».

 

* تمّ تغيير أسماء الأشخاص بغرض حمايتهم وعدم الكشف عن هويتهم.

تم إعداد هذا التقرير بتمويل من «شبكة إتش 2 إتش» (H2H Network) التابعة لـ«صندوق إتش 2 إتش» (H2H Fund) المدعوم بدوره من الوكالة البريطانية للتنمية الدولية.

شارك في إعداد التقرير كل من طوم رودس المتواجد في نيروبي وفيليب كلاينفلد المتواجد في لندن، وروح ناصر المتواجدة في الخرطوم، وهي عضو في المجموعة التطوعية العاملة في غرفة طوارئ الجريف غرب.  وتولى تحريره أندرو غالي

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join