Help us amplify vital stories and drive change in underreported crises.

Support our work.
  1. الرئيسية
  2. Global

مقابلة: لماذا حان الوقت لوقف استخدام شعار «سباق التسلح»

«دعوهم يستخدموا المرحاض بسلام».

A composite illustration of carton boxes. Each carton box has a logo of a humanitarian organization or INGO. The logos are crossed out with black brush strokes.

قال الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين جان إيجلاند إن «سباق التسلح» على وضع شعارات الجهات المانحة ووكالات المساعدات على كل شيء بدءًا بالخيم وصولًا إلى المراحيض بات خارج السيطرة. 

 

فبعدما ضاق ذرعًا بما وصفه بـ«مهرجان الأسماء والأعلام والشعارات» على المساعدات الإنسانية، أكّد إيجلاند أن المجلس سيبدأ مراجعةً شاملةً في وقتٍ لاحق من هذا العام لإعادة تقييم طريقة استعمال شعاره.

 

وفي هذا السياق، شدد الأمين العام في مقابلة مع وكالة «ذا نيو هيومانيترين» على ضرورة أن يتمتع الأشخاص الذين يستفيدون من المساعدات «بأدنى حقوقهم الإنسانية بأن يكونوا أشخاصًا لهم كيانهم الخاص، وليس مجرد صور على ملصقات تابعة لمنظمات بعيدة».

 

فقد أصبحت العلامات التجارية والشعارات التي لا تحصى منتشرةً على نطاقٍ واسع في مخيمات اللاجئين وغيرها من السياقات الإنسانية التي تتلقى المساعدات الدولية.

 

ويبدو أن وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية ترى ضرورةً في وسم المساعدات التي ترسلها، لا سيما أنها تعمل في بيئة تحتدم فيها المنافسة ويتراجع فيها تمويل الجهات المانحة يومًا بعد يوم.

 

وتسعى الحكومات المانحة من جهتها إلى إظهار مصدر المساعدات وإعلام مواطنيها بطريقة صرف أموال الضرائب التي يدفعونها. فغالبًا ما يتمّ ذكر العلامات والشعارات في عقود المشاريعباعتبارها جزءًا من المتطلبات الدنيا «للشفافية والوضوح». 

 

ففي عام 2012، أعلنت وزارة التنمية الدولية البريطانية سابقًا أنه سيتمّ وضع علم المملكة المتحدة على المساعدات البريطانية مشددةً على أن «بريطانيا تستحق التقدير على النتائج التي تحققها مساعداتها.

 

ولطالما كان العرض المفرط للعلامات التجارية محط انتقادات  باعتبار أنه مُهين للمستفيدين من المساعدات وأنه يرسخ الطبيعة الاستعمارية للمساعدات الدولية، أو بالأحرى يقلل من شأن الدول والحكومات المضيفة والمجموعات الإنسانية المحلية.

 

وتحدث أيجلاند لوكالة «ذا نيو هومانيترين» عما جعله ينفجر غضبًا علنًا إزاء هذا الموضوع، وعن الأسباب التي تدفعه إلى الاعتقاد بأن المشكلة تزداد سوءًا وعن عدد الشعارات التي يمكن حشرها في مرحاض واحد.

 

تمّ تنقيح هذه المقابلة لأغراض الوضوح والإيجاز.

 

وكالة «ذا نيو هيومانيترين»: في تغريدة لك على موقع «تويتر»، كتبت: «إنّ هذا العرض المبالغ فيه للعلامات التجارية الخاصة بالجهات المانحة ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية أمثالنا على كل شيء، من حقائب المدرسة والخيم والملاجئ وصولًا إلى المراحيض والمراكز الصحية، هو أمر بشع ويزداد بشاعةً يومًا بعد يوم.  فالترويج للجهات المانحة ليس من مسؤولية الأطفال المحتاجين».  ما الذي دفعك إلى كتابة هذه التغريدة؟

 

جان أيجلاند:  لم أكن أبدًا راضيًا عن هذا الوضع. وفي كل مرة كنت أزور فيها أحد المخيمات، كنت أرى جميع هذه الملصقات، وأسماء 
جميع هذه الوكالات والجهات المانحة على حياة أشخاص فقراء وضعفاء للغاية. لم يعجبني الأمر يومًا وغالبًا ما كنت 
أعترض عليه. حتى أنني جاهرت به في المؤتمرات الدولية قائلًا «ألا يجدر بنا جميعًا التخفيف من هذه المظاهر؟» 

 

وأعتقد أن هناك دينامية محددة تؤدي إلى هذه الممارسة : عندما يأتي أحد المانحين إلى مكان ما ليرى أين أُنفقت أمواله، يجد أسماء المنظمات والوكالات – الأمم المتحدة والصليب الأحمر والهلال الأحمر والمنظمات غير الحكومية الدولية في كل زاوية – فيقول: «نحن من موّل كل هذا  ويجب أن يعلم الجميع بذلك.  علينا أن نبرر للمكلفين الضريبيين أين صرفت أموالهم».

 

لذلك، تدخل الجهات التي تُعرض شعاراتها في نوعٍ من سباق التسلح.  وأعتقد أنه علينا جميعنا أن نخفف من هذه المظاهر. 

 

وكالة «ذا نيو هيومانيترين»: أعطنا فكرة عمّا يبدو عليه الأمر على أرض الواقع.  ففي مخيمات لاجئي الروهينغا في بنغلادش مثلًا، كثيرًا ما يتحدث قاصدو المكان عن العلامات التجارية المنتشرة في كل زاوية من زواياها.

 

أيجلاند: نادرًا ما تجد خيمة أو مبنى أو إنشاءً لا يحمل اسم المنظمة التي شيّدته والجهة المانحة التي مولّته. وهذا أمر مزعج نوعًا ما. 
ويدلّ على أن «المخيم ليس منزل اللاجئين. هو ملك لنا». فنحن من صنعه ويحق لنا أن نترك بصمتنا فيه. ولذلك، تحوّلت المخيمات اليوم إلى مهرجانات للأسماء والأعلام والشعارات...

 

وأذكر في إحدى المرات، كان اللاجئون في أحد المخيمات بحاجة ماسة إلى الخيم.  فقمنا بتأمينها ووقتها قالت الوكالة المسؤولة عن تنفيذ هذه المهمة - «هل تحمل الخيم علامة المجلس النرويجي للاجئين؟  إذا كانت لا تحمله فلا يمكننا أن نقبل بها.  يجب أن تحمل الخيم شعارنا» – وهذا ما تسبب بتأخر وصول الخيم إلى اللاجئين.  اعتقدت أن هذا كان لا يصدق.

 

وكالة «ذا نيو هيومانيترين»: بحسب قولك، غن المجلس هو جزء من المشكلة أيضًا.  فما الذي ستفعله بهذا الخصوص؟ 

 

أيجلاند: سنجري في المجلس النرويجي للاجئين مراجعةً شاملةً لنعرف أين ينبغي وأين لا ينبغي لنا وضع علاماتنا التجارية.  لذا آمل أن تكون هذه المراجعة مفيدة، بحيث نتمكن على ضوئها من التواصل مع الجهات المانحة ومطالبتها بـ «العمل معًا على التقليل من هذه المظاهر»

 

وكالة «ذا نيو هيومانيترين»: ما الذي حفّزكم على إجراء هذه المراجعة؟

 

أيجلاند: قررنا إطلاقها على خلفية التغريدة الغاضبة التي سبق وأشرتَ إليها في هذه المقابلة. فحينها، صدحت عدة أصوات – دولية وداخل المجلس – تؤيد ما قلته.  وعندما سألوني عمّا إذا كنت أقبل بإجراء مراجعة والبحث في إمكانية التخفيف من هذه المظاهر، قلتُ «نعم، حتمًا».

 

وقد سبق لي أن رأيت أسماء المنظمات والجهات المانحة على أصغر المراحيض.  فلندعهم أقلّه يستخدمون المرحاض بسلام،  ولنفكّر بعدها في عرضٍ حقيقي تستند إليه الجهات المانحة لتُطلع المكلفين على طريقة صرف أموالهم.  صدّقني، أنا أفهم ذلك.  فقد كنت وزير دولة في وزارة الخارجية النرويجية لفترة طويلة. والانطباع السائد هو أن الدول تضخّ مليارات الدولارات في المخيمات كل عام، ولا شيء يتغير أو يتحسن.  وأعتقد أن هناك حاجة حقيقية لنشرح للدول المانحة والمانحين الأفراد والأعضاء والمتطوعين بأننا نحرز تقدمًا، وبأننا نساعد وننقذ أرواحًا ونوفر حلولًا دائمة ونؤمن عيشًا كريمًا ونستحدث فرص عمل ونقدّم للمستضعفين مخرجًا من مأساتهم.

 

لكن دعونا نفعل ذلك أكثر من خلال سرد روايات هؤلاء وإعطائهم صوتًا ليُخبرونا بما حدث معهم وربما تنظيم زيارات [للجهات المانحة] وما إلى ذلك.  فليس من الضروري أن يرى الزوار الشعارات ملصقةً في كل مكان،  فهناك أساليب أخرى لنخبر الجهات المانحة والمتطوعين أن استثمارهم مجدٍ.

 

وكالة «ذا نيو هيومانيترين»: ما الذي ترغب برؤيته في عالم مثالي؟

 

أيجلاند: في عالمٍ مثالي، أرانا نضع علامتنا التجارية على التجهيزات والمنشآت الخاصة بنا – أي المستودعات والمكاتب والآليات – كي يعلم الجميع من نحن وأين نذهب ويكونون على ثقة من أن جميع تنقلاتنا مسؤولة ويعلمون من اشترى الأغراض التي نحضرها.  في عالمٍ مثالي، أرى الشعارات غير منتشرة على الخيم والحقائب المدرسية.  فأنا عن نفسي لا أرى جدوى من وضع شعارات أي منظمة أو وكالة، بما فيها المجلس النرويجي للاجئين، على خيم يسكن فيها أشخاص فقدوا كل شيء.

 

وأفضل ما يمكن أن أراه في هذا العالم المثالي هو دلائل قليلة جدًا على هوية الوكالة الفعلية أو الجهة الفعلية المانحة للمساعدات بحيث يسعنا القول إن هذه الأخيرة هي ملك للاجئين،  لقد أعطيناهم إياها وأصبحت لهم.

 

وكالة «ذا نيو هيومانيترين»: ما هي احتمالات حصول ذلك فعلًا؟

 

أيجلاند: أنا لست ساذجًا  وأعلم أننا بعيدون كل البعد عن هذا الواقع.  لكنني أتوقع تفاقم هذه البيئة التنافسية على التمويل، فهذا الأخير آخذ في التراجع. فعام 2024 سيكون عامًا صعبًا للغاية، وحتى أن العام 2023 هو عام صعب للغاية بالنسبة لوكالات مرموقة وكبيرة – سنواجه ضغوطًا إضافية تصعّب علينا أن نبيّن للعالم أننا نبلي بلاء حسنًا وأننا بحاجة إلى المزيد من المال:  «انظروا إلى ما ننجزه، أرسلوا المزيد من الأموال».  لذا أرى المزيد من الدوافع لنشر العلامات التجارية بوتيرة أكبر.  وأودّ أن أقول إن التخفيف من هذه العلامات سيصب في مصلحة الأشخاص الذين نساعدهم.

 

وكالة «ذا نيو هيومانيترين»: أنت أحد أبرز قادة جهات المساعدة الإنسانية العامة.  لقد تحدثت عن التمويل:  أعتقد أن أحد الأسباب التي تجعل شخصًا مثلك يظهر في العلن هو أن تُبيّن للعالم ما تقوم به من عمل وتحصل على التمويل اللازم دعمًا لهذا العمل.  فهل أنت بحاجة أيضًا للتخفيف من علامتك التجارية، أو بمنعى آخر من ظهورك العلني؟

 

أيجلاند: برأيي المتواضع، لا يرتبط ذلك بالعلامة التجارية بتاتًا.  بل يصب في جهود المدافعة.  وما يجعلني شخصية عامة ويزيد من ظهوري العلني هو مشاركتي المستمرة في معركة الكفاح من أجل حماية المدنيين، والحصول على المزيد من المساعدات للأشخاص الذين يعانون، وجذب انتباه العالم إلى الفظائع والانتهاكات المرتكبة.

 

ولكنني أحاول تجنب المقابلات الشخصية وأنا على هذه الحال منذ سنوات.  لذلك، تراني لا أجيب على أسئلة من قبيل، هل لديك كلب أو ما رأيك بمسألة معينة أو كيف هي حياتك الأسرية.  في المقابل، يسرني إجراء مقابلة عن أفغانستان أو السودان أو النيجر.  فهذا واجبي.  وأنا أرغب أن أرى عددًا أكبر من القادة يتحدثون علنًا عن مواضيع ترتبط بالمعركة التي نخوضها.

 

وحتمًا سأقول لنخفف من المظاهر الاستعراضية على شاكلة  «شاهدوا مدى روعة المنظمة التي أنتمي إليها».  ما أريد قوله هو أنني أبالغ ربما لكنني أحاول تجنب المبالغة في الحديث عمّا يقوم به المجلس في مكان ما.

 

ففي أفغانستان مثلًا، أحاول أن أقول في إطار جهود المدافعة التي نبذلها:  لقد أبرمنا اتفاقات محلية بشأن عمل المرأة.  واستأنف 80% من زملائنا العمل.  ونحن نقدم الإغاثة.  شأننا شأن العديد من المنظمات الأخرى.  وليس صحيحًا أنه لا يمكننا العمل في أفغانستان:  يمكننا العمل لكن لا يزال هناك حظر على عمل المرأة وهذا أمر مثير للغضب، وعلينا استخدام استراتيجية الدفع والسحب وممارسة أقصى الضغوط على سلطات طالبان والقيادات لتغيير هذا الواقع.  هذه هي الرسالة التي أريد إيصالها. 

 

وكالة «ذا نيو هيومانيترين»: أذكر الرحلات التي قمت بها إلى أفعانستان في وقت سابق من هذا العام. فقد بدا لي حينها أن وجودك لم يكن ضروريًا، ولم يكن هناك من داع لتوجيه تلك الرسالة بهذه الطريقة العلنية. فالمفاوضات كانت جاريةً، وكان سبق لزملائك 
في المجلس وزملاء لك في منظمات غير حكومية دولية أخرى أن أبرموا اتفاقات محلية على مستوى المقاطعات لمواصلة العمل كالمعتاد. ولم يكن وجودك ضروريًا. فلماذا ذهبت؟

 

أيجلاند: أتمنى لو كان باستطاعة زملائي المحليين لقاء أي وزير أو محافظ قندهار مثلًا – لكنهم لم يستطيعوا. ولهذا السبب، ذهبت 
ممثلًا المستويات الأعلى في منظمتي والتقيت القيادات الأفغانية وبلّغتها وجهًا لوجه بأننا لن نعمل من دون زميلاتنا من النساء...

 

أنا واثق من أن ما فعلته يصب في خانة المدافعة الفعالة.  وشيئًا فشيئًا فهموا أنهم إذا ما أرادوا منّا مساعدة الشعب، عليهم بأن يتقبلوا حقيقة أن عملنا لا يقتصر على الرجال، وأن العمل من دون العنصر النسائي لم ولن يحصل. 

 

ومن المفيد دائمًا مناقشة ماهية المدافعة الفعالة.  فأرى أن تسمية الأشياء بأسمائها واعتماد نهج متسق وصريح سيبقى على الدوام الوسيلة الأفضل، وهو لا يمت بصلة للعلامات التجارية.

لمشاهدة نسخة مصوّرة ومنقّحة عن هذه المقابلة، أنقر هنا.

 

 

Share this article

Our ability to deliver compelling, field-based reporting on humanitarian crises rests on a few key principles: deep expertise, an unwavering commitment to amplifying affected voices, and a belief in the power of independent journalism to drive real change.

We need your help to sustain and expand our work. Your donation will support our unique approach to journalism, helping fund everything from field-based investigations to the innovative storytelling that ensures marginalised voices are heard.

Please consider joining our membership programme. Together, we can continue to make a meaningful impact on how the world responds to crises.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join