أفادت دراسة حديثة صادرة عن منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسف) أن أكثر من نصف أطفال الأردن [الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و 18 عاما] يتعرضون للعنف الجسدي أو لنوع من أنواع السلوك العدواني من طرف آبائهم أو مدرسيهم. حيث أصبح الضرب أو الصفع أو السب أمرا اعتياديا بالنسبة للكثير من الأطفال سواء في البيت أو في المدرسة.
وأشارت هذه الدراسة، التي اعتمدت على عينة بحث قوامها حوالي 1,000 طفل، إلى أن 70 بالمائة من هؤلاء الأطفال أفادوا أنهم يتعرضون للسب من طرف آبائهم، في حين أفاد 53 بالمائة منهم أنهم يتعرضون للضرب وقال 34 بالمائة أنهم يتعرضون للإساءة الجسدية.
ولا يختلف الحال في المدارس عما هو عليه في البيوت، حيث يشكو 71 بالمائة من الأطفال من إهانة مدرسيهم لهم أمام الملأ. كما تنتشر في المدارس أيضا حالات الإساءة الجسدية حيث أفاد 57 بالمائة من الأطفال أنهم يتعرضون لإساءات جسدية كبيرة من طرف مدرسيهم.
وفي هذا السياق، أفاد سالم، وهو مدرس بمدرسة حكومية، أن الآباء عادة ما يشجعون المدرسين على تأديب أطفالهم بغية تحسين مستواهم التعليمي. حيث قال أن بعض الآباء يأتون إلى المدرسة ليطلبوا منا ضرب أطفالهم"، مشيرا إلى أن 80 بالمائة من المدرسين على الأقل يقومون بضرب طلابهم باستمرار.
وقد أقر سالم أنه نفسه يقوم بضرب "بعض أنواع الطلاب" خصوصا أولئك الذين يعاندونه أو يعصونه سواء خلال الدرس أو خلال فترة الاستراحة. وأوضح أنه "إذا لم يقم المعلم بضرب الطلاب فإن الفوضى ستعم الفصل وستتسبب في حرمان الطلاب الجيدين من فرصة التعلم".
ويصل معدل السعة الاستيعابية للفصل في المدارس الحكومية إلى 40 طالبا، في حين يرتفع هذا المعدل إلى 55 طالبا للفصل الواحد في المدارس التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
ويواجه أحد زملاء سالم حاليا إجراءات تأديبية نتيجة تسببه في تمزق طبلة أذن أحد الأطفال في فصله بعد أن قام بصفعه بسبب سوء السلوك. وقد تصل عقوبة هذا المعلم الشاب الذي تم تعيينه في العام الماضي إلى الفصل حسب مصدر من وزارة التعليم.
انخفاض مستوى احترام الذات
يرى خبراء اليونيسف أن عدم اعتراض الآباء على تعرض أبنائهم للضرب يجعل من الصعب محاربة هذه الظاهرة والقضاء عليها. بل أن مسؤولة حماية الطفل والنوع الاجتماعي بالمنظمة، مها حمصي، أفادت أن المشكل يزداد تفاقما مع الوقت.
كما أشارت حمصي إلى أنه "بالرغم من معاناة الأطفال الذين يتعرضون للإساءة من تدني الشعور بالرضى عن الذات وعدم الارتياح للظروف التي يعيشونها إلا أن ذلك لا يزعج أهاليهم كثيرا". وأضافت أن "ما يحدث عادة هو أنه عندما يُسمَح باستمرار مثل هذه السلوكيات لفترة معينة فإنها تصبح مألوفة ومقبولة اجتماعيا".
وفي نفس السياق، أفادت دراسة سابقة كان قد أجراها المجلس الوطني لشؤون الأسرة عام 2005 أن واحدا من كل ثلاثة أشخاص أقر بسماعه عن مظاهر العنف الأسري أو معاينته لها شخصيا. كما أظهرت هذه الدراسة التي تناولت بالبحث حوالي 15,000 شخص أن معظم حالات الإساءة تصدر عن الأب يليه في ذلك الأخ ثم الأم.
"