1. الرئيسية
  2. Asia
  3. Pakistan

نظام عالي التقنية للإنذار المبكر في روالبندي الباكستانية

A water level gauge in the Gawalmandi neighborhood, Rawalpindi, along the Lai Nullah Umar Farooq/IRIN

يلعب نحو عشرة أطفال لعبة الطبق الطائر في منتزه في حي جاوالماندي في روالبندي، تحت ظل برج يبلغ ارتفاعه 30 قدماً ويوجد في قمته مكبران للصوت. ويقول أحدهم: عندما ينطلق صوت الإنذار، فهذا يعني أن ثمة طوفان قادم، وبالتالي ينبغي أن نغادر المكان".

وتعليقاً على مخاطر الفيضانات، روى مالك إعجاز فيصل، الذي يعمل في ورشة سيارات بالقرب من المكان، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) كيف أدى الفيضان الذي وقع عام 2001 إلى مقتل ابني أخيه، مالك فهد (16 عاماً)، ومالك زيد (18 عاماً)، وصديقهما، محمود (21 عاماً).

"اندفعت المياه بسرعة، ولم يكن لدينا وقت كاف ... لم تكن لدينا فرصة لإنقاذهم". فقد اندفعت مياه غزيرة على روالبندي وصلت إلى 620 ملم في 10 ساعات، مما أدى إلى فيضان شبكة المصارف ومجاري المياه العشوائية في المدينة، وتسببت في إغراق المناطق بنحو 30 قدماً من المياه، الأمر الذي أسفر عن مقتل 74 شخصاً.

وفي محاولة لتحسين جاهزيتها في المناطق الحضرية المعرضة للفيضانات، تسعى السلطات الباكستانية إلى بناء أنظمة متطورة لرصد الفيضانات والتنبؤ بها، على أمل أن تستطيع إنذار السكان المحليين قبل وقوع الفيضانات ببضع ساعات حتى يتمكنوا من مغادرة المنطقة والذهاب إلى منطقة أكثر ارتفاعاً.

وفي هذا الصدد، أوضح شيزاد عدنان، الخبير في مجال التصدي للفيضانات في إدارة الأرصاد الجوية في باكستان: "في معظم الحالات، يمكنك التنبؤ بالفيضانات قبل الموعد المحدد بأكثر من 12 ساعة، ويمكن إخبار الناس حتى يتمكنوا من مغادرة المنطقة ...ولكن في حالة الفيضانات السريعة، عادة ما يكون الوقت المتاح قصيراً جداً، بضع ساعات فقط، لذا من المهم جداً إبلاغ الناس بالمعلومات في إطار زمني قصير".

وتقع ورشة فيصل في منعطف بالقرب من لاي نولاه، وهو عبارة عن مجرى مائي يمتد عبر المدينة وتتجمع فيه المياه التي تتدفق باتجاه الجنوب من ستة روافد قادمة من تلال مارجالا، التي تقع على بعد نحو 15 كيلومتراً من الشمال. وحتى مجرد الاستحمام يجعل المجرى يفيض على جانبيه.

من جانبها، تشير بيانات الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث إلى أن هناك أكثر من 50 إقليم في باكستان تقع مباشرة في مسار الفيضانات السريعة، التي تحدث عادة خلال موسم الرياح الموسمية، في الفترة بين شهري يوليو وسبتمبر من كل عام. ويؤدي ذوبان الأنهار الجليدية في الشمال إلى رفع مستويات المياه في الأنهار، وإلى هطول أمطار موسمية غزيرة وتجمع المزيد من المياه. وفي العام الماضي، لقي 234 شخصاً مصرعهم جراء الفيضانات التي حدثت في باكستان، ودمرت أكثر من 21,000 منزل تماماً.

قياس مستوى المياه

وتوجد ستة مجسات لمياه الأمطار ومجسين لقياس منسوب المياه إضافة إلى طاقة احتياطية تصل إلى خمسة أيام في مجرى لاي نولاه، حيث تقوم تلك الأجهزة بأخذ القياسات المطلوبة كل دقيقتين. ثم تنتقل هذه البيانات لاسلكياً إلى غرفة تحكم في إسلام أباد، حيث يوجد المقر الرئيسي لإدارة الأرصاد الجوية.

ويستخدم خبراء الأرصاد الجوية، داخل هذا المقر الرئيسي، مثل هذه المعلومات للتنبؤ بالفيضانات ويقومون بإرسال هذه التوقعات إلى غرفة التحكم في روالبندي. ومن ثم يصبح بإمكان مسؤولي المدينة إصدار تحذيرات للسكان استناداً إلى ما يشاهدونه. وفي 10 نقاط في المناطق الأكثر عرضه للفيضانات في المدينة، يمكن لمحطات الإنذار- أبراج مثل تلك الموجودة في جاوالماندي- إصدار تعليمات إلى السكان بالذهاب إلى أراض أكثر ارتفاعاً، أو مغادرة المنطقة تماماً.

ومن داخل المقر الرئيسي، قال عثمان خالد، وهو يقف أمام شاشتين في غرفة التحكم في روالبندي تعرضان مستويات المياه في كافة أنحاء المدينة في الوقت الحقيقي تقريباً: "نحن نصدر تعليمات بالإجلاء ثلاث مرات تقريباً كل عام".

اندفعت المياه بسرعة، ولم يكن لدينا وقت كاف ... لم تكن لدينا فرصة لإنقاذهم
والفكرة هي أن نكون قادرين على إصدار تنبيهات بالإجلاء قبل حدوث الفيضانات بـ 60 دقيقة. وعندما يرى خالد أن منطقة ما معرضة للخطر، يلتقط سماعة الهاتف الموجود على مكتبه ويخاطب سكان المنازل الذين يعيشون على مسافة 300 متر من أي من محطات الإنذار العشر الموجودة في المنطقة.

وأضاف قائلاً: "لم تكن استجابة الناس إيجابية...لا أحد يريد أن يغادر ممتلكاته، لذا فإنهم يقفون على الجسور أو أي أرض مرتفعة يجدونها".

ولكن النظام كان مفيداً مثلما حدث خلال الفيضانات التي حدثت في العام الماضي. "كانت الساعة الثانية صباحاً، ورأينا أن الفيضان كان قادماً، لذا أطلقنا ناقوس الخطر للإجلاء. وعلى الرغم من أن الناس لم يغادروا المنطقة، ولكنهم استيقظوا وأدركوا ارتفاع منسوب المياه في الخارج، فذهب عدد كبير منهم إلى أراض أكثر ارتفاعاً".

وفي عدد قليل من المرات، اضطر المسؤولون للاستعانة بالشرطة والجيش لإجبار الناس على مغادرة منازلهم. وعلى الرغم من أنه لا يزال يتم فقدان ثلاثة أو أربعة أشخاص جراء الفيضانات في المدينة كل عام، إلا أن هذا يشكل تحسناً ملحوظاً مقارنة بالفترة التي سبقت تركيب هذا النظام في عام 2007.

وعلى الرغم من أن هناك أدلة على الفوائد المالية للاستثمار في مجال الحد من خطر الكوارث، إلا أنه من الصعب توفير ملايين الدولارات اللازمة لتوسيع هذه المخططات.

والجدير بالذكر أن تكلفة إدخال نظام الإنذار المبكر في لاي نولاه في مدينة روالبندي، التي بلغت قيمتها نحو 5.5 مليون دولار، قد جاءت في شكل منحة من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي.

وفي هذا السياق، قال عظمت حياة خان، مدير شعبة الكمبيوتر والاستشعار عن بعد في إدارة الأرصاد الجوية، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين):"لقد حددنا 24 موقعاً عبر باكستان، بما في ذلك المناطق الحضرية التي تحتاج لنظم الإنذار المبكر". وقد اقترحت خطة إدارة الكوارث الوطنية في باكستان تطبيق هذه النظم منذ عام 2012، ولكن لا يوجد تمويل حكومي.

وستكون هذه النظم تطوراً عن النظم الأولية التي تستند على التنبؤات الجوية أكثر من القياسات العلمية.

وفي منطقة شيترال شمال غرب باكستان، اعتاد المقيمون على الفيضانات السريعة التي تحدث بشكل دوري ويمكن أن تمحو قرى بأكملها.

وبعد تساقط ثلوج وحدوث فيضانات غزيرة في عام 2007، التي تسببت في مقتل 78 شخصاً، طور المركز الدولي للتنمية الجبلية المتكاملة ومنظمة فوكاس للمساعدة الإنسانية، برنامجاً لتشكيل فرق مجتمعية للاستجابة للطوارئ في أربع قرى على طول نهر يارخون. وتستطيع هذه الفرق تحذير السكان المحليين بسرعة لإخلاء منازلهم.

وتعليقاً على هذا البرنامج، قال نياز علي من منظمة فوكاس: "يمكننا أن نقدم بعض التوجيهات، ولكن لا يوجد لدينا نظام لكشف الفيضانات السريعة والتصدي لها، ولا توجد لدينا طريقة لإرسال تنبيهات فورية باستخدام أجهزة الكمبيوتر...ينبغي أن يكون لدينا نظام جيد مثل ذلك الموجود في روالبندي، لكنه مكلف للغاية".

عقبات التمويل

وقد أعرب شاه ناصر عن أمله في أن يحصلوا على نظام على غرار ذلك الذي يوجد في روالبندي، مشيراً إلى أن التمويل يظل عقبة تعوق حصولهم عليه: "الحكومة لديها أولويات أخرى، وتطوير برنامج استباقي لإدارة مخاطر الكوارث عادة ما يأتي في مرتبة متأخرة في قائمة أولوياتها".

وأضاف ناصر، الذي يترأس وحدة استراتيجية مخصصة لنظم الإنذار المبكر في هيئة إدارة الكوارث الإقليمية في خيبر بختون خوا: "لقد طلبنا ميزانية قدرها 1.5 مليار روبية ( أي ما يعادل نحو 15 مليون دولار)، لكن حصلنا على ما بين 200 إلى 300 مليون روبية فقط".

ويقول خبراء الأرصاد الجوية أن الاحتياجات الأساسية مثل أنظمة مراقبة الطقس قد تأخرت لسنوات. والأنظمة الحالية لا تغطي معظم الإقليم، والحال على ما هو عليه منذ عام 2005. وعلى الرغم من أن السلطات تخطط لتركيب أنظمة مراقبة الطقس بقيمة 300 مليون روبية في شيرات، بالقرب من مدينة بيشاور، إلا أنه لم يتم تخصيص أي تمويل لذلك.

ومن المقرر خلال هذا الشهر أن يحصل الفريق الذي يعمل مع ناصر على نحو مليون روبية كجزء من برنامج يموله مكتب المفوضية الأوروبية للشؤون الإنسانية (إيكو) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لإقامة نظام رائد للإنذار المبكر في 10 أقاليم. وعن هذا البرنامج، قال: "نريد أن نستخدم كافة الوسائل التكنولوجية الجديدة المتاحة لنا لرصد مستويات الفيضانات والتنبؤ بها، وإطلاق إنذارات مبكرة".

في السياق ذاته، تخطط السلطات الحكومية لتثبيت مجسات لقياس مستوى المياه في نهر كابول وروافده. كما يجري التخطيط لتركيب نظام للإنذار المبكر - مثل ذلك الموجود في روالبندي- في مدينة نوشيرا، حيث يفيض نهر كابول كل عام تقريباً.

وقال ناصر لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "نريد أن نمد هذا إلى المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية بشكل خاص ...لأنها المنطقة التي تأتي منها مياه النهر. نريد رصد مستويات المياه في الأنهار ومقاييس المطر، وتطوير نموذج لمعرفة حجم الفيضان المتوقع".

والفكرة هي أن تكون الحكومة مستعدة للقيام بعملية إجلاء إذا بدا أن ثمة فيضانات سريعة على وشك أن تقع.

وفي إطار برنامج منفصل يموله برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تبلغ قيمته 4 ملايين روبية، تخطط السلطات للاستفادة من محطات الـ إف إم وشبكة الهاتف الخلوي القائمة التي تربط 74 بالمائة من السكان، في تنبيه السكان المحليين بالتهديدات المتعلقة بالفيضانات. ويأمل المسؤولون في تسجيل 4 ملايين من السكان بحيث يمكن إرسال تنبيهات عبر رسائل نصية قصيرة قبيل وقوع الفيضانات ببضع دقائق.

وختاماً، يأمل ناصر في أن يتم ربط أي نظام إنذار مبكر بنظام يمكن أن يتعامل تلقائياً مع ارتفاع منسوب المياه. وفي هذا الصدد، قال: "عادة ما يكون هذا النوع من الآليات موجوداً في البلدان المتقدمة بالفعل...إذ يوجد لدى تلك الدول مجسات آلية وأجهزة رصد تستطيع تشغيل المضخات بشكل تلقائي. إنها خطة طموحة ونود أن نصل إلى هذه المرحلة في النهاية".

uf/jj/cb-kab/dvh

"
Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join