تسببت موجة البرد القارس التي اجتاحت المنطقة في الفترة الأخيرة وأدت إلى تدني درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، في تكبد المزارعين في الضفة الغربية لخسائر تبلغ قيمتها حوالي 14.4 مليون دولار، وفقاً للإحصاءات الأولية لوزارة الزراعة التي تم نشرها في ورقة حقائق مشتركة مع منظمة الأغذية والزراعة يوم 6 فبراير/شباط .
وجاء في ورقة الحقائق هذه أن محصول الشتاء هو الأجدى مادياً بالنسبة للفلسطينيين ولكن الصقيع أدى بشكل مباشر إلى فقدان المزارعين لمصدر دخلهم على مدى الأشهر [القليلة] القادمة".
وقد أدت موجة البرد إلى فقدان أو إلحاق الضرر بما يتراوح بين 70 و100 بالمائة من المحصول المزروع في الحقول المفتوحة، خصوصاً محصول الكوسا والباذنجان والفاصوليا والطماطم والفلفل وأشجار الفاكهة.
كما فصّلت وثيقة صادرة عن السلطة الفلسطينية الضرر في المنطقة الشمالية من منطقة الخليل خلال سبعة أيام من الصقيع وانخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في شهر يناير/كانون الثاني. وأفادت هذه الوثيقة أن الصقيع ألحق أضراراً تقدر بحوالي 1.5 مليون دولار، خصوصاً بالحقول المفتوحة في حين تكبد مربُّو النحل خسائر تقدر بحوالي 100,000 دولار.
وطالبت منظمة الأغذية والزراعة ووزارة الزراعة الفلسطينية بمساعدات تمويلية عاجلة لمساعدة المزارعين على إعادة الزراعة في الموسم المقبل في نهاية شهر فبراير/شباط، وأشارتا إلى أن "معظم المزارعين سيكونون غير قادرين على زراعة محصول جديد دون الحصول على مساعدات خارجية".
وأفادت التقارير أن السلطة الفلسطينية خصصت مبلغ 7 ملايين دولار كتعويض مالي للمزارعين، ولكن شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) لم تتمكن من تأكيد هذا الأمر أو معرفة موعد استلام المزارعين للتعويضات.
من جهته، علق مسؤول إسرائيلي في إدارة الأرصاد الجوية، فضل عدم الكشف عن هويته، أن "موجة من الصقيع تجتاح المنطقة كل 7 أو 10 سنوات". وشرح ذلك بقوله: "نحن نعني بالصقيع هنا فترة طويلة من الأجواء الباردة نسبياً التي تؤثر بشكل غير معتاد وتجتاح منطقة واسعة".
أما في قطاع غزة الذي يرزح تحت أزمة شديدة، فقد وصلت خسائر المزارعين، الذين يعانون أصلاً من إفلاس بسبب الحظر المفروض على الصادرات، إلى أكثر من 4.5 مليون دولار، حسب التقديرات.
صدمة مربي نحل
"لقد مات كله"...هذا ما قاله أمين وهو يحمل في يديه مجموعة من النحل الميت، بعد أن تسبب الصقيع في فقدانه لكل النحل الذي كان يربيه في 14 قفيراً. وقال أمين: "كانت الحرارة جد منخفضة خلال الليل، وصلت إلى 7 درجات تحت الصفر واستمرت أسبوعاً كاملاً. لم يتمكن النحل من المقاومة".
وكان أمين يحصل في العادة على حوالي ثلث دخله عن طريق بيع الشهد والعسل. وقال اللاجئ الفلسطيني المسجل لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه كان يأمل أن يبدأ مشروعاً لتسويق منتجات العسل للعلاج الطبيعي: "كنت أطمح للوصول إلى 100 قفير، وكنت في طريقي إلى ذلك... والآن علي أن أبدأ من جديد، ولكنني لا أعلم من أين سأحصل على المال".
وأوضح أمين أنه يحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لمساعدة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ولكنه لم يحصل على حصص غذائية منها منذ ستة أشهر. وأضاف قائلاً: "أصبحنا نحصل على دعم أقل منذ أحداث نهر البارد وحالة الطوارئ في غزة"، مشيراً إلى أنه يعمل لمدة ثلاثة أشهر في السنة ضمن برنامج الأونروا لخلق فرص العمل.
الصقيع يزيد من تفاقم الأوضاع
أما بالنسبة للمزارع حسن جابر، الذي يعيل وزوجته 11 طفلاً بالإضافة إلى أفراد إضافيين من العائلة، ويزرع الفجل والقرنبيط في قرية البقاع بالقرب من الخليل، فقد كلفته سنوات النزاع مع الإسرائيليين في المستوطنة الإسرائيلية القريبة الكثير. وجاء الطقس البارد ليزيد من خسائره المالية.
الصورة: شبتاي جولد/إيرين ![]() |
مربي نحل فلسطيني يشرح كيف تسبب الصقيع في نفوق النحل الذي يربيه |
وبالرغم من أن حسن يستطيع اقتراض بعض المال لتمويل نشاطه الزراعي في الموسم المقبل إلا أنه يشعر بالقلق من الدخول في دائرة الدين، خصوصاً وأن أسعار المواد الخام ترتفع في الوقت الذي تبقى فيه أسعار منتجاته ثابتة.
ووصف حسن الوضع قائلاً: "لا أستطيع التصدير إلى إسرائيل بسبب القيود المفروضة، ولا أستطيع التصدير إلى غزة بسبب إغلاقها. كما لا أستطيع إرسال منتجاتي إلى الأردن لعدم حصولي على تصريح [من إسرائيل] بذلك". وأضاف بأنه لا يستطيع تسويق منتجاته إلا في الضفة الغربية، ولكن الوصول إلى بعض أسواقها صعب هو الآخر بسبب نقاط التفتيش.
"