في الوقت الذي يعود فيه الجفاف ليهدد الصومال مرة أخرى، يزيد قلق العاملين في مجال الإغاثة حول كيفية وصولهم إلى المجتمعات التي تفتقر للأمن الغذائي وتعيش في مناطق تسيطر عليها الجماعات المسلحة.
وطبقاً لما ذكرته وحدة تحليل الأمن الغذائي في الصومال التابعة للأمم المتحدة، يحتاج ما يقدر بنحو 2.4 مليون صومالي إلى مساعدات إنسانية طارئة بسبب الاضطرابات المدنية وانعدام الأمن الغذائي. ويعني فشل موسم الأمطار القصير (من أكتوبر إلى ديسمبر 2010) أن هذا العدد قد يزداد خلال الأشهر القادمة.
وفي هذا الإطار، قالت فاليري أموس، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في مؤتمر صحفي عقد في نيروبي بعد زيارتها مؤخراً للبلاد أن "الصومال يترنح على حافة أزمة أكبر بكثير إذا فشل هطول الأمطار في موسمها القادم في أبريل. كما أن هناك عدداً كبيراً من السكان المتضررين من الجفاف الذين يصعب الوصول إليهم لأنهم يعيشون في مناطق تسيطر عليها الجماعات المسلحة".
وما يزال الصومال دون حكومة فعالة منذ 20 عاماً في الوقت الذي تسيطر فيه جماعات مسلحة مثل الشباب على أجزاء عديدة من الجنوب. كما تعيق أعمال القرصنة والعنف بين العشائر وصول المساعدات إلى المحتاجين إليها في البلاد.
وأفاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن الطبيعة المتغيرة للنزاع في الصومال تجعل توصيل المساعدات الإنسانية أكثر صعوبة.
وفي حديث لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال بيتر سمردون، المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي أن "الصراع يميل إلى الاشتعال في أماكن مختلفة وفي أوقات مختلفة مسبباً النزوح، الأمر الذي يجبرنا على الانسحاب من وقت لآخر. من المهم أن نكون في حالة تأهب وأن نضمن أننا مستمرون في تقديم الغذاء لمن يحتاجون إليه".
ففي عام 2005 و2007 قام قراصنة باختطاف سفن تحمل معونات غذائية تابعة لبرنامج الأغذية العالمي قبالة السواحل الصومالية، مما أجبر المنظمة على استخدام حراسة بحرية مكلفة لشحنات الغذاء التابعة لها.
وقالت أموس أن المسؤولين في إقليم بونتلاند الذي أعلن استقلاله الذاتي في شمال شرق الصومال قد عبروا عن قلقهم من تعرض حدودهم بصورة متزايدة للهجوم على يد الجماعات المسلحة وهو ما يزيد تهديد الوصول إلى المناطق المستقرة عادة في البلاد.
العمل بشكل أكثر ذكاء
ومن المرجح أن تزيد موجة جفاف أخرى من عدد النازحين، وهو ما تحاول منظمات الإغاثة تجنبه في ظل وجود ما يقدر بنحو 1.4 مليون نازح حالياً في الصومال، وفقاً للأمم المتحدة.
وقال الشيخ نور وهو رجل مسن في مخيم النازحين في جاروي في بونتلاند: "لاحظنا أن الناس يتقاطرون الآن من المناطق الريفية إلى مخيمات النازحين في المدينة- فقد ماتت ماشيتهم وهم بحاجة إلى الطعام والغذاء".
وقال محمد أحمد رئيس جالمودج التي أعلنت استقلالها الذاتي في وسط الصومال أن رعاة الماشية في دولته خسروا بالفعل 75 بالمائة من أغنامهم و50 بالمائة من أبقارهم و30 بالمائة من جمالهم.
بدوره، أخبر مارك بودين، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الصومال شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه من المهم أن تعمل المنظمات الإنسانية بذكاء أكبر في الميدان من أجل توفير الغذاء لمن هم في أشد الحاجة إليه.
وأضاف قائلاً: "نحن نبذل الكثير من الجهد، على سبيل المثال، من أجل دعم سبل العيش- مثل صيانة الآبار وتطعيم الماشية- حتى لا يفقد الرعاة مصادر رزقهم أو يضطروا بسبب ذلك لترك مجتمعاتهم، فنشهد عندها أزمات كبرى... كما أننا نسرّع من شراكاتنا مع المنظمات غير الحكومية المحلية القادرة على الوصول إلى المجتمعات في المناطق المتضررة من النزاع".
الصورة: ديفيد جوف/إيرين |
أموس في بونتلاند مع كبار مسؤولي الأمم المتحدة |
وأشار إلى أنه بالرغم من أهمية مشاركة الجماعات السياسية المختلفة التي سيطرت على أجزاء مختلفة من الصومال للوصول إلى السكان الذين يسيطرون عليهم، يحتاج العاملون في المجال الإنساني إلى البقاء على الحياد وتكريس جهودهم لتقديم المساعدات إلى من هم في أشد الحاجة إليها.
وأضاف قائلاً: "يجب ألا يصبح العاملون في المجال الإنساني جزءاً من اللعبة السياسية التي تطالب فيها الجماعات المختلفة بما يعتبرونه حصتهم العادلة. يجب علينا بدلاً من ذلك أن نقدم المساعدات وفقاً للحاجة".
kr/cb-hk/dvh