من بين 1.2 مليون لاجئ عراقي في سوريا هناك عدة آلاف من الصابئة المندائيين، وهي أقلية دينية صغيرة على وشك الانقراض في العراق وتفتقر إلى الدعم في سوريا.
وقد اتحدت عدة منظمات بما في ذلك الجمعية المندائية في سوريا ومجلس المندائيين الروحي في بغداد لمساعدة اللاجئين القادمين من العراق من خلال توفير السكن وتنظيم مجموعات لدعم النساء الأرامل. غير أن المجتمع المندائي يعد ضعيفاً بشكل خاص نظراً لصغر حجمه.
وقد أفاد اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر أنه من الصعب الحصول على الدعم للمندائيين في سوريا سواء من السلطات السورية أو حتى من المنظمات الدينية.
تقول بعض المصادر أن هناك ما بين 60,000 إلى70,000 مندائي في العالم. وقد نشأت هذه الطائفة في العراق وهي تؤمن بنبي الله يحي بن زكريا وتعتبره أهم أنبيائها.
وكالعديد من اللاجئين العراقيين يواجه المندائيون ظروفاً مادية صعبة. وفي هذا الإطار، قالت سهير التي تنتمي إلى هذه الطائفة وكانت تعمل لدى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في بغداد أن الطلاق بين المندائيين في دمشق في ارتفاع لأن الناس لا يستطيعون الحصول على فرص عمل بينما تستمر أموالهم في النضوب. وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، أُجبر العديد من منهم على العودة إلى العراق بسبب نفاذ مدخراتهم".
وأفادت المجموعة المندائية لحقوق الإنسان في دمشق أن خطف المندائيين الذين كانوا يوماً ما صائغي ذهب ومحامين وأطباء بارزين، مستمر في العراق حيث يتم إجبارهم على اعتناق الإسلام أو مغادرة البلاد.
وأفاد تقرير صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في عام 2009 أن المتطرفين في العراق مستمرون في استهداف الأشخاص المنتمين لأقليات دينية غير مسلمة مثل المسيحيين واليزيديين والمندائيين.
ووفقاً لسهير المتطوعة أيضاً لدى اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر، فإن الحوادث الأسوأ كانت في الغالب لنساء لا يرتدين الحجاب ولذلك كن أهدافاً سهلة للمتطرفين، حيث قالت: "لقد هاجموا العديد من النساء لعدم ارتدائهن الحجاب في حين اضطرت أخريات للزواج برجال مسلمين".
وأضاف تقرير المفوضية أن وضع من تبقى من المندائين في العراق والذين يقدر عددهم بـ 3,500 -5,000 شخص، لا يزال يثير قلقاً بالغاً إذ ما زالوا مستهدفين من قبل المتطرفين السنة والشيعة والمجرمين على حد سواء بسبب دينهم ومهنهم وثرائهم المفترض.
وفي جرمانة، وهو حي في الضواحي الشرقية لدمشق تقطنه أعداد كبيرة من اللاجئين العراقيين والمسيحيين، يشهد صباح أيام الآحاد مراسيم زواج ومعمودية بطقوس متبعة منذ قرون.
عاد سام من ألمانيا ليتزوج بياسمين، وهي مندائية تبلغ من العمر 27 عاماً غادرت بغداد إلى دمشق للزواج به هناك. وقد تحدثت ياسمين عن خطورة القيام بمراسيم زواجهما في العراق قائلة: "لا يمكننا المخاطرة والقيام بأمر كهذا في العراق، فهذا خطير جداً. يوجد مجتمع مندائي هنا في دمشق لمساعدتنا في التنظيم للزواج".
آفاق إعادة التوطين
ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في دمشق، لا يمكن تقييم حالات إعادة التوطين من سوريا إلى بلد ثالث سوى بشكل فردي. وقالت فرح دخل الله الناطقة باسم المنظمة أن "المندائيين، كغيرهم من الطوائف في العراق، تعرضوا للعنف على يد المجموعات الطائفية والاجرامية. وتقوم المفوضية بتوفير الحماية والمساعدة للاجئين وفقاً للاحتياجاتهم الفعلية وبصرف النظر عن انتماءاتهم العرقية أو الدينية".
كما تولي المفوضية اهتماماً خاصاً باللاجئين "ممن لديهم احتياجات خاصة وفقاً لمواطن الضعف المختلفة" ولكن الدين لا يندرج ضمنها.
وقال حامد وهو مدرس لغة إنكليزية فر من بغداد عام 2006: "نحن منتشرون في 22 بلداً ولذلك أعتقد أن المندائيين سوف ينقرضون خلال 30 عاماً... لا ترغب الدول الغربية في مساعدتنا فهي لا تهتم بذلك. فأي مستقبل في انتظارنا؟".
ولأن مفوضية الأمم المتحدة للاجئين لا تقبل طلبات جماعية لإعادة توطين اللاجئين العراقيين، ينتشر المندائيون الذين أعيد توطينهم في دول العالم المختلفة مثل استراليا والسويد والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وغيرها.
وقال نصير الذي قطع آلاف الكيلومترات من مدينة كارديف في إقليم ويلز لرؤية زوجته وحضور مراسيم معمودية طفله البالغ من العمر سبع سنوات في دمشق والدموع تملأ عينيه: "نحن اليوم في ورطة كبيرة. فلن يعود أي منا أبداً إلى العراق".
ss/at/cb-dvh/kkh