تسبب نقص التمويل وتأخر المنح الحكومية في بقاء آلاف الناس دون مأوى ملائم بعد شهرين من الزلزال المدمر الذي ضرب مقاطعة سومطرة الغربية في إندونيسيا، حسب بعض المنظمات الإنسانية.
حيث لا يزال الناجون يعيشون إما في خيام أو في منازل متضررة من الزلزال الذي هز المنطقة في 30 سبتمبر. وتطالب المنظمات غير الحكومية بالمزيد من التمويل للمساعدة في إعادة بناء بيوت مناسبة لإيواء المتضررين.
وفي هذا السياق، أفاد غراهام إيستموند، منسق المجموعة المكلفة بتوفير المأوى في حالات الطوارئ التابعة للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، أن المنظمات غير الحكومية بحاجة إلى 25 مليون دولار أمريكي لإقامة ملاجئ مؤقتة في المناطق الريفية وشبه الريفية.
وأضاف إيستموند في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن هذه المنظمات تحتاج لتمويل عاجل بسبب قرب نفاذ ميزانياتها وبسبب الحاجة الملحة على الأرض. فقد بدأ موسم الرياح الموسمية وبدأت الأمطار الغزيرة تسقط على المنطقة في كل ليلة في حين لا يزال الناس يحتمون في خيام من الأقمشة أو في منازل مصابة بأضرار جسيمة وغير آمنة".
وكان زلزال بقوة 7.9 درجة قد ضرب سواحل سومطرة الغربية ومدينة بادانغ عاصمة المقاطعة والمناطق المحيطة بها مخلفا أكثر من 1,117 قتيلا. وحسب إيستموند، فقد أظهرت بيانات الوكالة الوطنية لإدارة الكوارث إصابة 182,000 منزل بأضرار متوسطة أو بالغة بسبب الزلزال. وأوضح أن ا"لمنظمات غير الحكومية تخطط حالياً لبناء حوالي 30,000 مأوى مؤقت" في المناطق الريفية وشبه الحضرية، في حين تم تحديد النقص في المأوى بحوالي 80,000 وحدة.
من جهته، اشتكى تشارلي ميسون، نائب قائد فريق الاستجابة لزلزال سومطرة الغربية التابع لمنظمة إنقاذ الطفولة، من محدودية التمويل مما دفع منظمته إلى التركز حاليا على الدعوة لجمع المزيد من الأموال لتمويل برنامج المنح النقدية لبناء المساكن خلال المرحلة الانتقالية. وأضاف ميسون أن "اهتمام المانحين قليل جداً مثلما هو الشأن بالنسبة للتمويل المخصص لتوفير المساكن الانتقالية في الوقت الراهن".
تأخير التمويل
تخطط الحكومة لصرف منح نقدية لمساعدة الضحايا على إعادة بناء مساكن دائمة. ولكن بعض المسؤولين حذروا من إمكانية طول فترة الانتظار قبل صرف النقود. حيث أفاج نوزول بوترا، مدير العلاقات العامة بحكومة غرب سومطرة أن "هذا قد لا يحدث قبل شهر مارس على الأقل، أي عندما تقوم الحكومة المركزية بمراجعة الميزانية".
من جهته، أفاد أكي رودي البالغ من العمر 46 عاماً، والمقيم في كوتو بوروك في بادانغ باريامان، أكثر المناطق تضرراً، أن قريته كانت قد بدأت إعادة البناء "ولكننا بحاجة إلى الخشب والإسمنت والمسامير. وبالرغم من أن هناك من يبيع هذه المواد محليا إلا أننا لا نستطيع تحمل تكلفتها". وأضاف أن الناس في قريته ليسوا على استعداد لانتظار الحصول على مساعدة الحكومة، فهذه الأخيرة "تتأخر كثيراً قبل القيام بأي شيء، ونحن قلقون من أن موظفيها لن يصلوا إلينا أبداً، وحتى إن وصلوا فهم غالباً سيأخذون معظم الأموال لأنفسهم".
ظروف الاكتظاظ
على طول طرق بادانغ باريامان، تحمل آلاف المنازل علامات وردية اللون كتبت عليها عبارة: "مصاب بأضرار جسيمة والإقامة به خطيرة للغاية". ومع ذلك، لا يزال كثير من السكان يعيشون في هذه المساكن، في حين يقيم آخرون خارج منازلهم في خيام من القماش المشمع الأزرق الذي توزعه المنظمات غير الحكومية. كما يقيم البعض الآخر في ملاجئ مؤقتة مصنوعة من الخشب.
ولا تجد العديد من الأسر خيارا سوى التزاحم داخل الخيام. وقد علق ميسون على هذا بقوله أن "العائلات التي تعيش في اكتظاظ الشديد قد لا تجد بدا من إرسال أطفالها للإقامة مع أقارب أو إلى دور الأيتام، مما يعرضهم لمخاطر صحية ولخطر الإساءة. وقد وصلتنا تقارير تفيد بأن 20 شخصاً يعيشون في خيمة واحدة".
وقد شرعت مؤسسة الإسكان التعاوني المتخصصة في مجال الإسكان في تنفيذ مشروع تجريبي لتأسيس مأوى مؤقت، وأقامت حتى الآن 82 وحدة إيواء وتخطط لتقديم خمسة آلاف من مستلزمات الإيواء لسكان باريامان. ويرى مدير المؤسسة، محمد أفريانتو فاجرين، أن "بلوغ هذا الهدف في الموعد المحدد يشكل تحدياً كبيراً بسبب المطر".
ومن بين المستفيدين من وحدات الإيواء المقدمة من مؤسسة الإسكان التعاوني، نوفريدايانتي، البالغة من العمر 30 عاماً والأم لثلاثة أطفال. حيث حصلت هذه الأخيرة على وحدة إيواء تتوفر فيها الكهرباء. وقد أقامت فيها كشكا لبيع فواكه الرامبوتان والأطعمة السريعة المقلية. وتقول نوفريدايانتي: "أشعر الآن بأنني أكثر استقلالاً من ذي قبل. يمكنني أن أفعل كل شيء بنفسي مرة أخرى". وقد كانت نوفريدايانتي تشعر بشك كبير حيال خطة الحكومة لإعطاء منح نقدية في العام المقبل. وهي تفضل أن تقوم المنظمات غير الحكومية بتوزيع مساعدات الإيواء.
وحسب نوفريدايانتي، "كان من المفترض أن تقدم الحكومة 80,000 روبية (8.50 دولار) لكل مقيم في باريامان على أن يكون فرداً من عائلة مكونة من خمسة أو أكثر. نحن حصلنا فقط على نصيب أربعة أشخاص. كل من أعرفهم و ينتمون إلى عائلة مكونة من خمسة أشخاص يشتكون من نفس الشيء".
وكانت نوفريدايانتي قد فقدت منزلها في زلزال عام 2007. وتعلق على ذلك بقوها: "كانت الحكومة بصدد بناء منزل آخر لنا، لكن زلزالاً آخر ضرب المنطقة قبل أن ينتهي البناء. لقد دمر كل ما كانت الحكومة قد بنته تماما على أي حال".
وبدلاً من انتظار الحكومة، قام الكثير من الناجين ببناء ملاجئ مؤقتة بأنفسهم، أو البدء في إعادة بناء منازلهم. ويرى إيستموند، المنسق بالاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، أن "معدل التحسن الذاتي عال، ولكن العائلات تحتاج إلى المساعدة التقنية لضمان بناء المنازل وفقاً للمعايير الدولية وجعلها مقاومة للزلازل".
ad/ey/mw – ais/az
"