قد لا يكون هناك مفر من الكوارث الطبيعية لكن الضعف الإنساني تجاه تلك الكوارث أمر يمكن تجنبه، فما يقتل ويدمر هو ضعف السكان،" وفقاً لمارجريت والستروم مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للحد من الكوارث.
وكانت الدورة الثانية للمنتدى العالمي للحد من خطر الكوارث التي افتتحت في جنيف في 16 يونيو قد تبنت شعار "استثمر اليوم من أجل غد أكثر أمناً" وهو مفهوم يجري الترويج له بصورة جدية.
وقد أشارت لورين ليجاردا، العضو في مجلس الشيوخ الفلبيني إلى أن الصين نجحت في توفير 12 مليار دولار من تكاليف إعادة التأهيل بفضل الاستثمارات في السيطرة على الفيضانات التي بلغت تكلفتها 3 مليارات دولار. وأضافت قائلة: "نحن بحاجة إلى النظر إلى الحد من خطر الكوارث على أنه استثمار بدلاً من كونه تكاليف. فعلى المدى الطويل سيكون أكثر فاعلية".
وكان أحد أهداف مؤتمر هذا العام هو ضمان الالتزام بتمويل الحد من خطر الكوارث من الأموال التي تمت الموافقة عليها بالفعل لصالح الإغاثة الإنسانية والمعونات التنموية. وقالت بيرجيت ليوني، مديرة الاتصال في الاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث: "نحن لا نطلب المزيد من الأموال، ولكننا نطلب استخدام تلك الأموال بطريقة مختلفة".
وقد قام المؤتمر بعرض مؤشر خطر الوفاة الحديث الذي يستخدم نماذج الحاسب الآلي لتوضيح أي من البلدان هي الأكثر تعرضاً لخطر الزلازل والفيضانات والأعاصير الاستوائية وانهيارات التربة. وقد عمل على هذه الدراسة فريق من 20 عالماً على مدى عامين بناءً على بيانات من آلاف الأعاصير الاستوائية والزلازل وانهيارات التربة والفيضانات.
وتقع كل من الصين وبنجلاديش والهند وإندونيسيا في فئة الدول المعرضة للخطر البالغ ويعود السبب في ذلك جزئياً إلى حجم سكان تلك الدول. وتقع كولومبيا وميانمار في الفئة ذاتها بسبب الخطر النسبي على سكانها الأقل عدداً. وعندما يتعلق الأمر بالضعف، فإن الفقر وسوء الحكم يلعبان دوراً كبيراً. فميانمار التي فقدت أكثر من 130 ألف شخص في إعصار نرجس الاستوائي هي مثال لارتفاع مستوى الخسائر عند غياب التحذير وعدم الاستعداد.
وأكثر ما يثير الدهشة هو أن الولايات المتحدة موضوعة في مجموعة الخطر ذاتها مع هايتي وإثيوبيا ونيبال وهندوراس. ويعود السبب في ذلك جزئياً إلى أن الولايات المتحدة معرضة بصورة خاصة للأعاصير الاستوائية والزلازل، كما توجد في الولايات المتحدة جيوب فقر ما يجعل بعض سكانها من المستضعفين بصورة خاصة. ومثال على ذلك إعصار كاترينا.
وبغض النظر عن الإجراء المتخذ، فإن بعض الدول ستكون دائماً في خطر. ولكن حتى إذا لم يكن في الإمكان القضاء على الخطر تماماً فإنه يمكن خفض الخسائر في الأرواح. فقد خسرت بنجلاديش أكثر من 500 ألف شخص أثناء إعصار بولا في عام 1970 ثم قامت لاحقاً ببناء 2,500 ملجأ من الأعاصير على منصات خرسانية مرتفعة وقامت بتدريب أكثر من 32 ألف متطوع للمساعدة في عمليات الإجلاء. وعندما ضرب إعصار سيدر في عام 2007 مع موجات بحرية هائلة كانت حصيلة القتلى أقل من 4 آلاف شخص.
ورغم هذه الاحتياطات تستمر بنجلاديش في خسارة الأرواح بسبب زيادة السكان والفقر اللذين يجبران الناس على العيش في المناطق المعرضة للخطر. وقالت مارجريت والستروم أنه في مرحلة ما تحتاج الحكومات إلى أن تسأل نفسها "هل هذه المنطقة صالحة للسكن؟ هل يمكن الاستمرار في النمو في تلك المناطق؟ والواضح هو أن الاستعداد يمكن أن يقلل الخسائر الناتجة عن الكوارث الطبيعية وعلى المدى الطويل فهو استثمار يستحق العناء.
"