1. الرئيسية
  2. East Africa
  3. Sudan

تحليل: نزع السلاح في جنوب السودان يثير مخاوف من تجدد أعمال العنف

Southern Sudanese police officers on the streets of the southern capital Juba. A fresh disarmament drive has been launched aimed to seize illegally held weapons Peter Martell/IRIN
South Sudanese police officers on the streets of the southern capital Juba

في الوقت الذي أدت فيه الحملة الأخيرة التي قادتها السلطات في جنوب السودان لمصادرة الأسلحة غير المشروعة إلى تجميع "ترسانة مخيفة" من الأسلحة، يحذر المحللون من أن نزع السلاح بالقوة يمكن أن يولد المزيد من العنف.

وكانت قوات الأمن قد أطلقت حملة في جوبا، عاصمة جنوب السودان في 9 سبتمبر يقوم خلالها الجنود ورجال الشرطة بتفتيش المنازل بحثاً عن أسلحة غير مشروعة.

وفي هذا الإطار، قال رئيس حكومة الجنوب سلفا كير يوم 13 سبتمبر: "هذه هي الخطوة الأولى التي اتخذناها لجمع الأسلحة من الناس وستستمر الحملة حتى نتأكد من أن جميع الأسلحة قد أصبحت في المخازن".

وأضاف كير الذي يشغل أيضاً منصب النائب الأول للرئيس السوداني أن وجود الأسلحة في أيدي الناس يزيد من انعدام الأمن لأن بعض الأشخاص يحتفظون بها للقيام بعمليات النهب ليلاً والقتل.

وتخطط حكومة الجنوب تعميم الحملة في جميع أنحاء الإقليم شبه المستقل، حيث قال الجنرال جين شوانق وزير الشؤون الداخلية في كلمة أذيعت على راديو السودان يوم 17 سبتمبر أن "هذه العمليات سوف تستمر بصورة يومية".

وأضاف قائلاً: "لن تتوقف الحملة في جوبا – بل سنستمر في ولايات أخرى... وقد أصدرنا تعليمات لقادة القوات النظامية في جميع ولايات جنوب السودان للقيام بالعمليات نفسها".

كميات كبيرة من الأسلحة

ويقول المؤيدون أن هناك حاجة ماسة إلى مثل هذه الحملة إذ يعج الإقليم بالأسلحة بعد 22 عاماً من الحرب الأهلية التي انتهت باتفاق السلام عام 2005.

وقال وزير الشؤون الداخلية أنه قد تم ضبط أكثر من ألف قطعة من السلاح في مدينة جوبا مع صور تلفزيونية لمئات البنادق من طراز آيه كيه 47 والعديد من الرشاشات الثقيلة والقذائف الصاروخية وقاذفات الصواريخ.

وقال جيمس جاتش الذي يعمل تاجراً في المدينة: "أرى أنه أمر جيد.. لأنه ليس من المفترض أن تكون مثل هذه الأسلحة في حيازة المدنيين. ما حاجتك إلى أسلحة ثقيلة إلا إذا كنت تستعد لخوض الحرب؟.

وتأتي هذه الحملة في أعقاب سلسلة من الاشتباكات الدامية في الجنوب. فقد أخبرت ليز غراند، نائبة الممثل المقيم للأمم المتحدة في جنوب السودان الصحفيين يوم 12 أغسطس أن أكثر من 2,000 شخص لقوا حتفهم وتعرض250,000 غيرهم للنزوح بسبب العنف الذي اندلع بين المجموعات العرقية في أنحاء جنوب السودان".

في أحدث الاشتباكات أفادت السلطات في ولاية جونقلي أن ما لا يقل عن 102 شخص لقوا مصرعهم في 20 سبتمبر عندما هاجم مسلحون من قبيلة لو نوير قرية دوك باديت التي تسكنها قبيلة الدينكا هول.

وقد تجاوزت معدل القتلى الذين سقطوا بسبب العنف في الجنوب الآن ما تم تسجيله في ولاية دارفور التي مزقتها الحرب في غرب البلاد، وفقاً للأمم المتحدة.

وقال الجنرال كول ديام كول، المتحدث باسم الجيش الشعبي لتحرير السودان أن "مصادرة الأسلحة غير قانونية يعني أن هناك عدداً أقل من الأسلحة في حوزة الناس للتسبب في المشاكل".

وأضاف أنه "يجب على قوات الأمن الرسمية والشرطة فقط حمل الأسلحة لأن مهمة توفير الأمن تقع على عاتقهم".

من يقف وراء أعمال العنف

ويدعي الكثير من الأشخاص من الحركة الشعبية لتحرير السودان أن أعداء الحرب الأهلية السابقين في الشمال هم من يقف وراء موجات العنف هذه.

وقال جون أشوورث، الخبير في الشؤون السودانية في تقرير أصدرته مجموعة "باكس كريستي" في سبتمبر أن "شخصيات بارزة في الحركة الشعبية لتحرير السودان اتهمت الشمال بتوريد الأسلحة. كما يتم تداول الكثير من التقارير الشعبية التي تتحدث عن استخدام طائرات عسكرية وبزات عسكرية ومعاينة أسلحة جديدة لم يسبق استخدامها".

ولكن مسؤولين من الشمال نفوا مراراً وتكراراً الادعاءات التي اتهمتهم بدعم الميليشيات في الجنوب. وقال عثمان الأغبش المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية أن هذه الاتهامات "لا أساس لها من الصحة".

أما أشوورث فقد حذر أيضاً من أن جهات أخرى قد تكون مسؤولة عن توريد الأسلحة، حيث قال: "لا يمكن تتبع كل المتهمين في الخرطوم وبعضهم قد يكون على صلة بالجبهة الشعبية لتحرير السودان"، محذراً من إمكانية استغلال التوترات العرقية المحلية.

وقال كير أنه يخشى من تصاعد وتيرة العنف قبل الانتخابات المقررة في أبريل 2010 والاستفتاء حول استقلال الجنوب المقرر في يناير 2011.

المشاكل الأمنية في المناطق الريفية

وعلى الرغم من أن نزع السلاح أمر أساسي ولكن القيام به خارج المراكز الحضرية مسألة معقدة. فمع مستوى الأمن المحدود في المناطق النائية، يشعر الكثير من الأشخاص أنهم مرغمون على إعادة التسلح لحماية أنفسهم.

وفي هذا الإطار، قال ماثيو دينغ، الذي ينحدر من ولاية جونقلي: "نحن بحاجة لحماية أنفسنا وأبقارنا... فجاري قد يأخذ كل ما لدي ويقلني إذا تخليت أنا عن سلاحي بينما احتفظ هو بسلاحه. نحن لا نشعر بالأمان دون سلاح".

وقد تم توجيه الانتقادات لحملات نزع السلاح السابقة بسبب تزايد العنف الناجم عن الاستهداف الانتقائي للمجتمعات وفقاً لانتماءاتها العرقية والسياسية.

وقد حذر آدم أوبراين في التقرير الذي أصدرته منظمة "سمول آرمز سيرفاي" Small Arms Survey، ومقرها جنيف، في شهر يناير أنه "على الرغم من أن الحد من تداول الأسلحة الصغيرة أمر ضروري من أجل أن تحقيق السلام، غير أن نزع سلاح المدنيين في بيئة هشة بعد انتهاء الصراع يشكل خطراً مستتراً".

ولكن مراقبين آخرين ألقوا باللوم على السنوات الطويلة من القتال المرير بين الجماعات المتنافسة أثناء الحرب الأهلية. ففي ذلك الوقت، انقسمت الفصائل المتناحرة بين النوير والدينكا واشتبكت مع بعضها البعض.

وقالت منظمة "سمول آرمز سيرفاي" في تقرير آخر صدر في مايو أن "بعض المجتمعات تنظر إلى عملية نزع الأسلحة على أنه استهداف لجماعات عرقية معينة مما يؤدي إلى تفاقم الانقسامات العرقية".

ويتردد صدى هذا التظلم في جميع أنحاء الإقليم، حيث قال جون توت الذي ينتمي إلى منطقة أكوبو التابعة لقبيلة لو نوير التي شهدت هجمات مكثفة في الآونة الأخيرة: "أن لا يحمل أحد السلاح أفضل من أن يقتني الجميع الأسلحة والبنادق".

Southern Sudanese women displaced by recent fighting in Jonglei state wait to collect food supplies delivered by a United Nations helicopter
الصورة: بيتر مارتيل/إيرين
نساء تعرضن للنزوح بسبب القتال في ولاية جونقلي في جنوب السودان في انتظار الحصول على الإمدادات الغذائية المنقولة إليهن بواسطة طائرة مروحية تابعة للأمم المتحدة
وأضاف قائلاً: "سيحدث المزيد من القتال إذا كان أحد الجانبين قوياً والآخر ضعيف وليس العكس... وهذا ما حدث في أكوبو".

سابقة جونقلي

ويقول المحللون أن نزع السلاح بالقوة لم ينجح في الجنوب. فعلى سبيل المثال، بدأت السلطات عملية نزع السلاح بالقوة عام 2006 في ولاية جونقلي وجمعت خلالها 3,000 بندقية. غير أن المعارك التي حدثت لاحقاً خلفت ما لا يقل عن 1,600 قتيل.

وقال أوبراين أن "حملة جونقلي تحولت إلى واحدة من أعنف الأعمال العسكرية في [جنوب] السودان منذ نهاية الحرب الأهلية الثانية كما فشلت في تحسين مستوى الأمن على المدى الطويل".

وقد حث كير الناس على "التعاون مع قوات الأمن للتخلص من جميع الأسلحة"، محذراً من أنه سيتم القبض على أولئك الذين يحاولون إخفاء أسلحتهم في عمليات لاحقة للبحث عنها.

وقال في هذا الصدد: "نعلم أن بعض الأشخاص فروا خارج جوبا لإخفاء أسلحتهم والعودة بها لاحقاً ولكننا سنتعقبهم".

وأضاف قائلاً: "لقد أخفى بعض الأشخاص بنادقهم في حفر داخل منازلهم، ولكننا سنخرجها من تلك القبور".


This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join