توقف هلال نعيم، 33 عاماً، عن العمل مع وكالات الإغاثة الإنسانية في العاصمة العراقية بغداد بعدما قتل المسلحون ابنه وهددوه بقتل ابنته الوحيدة كذلك.
لم يواجه نعيم أي مشاكل في عمله أو محيطه المحلي إلى أن طلب منه المسلحون في أحدى الأيام ترك عمله في مساعدة العائلات المهجرة. وعندما لم يذعن لرغباتهم، قتلوا ابنه البالغ من العمر 10 سنوات.
وقال هلال: عندما استلمت الرسالة الأولى التي طُلب مني فيها ترك عملي، لم آخذ الأمر على محمل الجد. فمنذ كانون الأول/ديسمبر 2006 تلقيت ثلاث رسائل تحذيرية ولكنني كنت أعتقد دوماً أنه مجرد مزاح، فلا أحد يقتل شخصاً آخر لمجرد مساعدته الناس الآخرين على تأمين طعامهم.
ولكن مع بداية نيسان/أبريل اختطف ابني، وبعد مضي يومين اتصل بي رجل ليقول لي أن ابني موجود على جانب الطريق السريع في العاصمة. لقد كنت يائساً، ولكنني شعرت بالارتياح بعض الشيء، وأسرعت لإحضار ابني للمنزل، وعندما وصلت إلى المكان وجدت سيارات الشرطة وقد أغلقت الطريق.
أوقفت سيارتي وركضت إلى المكان وأنا أشعر بالسعادة لأن الشرطة قد وجدت ابني. ولكن عندما وصلت إلى هناك، لم يكن ذلك ابني على الإطلاق، كانت مجرد رائحة بقايا جسده، وكان وجهه الجميل مشوهاً.
عندما أفكر بالأمر، لا أستطيع التوقف عن البكاء. فقد قتل ابني المحبوب مصطفى ولم أتمكن من فعل أي شيء لإنقاذه. تم نقلي إلى المستشفى لأن ضغط دمي كان منخفضاً حسب ما أخبرني الطبيب.
بعد عدة ساعات من دفن ابني رن هاتف منزلي. أجابت ابنتي وأخبرتني أن رجلاً يسأل عني. وعندما تحدثت إليه، قال لي بأن ما دفعته هو ثمن عدم إصغائي إليهم وأنني إذا تابعت عملي فإن الفتاة الرائعة التي أجابت على الهاتف ستكون الضحية التالية.
لقد أُجبرت على ترك عملي الإنساني لأنقذ ابنتي ومنذ ذلك اليوم وأنا عاطل عن العمل. وعندما تحتاج بعض المنظمات غير الحكومية للمساعدة في تنظيم القوافل الإنسانية أحياناً، أحاول مساعدتها قليلاً، ولكنني حالما أنتهي من ذلك، أسرع بالعودة للمنزل خوفاً من حدوث أي مكروه لابنتي بان ذات الثمانية أعوام.
زوجتي امرأة مريضة جداً، وبعد مقتل مصطفى أدركت أن الحياة لن تعود كما كانت من قبل. فهي تبكي بشكل مستمر ولا تستطيع العمل. أخاف أحياناً من أن القيام بتصرف أحمق ودوماً أسأل الله أن يمنحنا الراحة والسكينة.
من الصعب تخيل الألم الذي سببه خسارة ابني الوحيد، لقد كنت مجرد رجل يشعر بالسعادة لمساعدة إخوانه العراقيين على تأمين المأكل والملبس. ومن أجل ذلك دفعت ثمناً لا حدود له، هم يلقون باللوم علي لأنهم يعتبرونني شخص مسؤولاً عن العنف الدائر في البلاد، على الرغم من أنني مجرد شخص يحاول تقديم المساعدة. لقد دفع ابني حياته ثمناً لعملي الإنساني، ولسوء الحظ أنا مجبر على ترك العديد من الناس الذين هم بأمس الحاجة للمساعدة لأنني لا أريد أن أخسر ابنتي أيضاً".
"