1. الرئيسية
  2. Middle East and North Africa
  3. Lebanon

طرابلس اللبنانية تبدأ إعادة البناء في ظل السلام المؤقت

A Lebanese NGO coalition in the northern city of Tripoli has launched a rehabilitation campaign, after an April 2014 government security plan brought tentative peace to a city long divided along sectarian lines. Part of the rehabilitation is cleaning rubb Anaïs Renevier/IRIN

نادراً ما كان جبل محسن هادئاً إلى هذه الدرجة. فالصوت الوحيد المسموع يوم السبت في هذه المنطقة التي تقع في شمال مدينة طرابلس اللبنانية، هو صوت المجارف والمعاول، حيث يقوم الشباب عند الخط الفاصل بين جبل محسن وحي باب التبانة المنافس له بإزالة آثار الصراع الذي استمر لمدة 30 عاماً.

قبل شهرين، لم يكن أحد يستطيع أن يمشي في هذه المنطقة المعروفة باسم طلعة العمري، حيث تم بناء حاجز في منتصف الدرج الذي يربط بين الحيين، ووضع قناص أعلاه. وكانت هذه أول فرصة لأحمد بشوري، الذي يبلغ من العمر 29 عاماً ويقيم في باب التبانة، لزيارة المنطقة - عبر خط المواجهة - منذ 10 أعوام.

وقال في حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لم أكن أستطيع القدوم من قبل. كان هذا واحداً من الأجزاء الأكثر خطورة في هذه المنطقة. لقد وضعت الحرب أوزارها ويبدو أن كل شيء عاد إلى طبيعته اليوم. لم يعد الناس يرغبون في الحرب. لقد سأموا العنف. ولذلك قررت أن أساعد في تنظيف هذه المنطقة لإثبات أننا نستطيع أن نعيش معاً".

وتجدر الإشارة إلى أن طرابلس شهدت عدة دورات من العنف بين الطائفة العلوية في جبل محسن وجيرانهم في باب التبانة الذين ينتمي معظمهم إلى الطائفة السنية منذ الحرب الأهلية في لبنان (1975-1990). وزادت هذه التوترات الطائفية نتيجة للنزاع الدائر في سوريا المجاورة، ولكن حدتها انخفضت أخيراً بفضل الخطة الأمنية التي بدأت الحكومة اللبنانية الجديدة تنفيذها في شهر أبريل الماضي. وكانت طرابلس أحد أول الأماكن المستهدفة؛ حيث تم القبض على مئات المقاتلين ونشر الجيش داخل المدينة. ومع عودة السلام إلى طرابلس، يحاول المجتمع المدني الآن تضميد الجراح وإعادة بناء هذه المدينة الممزقة جغرافياً ونفسياً واقتصادياً.

تجمع للجمعيات الأهلية

وقد أطلق تجمع يضم عدة منظمات غير حكومية محلية عملية إعادة التأهيل التي يشارك فيها بشوري والتي تتكون من إزالة الأنقاض والركام وإعادة طلاء جدران الشوارع والمباني.


وسوف يستغرق العمل المادي وقتاً طويلاً لأن أثر الحرب لا يزال واضحاً للغاية، وثقوب الرصاص - وأحياناً حتى الصواريخ - وصور الشهداء تنتشر على العديد من المباني. ولكن قبل كل شيء، لا تزال الحرب محفورة في عقول الناس. وبالتالي فإن المشروع لن يشتمل فقط على إعادة تأهيل الشوارع، ولكن أيضاً على الأنشطة التعليمية والثقافية للجمع بين الطائفتين مرة أخرى.

وقد حاول المجتمع المدني تشجيع المصالحة في الماضي. ففي عام 2010، على سبيل المثال، نظمت جمعية تقاطع الثقافات (Cross Cultures)، وهي منظمة غير حكومية، مهرجان كرة قدم لمدة يوم وتم خلاله تقسيم الأطفال الذين ينتمون إلى مناطق متنافسة إلى فرق مختلطة وتشجيعهم على إنشاء صداقات جديدة.

وفي الآونة الأخيرة، قررت الـ 10 جمعيات الأهلية في طرابلس العمل معاً كائتلاف لكي تصبح أفضل تنظيماً وتجمع المزيد من الأموال. وقد بدأت العمل معاً بعد تفجير قنبلتين في طرابلس يوم 23 أغسطس 2013، الذي كان من أشد التفجيرات فتكاً منذ الحرب الاهلية.

لدينا أمل كبير في أن يستمر هذا السلام لبضع سنوات، أو على الأقل بضعة أشهر، ولكن لا يوجد شيء يمكننا القيام به حيال ذلك لأن قرارات السلم والحرب في طرابلس يتم اتخاذها من قبل السياسيين الكبار

وفي هذا السياق، قال شادي نشابة رئيس جمعية يوتوبيا، وهي إحدى المنظمات غير الحكومية المشاركة في الائتلاف: "منذ أن بدأنا العمل على الأرض بعد 23 أغسطس في طرابلس، اكتسب المواطنون مزيداً من الثقة في المجتمع المدني، لأننا لسنا نظريين. لقد عملنا معهم على الأرض لشهور عديدة من أجل إعادة تأهيل المدينة".

مع ذلك، فإن نشابة لا يخفي حقيقة أن المجتمع المدني يحتاج إلى المساعدة: "اعتقد أننا لا نزال ضعافاً للغاية لأننا بحاجة إلى خطة واستراتيجية واضحة. هناك الكثير من الجمعيات الأهلية في طرابلس، ولكن يرتبط 90 بالمائة منها بالسياسيين".

وقد بدأت الجمعيات الأهلية مؤخراً العمل مع البلدية، فعلى سبيل المثال تقوم الجمعيات الأهلية والبلدية معاً بتنسيق حملة التنظيف الأخيرة. وأوضح محمد شمسين، عضو مجلس البلدية، أن "الجمعيات الأهلية في طرابلس تعمل بجد، لكنها ليست دائماً منظمة تنظيماً جيداً". وأضاف قائلاً: "إنها بحاجة إلى وسيط للتنسيق بينها، حتى لا تكرر المشاريع ذاتها".

الوظائف والتعليم

ويرى شمسين أن الأولوية الأولى الآن هي التعليم، لأن الكثير من الأطفال ابتعدوا عن المدارس أثناء القتال، إما لأنهم لم يتمكنوا من مغادرة منطقتهم المحاصرة أو لأن المدارس كانت مغلقة. كما أن خلق فرص العمل من بين الأولويات الأخرى. ويخطط المجلس البلدي لنقل سوق باب التبانة إلى موقع جديد لأن التجار كانوا يواجهون الابتزاز من قبل بعض الميليشيات. وقال شمسين: "إذا نقلنا السوق، سوف نقطع بعض مصادر أموال المقاتلين ... نريد أيضاً التركيز على خلق فرص عمل، حتى لا يضطر سكان هذه المناطق إلى استخدام الأسلحة لإطعام عائلاتهم". وكانت هذه المنطقة موطناً لمصانع النسيج الصغيرة، ولذلك يريد المجلس أيضاً أن تنمو هذه المصانع وتكون قادرة على التصدير مرة أخرى.

وستكون عملية إعادة البناء بجميع جوانبها مشروعاً طويل الأجل. ويعترف نشابة بأن "علينا القيام بالكثير من العمل لكي نتواصل معاً على أساس ثقافي، وإعادة تأهيل البلدة والتنمية الاقتصادية. نحن بحاجة إلى عدة أشهر أو حتى سنوات لكي [نتجاوز] ما حدث في هذه المنطقة، وهذا هو دور المجتمع المدني".

ويدرك السكان أن هذا التوازن الجديد غير مستقر، ويحذر قادة المجتمعات المحلية من أن القتال قد يندلع من جديد في أي وقت، وخاصة في غياب التنمية الطويلة الأجل وفرص العمل. "ولكن ماذا يجب علينا أن نفعل؟" كما يتساءل أحد المتطوعين من طلعة العمري، "صب الزيت على النار أو محاولة صب الماء عليها؟... أنا لا أعتقد أن المستقبل القريب سيكون مشرقاً كما نتصور، ولكنني أفكر في كل أطفال طرابلس الذين يستحقون فرصاً أفضل عندما يكبرون".

وتساور شمسين من مجلس البلدية بعض الشكوك أيضاً: "لدينا أمل كبير في أن يستمر هذا السلام لبضع سنوات، أو على الأقل بضعة أشهر، ولكن لا يوجد شيء يمكننا القيام به حيال ذلك لأن قرارات السلم والحرب في طرابلس يتم اتخاذها من قبل السياسيين الكبار. إنها تُناقش خارج لبنان، ثم يتركوننا نعاني من تلك القرارات".

ar/ha/cb-ais/dvh


This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join