1. الرئيسية
  2. Europe

مشكلة الزلازل في القرى التي يعود تاريخها إلى العصور الوسطى

Flickr
Medieval villages like this one often contain unstable buildings and can be difficult for rescue teams to access

أنفقت اليابان وكاليفورنيا المليارات على أفضل وأحدث مخططات للتأهب للزلازل والتسونامي. وأعادت البلدان الفقيرة، مثل نيبال وهايتي وإندونيسيا، توطين الناجين في المناطق الأقل عرضة للزلازل والفيضانات. ولكن إيطاليا تمثل تحدياً فريداً من نوعه إلى حد ما بالنسبة لمهندسي الزلازل: كيف تجعل البلدات والقرى التاريخية التي بُنيت في العصور الوسطى آمنة وتفادي هدمها بأسرها؟

فبعض القرى، مثل أماتريتشي التي دمرها زلزال يوم الأربعاء الماضي، جاثمة بشكل غير مستقر على حافة سلسلة جبال أبينيني، وهي جواهر ثقافية تقع في بعض أجمل المناطق الطبيعية وأقلها تلوثاً في أوروبا. ولذلك لن تستطيع منع الناس من الرغبة في العيش هناك، ولن تمنع السياح من زيارتها ومن غير المرجح أن يتوقف النشاط التكتوني في أي وقت قريب.

كل ما يمكن القيام به هو محاولة التخفيف من الأضرار، ومحاولة الحد من عدد الضحايا قدر الإمكان. ومن الواضح أن قانون البناء الصارم هو بداية جيدة، ولكن إيطاليا لديها بالفعل أحد أكثر قوانين البناء صرامة في العالم.

في عام 2002، ضرب زلزال معتدل الأراضي الآمنة نسبياً من الزلازل - مودينا، شرقي روما - مما أدى إلى انهيار مدرسة ابتدائية في بلدة سان جوليانو دي بوليا، ولقي مدرس واحد و27 طفلاً في المرحلة الابتدائية مصرعهم، بما في ذلك جميع الطلاب في سنة دراسية واحدة. وتبع ذلك إعداد خارطة زلازل شاملة وقانون بناء جديد على أساس قانون البناء القائم في أوروبا، ولكن مع إضافة قيود أكثر صرامة. ودخل قانون البناء حيز التنفيذ في يوليو 2009، وذلك بسبب ضغط الرأي العام في أعقاب زلزال لاكويلا التي أودى بحياة أكثر من 300 شخص في شهر أبريل من ذلك العام.

ولكن إذا كانت إيطاليا لديها قوانين بناء صارمة إلى هذا الحد، لماذا لقي الكثير من الناس حتفهم - 267 (حتى تاريخ نشر التقرير) - جراء زلزال يوم الأربعاء، ولماذا سيظل الناس عرضة للخطر عندما يضرب حدث زلزالي مماثل منطقة أبينيني الخلابة في المرة القادمة؟

القديم والجديد

تنبئنا نظرة خاطفة على الصور بالكثير: العديد من القتلى كانوا نائمين في المنازل التي شُيدت قبل عدة قرون من صدور قوانين البناء.

وفي حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال ميكيلي كالفي، أستاذ هندسة الزلازل في معهد الدراسات المتقدمة (IUSS) في بافيا أن "القانون الذي تم تطبيقه بعد عام 2009 ... يتعامل فقط مع البناء والترميم. وبالتالي، لا يوجد التزام لعمل أي شيء إذا أبقيت المبنى على وضعه الحالي".

"ما ينبغي القيام به هو خلق حوافز كبيرة جداً للناس لكي ينفقوا المال على تحسين هذه المباني"

وقد أدت التطورات في مجال البناء والتكنولوجيا إلى ظهور هياكل حديثة يمكن أن تتحمل تأثير الزلازل على نحو أفضل، ولكن هناك أيضاً تقارير عن انهيار بعض المباني الحديثة، بما في ذلك مستشفى ومركز شرطة ومدرسة، مما يثير تساؤلات حول مئات الملايين من اليورو التي تم تخصيصها للتحسينات في أعقاب زلزال لاكويلا.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية، قالت بريجيت ليوني، مسؤولة الاتصالات في مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث: "من الواضح أن المباني لم تخضع كلها للتحسينات. ينبغي القيام بتقييم المخاطر والأولويات - وعادة ما تكون البنى التحتية الحيوية، مثل المستشفيات، لها الأولوية القصوى. إنهم على دراية بذلك في إيطاليا، وبالمقارنة بدول أخرى، هم حقاً متقدمون كثيراً، ولكن لديهم الكثير من المباني القديمة. بعد عام 2009، كان هذا من الإجراءات التي توسعوا فيها [التحسينات]، ولكن لا يمكن أن تكون آمنة بنسبة 100 بالمائة".

ما الذي يمكن عمله؟

"ليس هناك مبنى آمن وغير آمن. يوجد فقط ما يمكنك القيام به للتقليل من إمكانية الانهيار،" كما أفاد كالفي، موضحاً أن هناك وصفات مختلفة تنطبق على أنواع مختلفة من الهياكل.

وأضاف قائلاً: "عندما تتعامل مع المباني الحجرية، مثل معظم المباني في هذه المنطقة، يمكنك أن تبحث في أشياء بسيطة مثل الوصلات بين مختلف الطوابق والجدران، وإزالة أي هيكل يستند عليها، مثل الأقواس. وعمل هذه الأشياء ليس مكلفاً على الإطلاق".

أما بالنسبة للمباني الخرسانية الحديثة، فقد اقترح كالفي إضافة روابط قطرية لدعم الروابط الأفقية، وقطع الأعمدة، وإدخال وحدات العزل الزلزالي.

وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة الإيطالية التي تعاني من ضائقة مالية، لا تملك ما يلزم لإنفاق مليارات اليورو على التأهب للزلزال. وقد خصصت 965 مليون يورو على مدار سبع سنوات للوقاية من الزلازل في أعقاب زلزال لاكويلا، ولكن هذه مجرد قطرة في محيط مقارنة باحتياجات البنية التحتية لآلاف القرى النائية والتاريخية.

وبعد الكارثة الأخيرة، تعهد رئيس الوزراء ماتيو رينزي بتخصيص 50 مليون يورو لإعادة البناء وأعلن عن مبادرة جديدة تسمى "البيوت الإيطالية"، لتعزيز أفضل الممارسات في مجال البناء.

مسؤولية خاصة أم عامة؟

ونظراً لكثرة عدد هذه القرى وتهجير السكان بشكل سريع، يكون لكوارث مثل لاكويلا وأماتريتشي آثار ثقافية عميقة على المنطقة.

ويتواصل المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية (ICCROM)، وهو وكالة حكومية دولية مقرها روما مكرسة للحفاظ على التراث الثقافي، مع وزارة الثقافة الإيطالية وقسم الحماية المدنية لمعرفة كيف يمكنه تقديم العون في مجال المساعدة التقنية ورسم خرائط الأزمات والتقييم السريع.

من جانبه، أوضح بول أرنسون، مدير خدمات المعرفة والاتصال في المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية، الفرق بين الملكية الخاصة والمباني العامة.

ما لم يكن المكان مصنفاً من قبل اليونسكو كموقع تراث عالمي - في هذه الحالة تنطبق عليه بروتوكولات الحماية الخاصة - فإن المسؤولية تقع على عاتق البلدية المحلية أو المالك الفرد لضمان التزام ممتلكاتهم بقانون البناء الوطني.

وقال كالفي أن المناطق التي تضررت يوم الأربعاء ينتمي معظم سكانها إلى فئة كبار السن ذوي الدخول المنخفضة نسبياً أو تتألف من منازل العطلات، وبالتالي لم يكن هناك حافز يُذكر لكي يفعل المالكون أي شيء - ولم يكن مستغرباً أن معظم المباني كانت تفتقر إلى التحسينات.

وأخبر شبكة الأنباء الإنسانية أن "ما ينبغي القيام به هو خلق حوافز كبيرة جداً للناس لكي ينفقوا المال على التحسينات لهذه المباني. في معظم البلدان، بما في ذلك إيطاليا، لا توجد سياسة كهذه. وبالنظر إلى أن الدولة تدفع معظم تكاليف اعادة الإعمار بعد الزلزال، فإن من المنطقي أن تفعل ذلك. لقد حاولت أن أوصي بهذا عدة مرات، ولكن الناس لا يهتمون حتى يحدث زلزال. وفي غضون أشهر قليلة، لن يهتم أحد بهذه القضايا".

من جهتها، ترى أليسون هريتيج، أخصائية حفظ التراث في المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية، أن التقنيات موجودة وقوانين البناء، على الأقل في أوروبا، قوية للغاية، وبالتالي يتلخص الأمر في التنفيذ والوعي.

وأضافت أن "الأمر الآن يقتصر على مسألة التنسيق، على الأرجح على مستوى البلديات. ولكنه أيضاً يتعلق حقاً بقضية الوعي العام، والتوعية بالمخاطر، وما إذا كان من الضروري إجراء اختبار زلزالي إضافي على المبنى الخاص بك".

ما الذي يمكن عمله أيضاً؟

ولكن الأمر لا يقتصر على مجرد تحسين مقاومة المباني للزلازل. فقد أبرزت هذه الكارثة الأخيرة الحاجة إلى استعداد أفضل بشكل عام: من التعليم إلى تدريبات منتظمة على الإخلاء في حالات الطوارئ، إلى وجود معدات إزالة الأنقاض في مكان قريب.

"في إحدى القرى، كان رئيس البلدية ينظم عملية البحث والإنقاذ من أحد الميادين لأنه لم يتبق مبنى واحد مأمون بالقدر الكافي لهذا الغرض. حتى مبنى البلدية لم يكن آمناً بما فيه الكفاية. لنفترض أن المطر كان يهطل،" كما قال كالفي.

وأضاف أنه "في مثل هذه الأماكن الموجودة في المناطق المرتفعة، ينبغي أن تكون هناك معلومات أكثر حول عدد الناس الموجودين هناك".

USGS

ورأى إنزو بوشي، وهو خبير في علم الزلازل في جامعة بولونيا، دليلاً على ما هو مطلوب في بلدة نورتشيا بمنطقة أمبريا، التي تقع بالقرب من مركز زلزال يوم الأربعاء.

"حدث زلزال هناك في عام 1979، مما أدى إلى تنفيذ حماية زلزالية للمباني. ونتيجة لذلك، لم تتأثر البلدة تقريباً بزلزال الليلة الماضية،" كما أخبر جريدة ذي إيتاليان إنسايدر.

وأضاف قائلاً: "نحن نجيد تشييد المباني المحمية من الزلازل، ولكن فقط بعد وقوع زلزال".

واتفق معه كالفي في الرأي، قائلاً: "أعتقد أن هذا البلد منظم تنظيماً جيداً نسبياً من حيث ما يجب القيام به بعد وقوع زلزال. وأعتقد أن ما يحتاج إلى تحسين هو ما يجب القيام به قبل وقوعه".

(شاركت في التغطية كريستي سيغفريد)

ag/ks-ais/dvh

Share this article

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join