1. الرئيسية
  2. Africa

أوروبا تستخدم المال طريقاً للخروج من أزمة الهجرة

"حوافز" جديدة لتكثيف الضغوط على بلدان الطرف الثالث

Tom Westcott/IRIN
Young Somali migrants who were transferred to Al Khoms detention centre after being rescued from a foundering vessel

على الرغم من أن ردود الفعل إزاء نتيجة الاستفتاء الذي أجري في بريطانيا بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي طغت على اجتماع المجلس الأوروبي هذا الأسبوع، إلا أن قادة الاتحاد الأوروبي اتخذوا الثلاثاء قراراً له عواقب بعيدة المدى على الأشخاص الذين يرغمون أو يرغبون في الهجرة من أكثر من اثنتي عشر دولة في أفريقيا وآسيا.

وبموجب إطار الشراكة مع البلدان الثالثة، التي تبناها المجلس، سيتم الضغط على 16 دولة من دول المنشأ والعبور للمهاجرين بغية دفعها للتعاون من أجل تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي الرامية للحد من الهجرة. وسوف تكافأ تلك الدول على امتثالها بمجموعة مختلفة من "الحوافز" بما في ذلك المعونة الإنمائية والصفقات التجارية. أما عدم التعاون فسوف يُقابل "بحوافز سلبية" غير محددة، يُفترض أن تأتي في شكل حجب المعونة والتجارة.

وقبل الاجتماع، أصدرت 124 منظمة غير حكومية بياناً مشتركاً يدين السياسة المقترحة ويحث زعماء الاتحاد الأوروبي على رفضها لصالح استراتيجيات أكثر استدامة وأطول مدى لإدارة قضايا الهجرة وتقديم المعونة الإنمائية.

وجاء في بيان المنظمات غير الحكومية ما يلي: "إطار الشراكة الجديد يخاطر بترسيخ تحول باتجاه سياسة خارجية تخدم هدفاً واحداً، هو الحد من الهجرة، على حساب مصداقية أوروبا وقدرتها على الدفاع عن القيم الأساسية وحقوق الإنسان".

مستوى جديد من الانحدار

وفي هذا السياق، وصفت سارة تيسوريري، مستشار السياسات في منظمة أوكسفام في بروكسل، إحدى المنظمات غير الحكومية التي شاركت في إصدار البيان، قرار المجلس الأوروبي الذي يقضي "بسرعة تنفيذ" الإطار بأنه "قصير النظر" ولكنه ليس مفاجئاً.

وقالت لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "إنه يمثل الحضيض المنطقي والمؤسف لمسار موجود منذ بعض الوقت".

وفي الآونة الأخيرة، وعد الاتحاد الأوروبي تركيا بحوافز متنوعة مقابل تعاونها في قبول المهاجرين واللاجئين الذين تتم إعادتهم من اليونان. وفي قمة فاليتا، التي عقدت في شهر نوفمبر الماضي، تم إطلاق الصندوق الاستئماني لأفريقيا بمليارات اليورو بهدف معالجة "الأسباب الجذرية" للهجرة غير النظامية من أفريقيا، من خلال مجموعة متنوعة من برامج إدارة التنمية والهجرة.

وترى تيسوريري أن إطار الشراكة يحقق خطوة مهمة أخرى عبر إعادة صياغة "العلاقة بالكامل مع البلدان الثالثة حول هدف واحد وهو وقف الهجرة".

وقالت: "بالنسبة لنا كمؤسسة تنموية، نحن منزعجون للغاية من استخدام كافة الأدوات التي يمتلكها الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء لتحقيق هذا الهدف".

"إذا جرى تنفيذها بالطريقة الموصوفة فعلاً، فسوف تمثل ضربة كبيرة لمصداقية الاتحاد الأوروبي. نحن نرى بالفعل دولاً مضيفة أخرى للاجئين، تستشهد بموقف أوروبا كنموذج ربما تحذو حذوه".

الآثار غير المباشرة

وفي الشهر الماضي، أشارت الحكومة الكينية إلى اتفاق الاتحاد الأوروبي مع تركيا كجزء من مبرراتها لإغلاق مُجمع داداب للاجئين بحلول شهر نوفمبر، وإعادة ما يقرب من 350,000 صومالي إلى مستقبل غير آمن ومجهول في بلادهم.

وفي هذا الصدد، قالت اسباسيا بابادوبولو من المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين، الذي يتخذ من بروكسل مقراً له، إن الضغط الذي يمارسه الاتحاد الأوروبي يمكن أن يقود الدول "الشريكة" ذات سجلات حقوق الإنسان المُرقعة، مثل إريتريا وإثيوبيا والسودان والصومال وأفغانستان وباكستان، إلى زيادة استخدام تدابير مثل الاحتجاز وضبط الحدود.

وقالت لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "نحن قلقون جداً".

وتضع الاستنتاجات المستخلصة من اجتماع المجلس الأوروبي يوم الثلاثاء على رأس أولوياتها سرعة زيادة عودة المهاجرين غير الشرعيين "عبر تطبيق ترتيبات مؤقتة" في المناطق التي لا يتم فيها العمل باتفاقات إعادة القبول. في الماضي، كان عدم وجود اتفاقات لإعادة قبول مع بلدان المنشأ في أفريقيا وفي أماكن أخرى أحد العوائق الرئيسية أمام تكثيف عمليات الترحيل.

والأولوية التالية هي "ممارسة النفوذ اللازم، باستخدام جميع السياسات والوسائل والأدوات المناسبة التي يمتلكها الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك التنمية والتجارة". 

أوراق المساومة وحملات القمع

ولا شك أن الدول الشريكة على دراية جيدة بنقاط القوة التي تمتلكها والتي تتمثل في المهاجرين وطالبي اللجوء المحتملين الذين يأملون في الوصول إلى أوروبا. وترى بابادوبولو أنه من غير المرجح أن تقبل تلك الدول "بأي عرض يُطرح عليها".

وحول الموقف المتوقع من تلك الدول، قالت بابادوبولو لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "سوف تتفاوض بقوة للحصول على ما تريده" من هذه الصفقة.

ووفقاً لتيسوريري، فإن المشروع الذي أطلق هذا الصيف بغية تحسين إدارة الهجرة عبر منطقة القرن الأفريقي بمبلغ 40 مليون يورو، بتمويل من الصندوق الاستئماني لأفريقيا، شهد بالفعل "قيام الدول بإعداد قوائم تسوق".

ويُقال أن الحكومة السودانية، برئاسة عمر البشير، الرجل الذي تتهمه المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية، طلبت مركبات ومعدات للمساعدة في ضبط حدود بلاده مع إريتريا، فضلاً عن المساعدة في تشييد مركزين مغلقين للاستقبال في القضارف وكسلا.

وفي الشهر الماضي، أطلقت السلطات السودانية حملة أمنية ضد الإريتريين الذين يعيشون في الخرطوم أو يشقون طريقهم نحو ليبيا. وأسفرت الحملة عن اعتقال مئات الإريتريين وترحيلهم إلى بلادهم حيث زُج بهم في السجن بتهمة مغادرة البلاد من دون تصريح.

والجدير بالذكر أن بيان المفوضية الأوروبية بشأن إطار الشراكة لا يقدم أية تفاصيل عن محتوى "حزم الحوافز" للدولة ويذكر فقط في حاشية الصفحة، أن السودان وإريتريا من بين البلدان الـ16 الشريكة. ولكن هناك وثيقة سُربت من المفوضية واطلعت عليها شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) تشير إلى عدد من الحوافز التي يمكن استخدامها لتأمين تعاون السودان فيما يتعلق بقضايا الهجرة. وتشمل تلك الحوافز إعفاءً من الديون وتخفيف العقوبات الاقتصادية، ولكن هناك أيضاً تحذيراً بأنه "يتعين على الاتحاد الأوروبي النظر بعناية إلى المخاطر المرتفعة على سمعته المرتبطة بعلاقاته مع السودان إذا ركز على الهجرة حصراً".

من أين تأتي الأموال؟

ومن غير الواضح حتى الآن من أين سيأتي مبلغ الـ 8 مليار يورو لتمويل إطار الشراكة على مدى السنوات الأربع المقبلة، لاسيما في ظل الصناديق التي تبلغ قيمتها مليارات اليورو التي تعهد بها الاتحاد الأوروبي بالفعل في السنة الماضية، مثل الصندوق الاستئماني لأفريقيا، ومرفق اللاجئين في تركيا، والصندوق الاستئماني للاتحاد الأوروبي للاستجابة للأزمة السورية". 

وتشير صحيفة وقائع صدرت عن المفوضية الأوروبية في شهر يونيو إلى أنه سيتم توفير بعض المال عبر إعادة توزيع الصندوق الاستئماني لأفريقيا والصندوق الاسئتماني لسوريا. كما سيتم سحب ملياري يورو على الأقل من صندوق التنمية الأوروبي، الذي يمثل أداة أوروبا الرئيسية لتوجيه المساعدات التنموية الخارجية.

وختاماً، قالت تيسوريري من منظمة أوكسفام: "نحن قلقون من تفريغ احتياطيات صندوق التنمية الأوروبي... كيف سيتم إعادة توزيع الأموال بغية تغطية كل هذا تظل أموراً غامضة ومبهمة للغاية. وهل سيتحمل الفقراء في هذه الدول النتيجة السلبية؟"

صورة لشبان مهاجرين صوماليين في مركز احتجاز في ليبيا/توم وستكوت/شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)

تم نشر النسخة العربية في 1 يوليو 2016

Share this article

Our ability to deliver compelling, field-based reporting on humanitarian crises rests on a few key principles: deep expertise, an unwavering commitment to amplifying affected voices, and a belief in the power of independent journalism to drive real change.

We need your help to sustain and expand our work. Your donation will support our unique approach to journalism, helping fund everything from field-based investigations to the innovative storytelling that ensures marginalised voices are heard.

Please consider joining our membership programme. Together, we can continue to make a meaningful impact on how the world responds to crises.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join