1. الرئيسية
  2. Americas
  3. Haiti

العبارة الطنانة الجديدة في مجال العمل الإنساني

Youths in Kibera slums carry crude weapons ready to fight youths from the rival side, Nairobi, Kenya January 2008. Three people were killed as a result of the confrontation before police could calm the situation. Julius Mwelu/IRIN

ربما يكون "التمدين" هو الكلمة الطنانة الجديدة في الدوائر الإنسانية، إلا أن المنظمات الإنسانية كانت بطيئة في تحويلها من الإطار النظري إلى الواقع الفعلي.

فهناك حديث متزايد عن أن الزحف الحضري العشوائي في المناطق التي تعاني من الصراع كمصدر للضعف الذي سيحدد شكل الاستجابة الإنسانية في السنوات القادمة، إذ يهدد ذلك المزيج السام من الفقر والكوارث الطبيعية وتغير المناخ والصراع بقاء الأشخاص الأكثر ضعفاً في العالم على قيد الحياة. وفي عالم يتجه أكثر من أي وقت مضى نحو التمدين (التحول إلى العيش في المدن)، سوف تتركز حالات الطوارئ بشكل متزايد في المدن.

وفي ظل هذا التوجه، تجد المنظمات الإنسانية نفسها أمام صعوبات كبيرة في التكيف مع الأوضاع الجديدة. فقد اعتادت على العمل في المناطق النائية في الحروب، أو في أعقاب الكوارث الطبيعية، لذا فهي بطيئة في تطوير مجموعة أكثر تعقيداً من المهارات اللازمة لقياس حالات الطوارئ الحضرية غير الواضحة والاستجابة لها.

استفاقة متأخرة

وللمرة الأولى في التاريخ، يعيش عدد أكبر من السكان داخل المناطق الحضرية عن خارجها. وتظهر الإحصاءات تداخلاً مفزعاً بين النمو السكاني السريع والفقر والأحياء الفقيرة في المدن. ووفقاً لمركز رصد النزوح الداخلي، ارتفع عدد سكان الحضر في البلدان الفقيرة والهشة بنسبة 326 بالمائة خلال الأعوام الأربعين الماضية، وسوف يحدث معظم النمو السكاني في المستقبل في آسيا وأفريقيا.

في الوقت نفسه، تتطور العوامل المحفزة للصراعات. وفي هذا الصدد، قال روبرت موجا، مدير الأبحاث في معهد ايجارابيه Igarapé، وهو مركز أبحاث في البرازيل: "مع ظهور سلاسل التوريد العالمية وتكنولوجيا الاتصالات أصبحنا نشهد انصهاراً بين كافة أشكال العنف السياسي والإجرامي والمتطرف ... وأصبحنا نرى أيضاً المدنيين وهم يتحولون بشكل متزايد إلى ضحايا وجناة".

وأضاف أن تفاقم هذه الاتجاهات بسبب "التمدين الفائق السرعة"، يشكل صعوبة متزايدة في التمييز بين النزاع المسلح الرسمي و"حالات العنف الأخرى،" مثل أعمال العنف التي ترتكبها العصابات وتجار المخدرات في العديد من مدن أمريكا اللاتينية.

لكن منظمات الأمم المتحدة "استيقظت لهذا الواقع في وقت متأخر" حسبما يرى جون دي بوير، مستشار السياسات في مركز جامعة الأمم المتحدة لبحوث السياسة العامة. ويعزو ذلك إلى التردد في الابتعاد عن الاستجابات التي تميل إلى عدم تبادل المعلومات و"الانعزال" و"الشلل" في "تطوير النظم والهياكل اللازمة للاستجابة بشكل فعال".

وقال موجا، الذي كتب مؤخراً مدونة حول هذه المسألة، أن المنظمات الإنسانية والتنموية كانت "بطيئة نسبياً في الاستجابة".

من جانبه، يرى كيفين سافاج، مدير البحوث الإنسانية في منظمة وورلد فيجن أن قطاع المساعدات الإنسانية يعاني من هيمنة الوكالات الكبيرة "التي تستغرق عملية التغيير فيها وقتاً طويلاً".

ويشهد النقاش بشأن هذه القضية اهتماماً متزايداً وذلك في خضم الاستعدادات الجارية لعقد القمة العالمية للعمل الإنساني المقررة في عام 2016. وأفاد ماجا أن "القضية قد استحوذت على أذهان" البنك الدولي وجامعة الأمم المتحدة والمفوضية الأوروبية والمنتدى الاقتصادي العالمي ومنظمة اليونيسف ومنظمة وورلد فيجن والعديد من الوكالات الأخرى.

قواعد التعامل

ولكن متى يشكل العنف في المناطق الحضرية أزمة إنسانية؟

أفاد روناك باتيل، مدير برنامج التمدين والأزمات في المبادرة الإنسانية في جامعة هارفارد أن "مستوى المعيشة في الأحياء الحضرية الفقيرة غالباً ما يكون أقل من المعايير الدنيا التي حددتها الممارسة الإنسانية".

"وفي بعض المدن، تتجاوز مستويات العنف على ما يبدو العتبة التي تبرر تصنيفها كحالة نزاع مسلح" حسبما تشير ورقة عمل حول الدروس المستفادة التي نشرتها العام الماضي شبكة التعلم الإيجابي للمساءلة والأداء في مجال العمل الإنساني (ALNAP) التي تقدم المشورة للعاملين في المجال الإنساني بشأن كيفية التعامل مع حالات العنف في المناطق الحضرية.
"هناك جهات كثيرة في هذا القطاع تواجه مشكلات مع هذه الأوضاع لأنها بدأت تظهر وكأنها مشروعات تنموية أكثر من كونها مشروعات إغاثية"
ولكن عندما تتلاشى الخطوط الفاصلة بين أنماط العنف وتصبح أكثر ضبابية، تصبح قواعد التعامل معها ضبابية أيضاً. وقد لا تندرج الصراعات الحضرية بالضرورة تحت القانون الدولي الإنساني، مما يخلق مناطق قانونية رمادية للعمل الإنساني.

وفي البيئات التي تشهد تمديناً، يصبح الخط الفاصل بين الاستجابة الإنسانية – المصممة خصيصاً لحالات الطوارئ – والنهج التنموي – الموجه للمشاركة الطويلة الأجل في المجتمعات المحلية – أقل وضوحاً أيضاً.

وفي ذات السياق، قالت ستيفاني كايدين، من المبادرة الإنسانية في جامعة هارفارد أيضاً: "لدينا مشكلة كبرى جديدة علينا مواجهتها". وتتوقع كايدين حدوث "تغيير هائل" في قطاع المساعدات الإنسانية في الوقت الذي تفكر فيه الوكالات الإنسانية في الانخراط في برامج أطول أجلاً للحد من العنف. وأضافت قائلة أن "هناك جهات كثيرة في هذا القطاع تواجه مشكلات مع هذه الأوضاع لأنها بدأت تظهر وكأنها مشروعات تنموية أكثر من كونها مشروعات إغاثية".

ويُضاف إلى ذلك أن الجهات المستجيبة لحالات الطوارئ لا تمتلك جميع المهارات اللازمة للتعامل مع هذه الحالات.

وقالت باتريشيا مسيلريفي، مدير السياسات الإنسانية في اتحاد المنظمات غير الحكومية، انترآكشن (InterAction): "يتجاوز التغير المطلوب في الهياكل الأساسية على المدى الطويل قدرة الجهات الإنسانية الفاعلة...ونحن لا نمتلك التمويل ولا الإطار الزمني الكافي".

وهكذا، فإن الوكالات الإنسانية اليوم غارقة في حالات طوارئ طال أمدها – من سوريا إلى جنوب السودان، ومن جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى الصومال – والتي لا تظهر أي علامات على الانحسار. ويصل متوسط طول فترة النزوح في أزمات اللاجئين الرئيسية إلى 20 عاماً.

وترى كايدين أن هناك ضرورة لوجود شراكة أكبر مع عالم التنمية الذي يمكن أن تنجز "الكثير من المهام الصعبة".

أزمة وجودية

لكن أين نرسم الخط الفاصل؟ وأين ينبغي أن تبدأ وتنتهي حدود العمل الإنساني؟

تسلم مسيلريفي بأنه على القطاع الإنساني التصدي للديناميات الجديدة في المناطق الحضرية. فاللاجئون، على سبيل المثال، مثل أولئك الذين فروا من سوريا إلى الأردن ولبنان – يتجهون بشكل متزايد إلى المناطق الحضرية. ولكن مسيلريفي غير متأكدة بالقدر ذاته ما إذا كان ينبغي أن تتصدى المنظمات الإنسانية للعنف الذي تمارسه العصابات.

وأضافت أن " المنظمات الإنسانية مرغمة على الذهاب حيثما لا يذهب الآخرون ولكن كيف نضمن أن لا نصبح ذريعة لعدم تصدي الجهات الفاعلة في التنمية للأسباب الجذرية – مثل الفقر وغياب التعليم؟"

من ناحية أخرى، يرى موجا أن تغير أشكال العنف والانتقال إلى المدن يشكلان "أزمة وجودية" في المجتمع الإنساني بوجه عام. فالمنظمات التقليدية أكثر "تشبثاً بالفكرة القائلة بأن المساعدات الإنسانية يجب أن تقدم من جهات محايدة ونزيهة ومستقلة وبطريقة هادفة"، أما المنظمات الأخرى "ذات الولايات المتعددة فهي أقل تشبثاً بهذه المبادئ وقد بدأت تختبر أساليب جديدة لمنع العنف وتعزيز القدرة على الصمود في المدن".

"بدأت هذه السيناريوهات تصبح أمراً واقعاً وعلينا الاستعداد لها"

وأشار موجا إلى أن وكالات مثل منظمة أطباء بلا حدود واللجنة الدولية للصليب الأحمر تمضي قدماً في البرامج في المدن التي تعاني من العنف في المكسيك وهندوراس والسلفادور وغواتيمالا والبرازيل، وهي الأماكن التي "توفر نوعاً من المختبرات، وتجربة طبيعية، للوكالات الإنسانية العازمة على منع العنف، وتعزيز القدرة على الصمود".

وتعمل منظمة أطباء بلا حدود بشكل وثيق مع السلطات الصحية في مناطق مثل تيغوسيغالبا وإيكستيبيك وبوجاي وأباكسكو بغية دعم الرعاية الصحية القائمة حيث تعاني الخدمات المحلية بسبب الصراعات المحتدمة والممتدة المتعلقة بالعصابات. وتقوم المنظمة بدور إشرافي وداعم في نقل المعرفة بدلاً من تولي مسؤولية النشاط، وتخطط لتوسيع نطاق عملياتها بمجرد تكوين فهم أفضل لحجم الاحتياجات.

وقال جوستافو فرنانديز، مدير برنامج منظمة أطباء بلا حدود في غواتيمالا وهندوراس: "بدأت هذه السيناريوهات تصبح أمراً واقعاً وعلينا الاستعداد لها".

ولكنه يرى أن هناك عدداً قليلاً جداً من الأطراف الدولية الفاعلة التي تتصدى للأزمات في المدن الضخمة: "إن مستوى العنف وتداعيته على النظم الصحية والأفراد يستحق اهتماماً أكبر من الجهات المقدمة للمساعدات".

ويعترف فرنانديز أن الأزمات الضخمة والممتدة التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط، وتفشي فيروس الإيبولا في غرب أفريقيا، على سبيل المثال، تستنزف الطاقة والاهتمام والتمويل، لكنه يرى أنه حيثما يتم التعبير عن الاحتياجات ويتم تطوير البرامج، يمكن إيجاد التمويل.

تأثير شبكة سي إن إن

وتميل الموضوعات المتعلقة بالكوارث الواسعة النطاق والحرب الشاملة إلى الاستحواذ على عناوين الأخبار أكثر من الزحف البطيء للعنف في المناطق الحضرية: وتستطيع الوكالات الإنسانية جلب المزيد من التمويل و"لفت الانتباه إلى الأزمات حيثما لا تستطيع الوكالات التنموية القيام بذلك" حسبما يرى باتيل.

ولكن الأزمات الخاصة بالمناطق الحضرية تأخذ ببطء موقعها على جدول الأعمال، حيث قال سافاج من منظمة وورلد فيجن: "لقد أصبح الحديث عن الأزمات في المناطق 'الحضرية' أكثر شيوعاً مما كان قبل بضع سنوات".

فعلى سبيل المثال، عندما بدأ الأشخاص يفرون من العنف في المناطق الحضرية في هندوراس وغواتيمالا والمكسيك في العام الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن وصول آلاف اللاجئين إلى الولايات المتحدة يشكل "أزمة إنسانية"، الأمر الذي أحدث ما يُعرف باسم "تأثير شبكة سي إن إن"، كما أفاد سافاج. "عندما وصل الموضوع أخيراً إلى وسائل الإعلام الأمريكية، أحدث فارقاً بالنسبة لنا".

pg/ha-kab/dvh
Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join