ألغت الحكومة الإيطالية في أواخر العام الماضي عملية البحث والإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط المعروفة باسم "عملية بحرنا" بعد مواجهة عجز في التمويل. وقد تم استبدال المشروع جزئياً بـ "عملية ترايتون"، ولكن هذه العملية أكثر محدودية عن سابقتها بكثير، سواء من حيث المساحة الجغرافية التي تغطيها (حيث تذهب الدوريات إلى مسافة 30 ميلاً فقط قبالة السواحل الإيطالية) أو من حيث الميزانية (التي تبلغ قرابة ثلث عملية بحرنا فقط). وقال منتقدو هذه العملية أنها قد تعرّض عشرات الآلاف من المهاجرين لخطر أكبر بكثير.
وكانت الحجة الأكثر شيوعاً لهذا التحول هي الردع. ففي السابق، قال مؤيدو هذه الحجة أن المهاجرين في القوارب ومهربيهم يمكن أن يكونوا متأكدين من أنه سيتم إنقاذهم بواسطة إحدى سفن عملية بحرنا. وقالت البارونة أنيلي، الوزيرة في الخارجية البريطانية، في ذلك الوقت أن عمليات الإنقاذ هذه إنما تشجع المزيد من الأشخاص على القيام برحلة الهجرة الغادرة.
مع ذلك، إذا كان الهدف من إنهاء عملية بحرنا هو الردع، فقد فشلت حتى الآن في ذلك. فوفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حدث ارتفاع حاد في عدد المهاجرين الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط، ليصل عددهم إلى قرابة 7,000 شخص حتى الوقت الحالي من عام 2015 مقارنة بحوالي 3,338 شخصاً في الفترة ذاتها في عام 2014، (انظر الرسم البياني أدناه).
وقد ارتفع عدد الأشخاص الذين يموتون غرقاً بشكل كبير (انظر الرسم البياني الثاني أدناه)، حيث يعتقد أن عدد الأشخاص الذي غرقوا حتى الوقت الحالي من هذا العام وصل إلى أكثر من 300 شخص، وقد توفي أغلبية هؤلاء بعد غرق أربعة قوارب تحمل مهاجرين من غرب أفريقيا. أما عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم في الفترة ذاتها من عام 2014 فبلغ 12 شخصاً فقط.
وهناك مخاوف أيضاً تتعلق بقدرة القوارب الأصغر حجماً والأقل تجهيزاً في العملية الجديدة، فقد لقي 29 مهاجراً حتفهم بسبب انخفاض درجة حرارة الجسم بعدما تم انتشالهم بواسطة سفينة تابعة لعملية ترايتون.
من جهته، قال جون دالهويسن، مدير برنامج منظمة العفو الدولية لمنطقة أوروبا وآسيا الوسطى أن تلك الوفيات قد تشير إلى أن الرعاية الطبية على متن المركب ليست كافية.
وقال في بيان له: "من المحتمل أن يكون حرس السواحل الإيطالية قد بذلوا كل ما في وسعهم في ظل الموارد المتاحة لديهم. ومن الواضح أنها لم تكن كافية. وما لم تلتزم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بزيادة قدرات البحث والإنقاذ بشكل كبير في البحر الأبيض المتوسط، فإن مثل هذه المآسي ستتضاعف".
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في المملكة المتحدة أن الإحصائيات قد أظهرت أن هناك "ضرورة ملحة" لاستبدال عملية بحرنا بعملية مناسبة.
وقد وصل اليأس بين المهاجرين وطالبي اللجوء المحتملين إلى مستويات تاريخية. وفي عام 2014، صنفت الأمم المتحدة كلا من سوريا والعراق وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان كحالات طوارئ من الدرجة القصوى.
فقد نجم عن الوضع في سوريا وحدها أكثر من 3 ملايين لاجئ، لتصبح بذلك أكبر دولة من حيث عدد من المهاجرين الذين يصلون إلى إيطاليا.