كعشرات الآلاف من الأشخاص الآخرين في إقليم السند الجنوبي، تقطعت السبل بغلام الدين وأسرته المكونة من ثمانية أفراد بعد أكثر من 100 يوم على غمر مياه الفيضانات لمساحات واسعة من باكستان أواخر يوليو الماضي.
فالمياه التي يصل ارتفاعها إلى مستوى الصدر تحيط بمنزلهم في قرية تقع في مقاطعة دادو في الوقت الذي تحولت فيه الحقول إلى بحيرات ودمرت جميع المحاصيل التي زرعها غلام الدين بعناية. وعلى الرغم من إمكانية الخوض في الماء، إلا أن ذلك ليس بتلك السهولة.
وتحدث غلام الدين لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عن معاناته قائلاً: "لا استطيع أن أرى سبيلاً لعودتنا إلى ما يشبه الحياة الطبيعية. لقد أصرت والدتي المسنة على العودة لأنها كرهت الحياة في المخيمات [التي أنشئت لتوفير المأوى في حالات الطوارئ]".
وكان منزل غلام قد أصيب بأضرار بالغة دفعت الأسرة للعيش في العراء والاعتماد على الهبات من المواد الغذائية. كما لم يعد معظم القرويين الأخرين حتى الآن.
وأفاد توماس غورتنر، مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السند، في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "حوالي مليون ونصف المليون شخص في السند ما زالوا مشردين وغير قادرين على العودة إلى ديارهم، في حين تمكن حوالي مليون ونصف آخرين من الاقتراب من ديارهم، ولكنهم لم يعودوا إلى منازلهم بعد".
وأوضح أنه لا يزال هناك "بضعة آلاف من الناس" ممن تقطعت بهم السبل في مقاطعة دادو ، ولكن "من الصعب جداً أن نعرف عددهم بالضبط"، مضيفاً أنه قد تم الوصول إلى معظم الأشخاص الذين تحاصر المياه منازلهم "مرة واحدة على الأقل إن لم يكن مرتين بواسطة الجرارات والعربات وغيرها لإيصال المساعدات الإنسانية".
ولكن الحياة ليست بتلك السهولة بالنسبة لأولئك الذين عادوا إلى ديارهم، حيث قال أحمد سليم البالغ من العمر 50 عاماً والذي يعيش في بلدة خايربور ناثان شاه في مقاطعة سوكور: "الأوضاع صعبة هنا. فقد تضرر منزلنا بشدة وفقدنا جميع مواشينا. لقد أصبحنا في طي النسيان، وسيتوجب علينا إدارة شؤوننا بأنفسنا".
انخفاض التبرعات
بدوره، قال أنور كاظمي، المتحدث باسم مؤسسة ادهي الخيرية، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "نحن نركز على توفير البذور والأسمدة لضحايا الفيضانات الذين عادوا إلى ديارهم. كما تقدم العديد من المنظمات الأخرى كل ما تستطيع من مساعدة، ولكن اهتمام وسائل الإعلام تحول بعيداً عن ضحايا الفيضانات والتبرعات أصبحت أقل".
وأضاف محمد عنايات، وهو تاجر في منطقة سدار بكراتشي، عاصمة إقليم السند: "في أغسطس، في ذروة الفيضانات، كان معظم الناس الذين يأتون إلى متجر [الأحذية] الخاص بي يضعون عملات معدنية قليلة أو أوراق نقدية لضحايا الفيضانات [في صندوق جمع التبرعات الموضوع على المنضدة]. ولكن لا يكاد أي شخص يتبرع الآن".
من جهتها، قالت كلير سيوارد، مديرة وحدة المناصرة والإعلام ووسائط الاتصال في منظمة أوكسفام الخيرية التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "هناك خطر حقيقي يتمثل في احتمال نسيان هذه الأزمة، ونحن بحاجة لبذل كل ما في وسعنا لمنع حدوث ذلك. وبينما تجري أعمال التعافي في العديد من المجالات، ويعود الناس إلى بيوتهم، لا تزال المياه تغمر مناطق واسعة من السند، وهناك حوالي مليون شخص مشردين. ولا تجد سوى نسبة ضئيلة فقط من الناس مأوى لها. فحالة الطوارئ لم تنته بعد".
وأضافت قائلة: "لقد أصيب العالم بأزمات حادة في عام 2010، والأموال على وشك النفاذ، ولكن في ظل وجود ما يقرب من سبعة ملايين باكستاني دون مأوى وسرعة اقتراب فصل الشتاء، فإن الحاجة إلى مساعدات إنسانية الآن هي أكثر من أي وقت مضى".
ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، "تضع خطة الاستجابة الطارئة المنقحة الخاصة بفيضانات باكستان تصورات لتنفيذ أنشطة بكلفة 1.93 مليار دولار خلال عام واحد". وقد تم حتى الآن، المساهمة بحوالي 867.4 مليون دولار (أي 44.8 بالمائة من الاحتياجات)، وصدرت تعهدات بنحو 5.9 مليون دولار أخرى، مما يترك فجوة كبيرة في التمويل.
kh/he/oa-ais/dvh
"