أفادت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسف) أن العديد من أطفال اللاجئين العراقيين في سوريا يكافحون من أجل البقاء في مدارسهم في حين يضطر عدد كبير منهم للانقطاع عن التعليم والبحث عن عمل مدفوع الأجر للمساعدة في تعزيز دخل أسرهم.
وعلقت ممثلة المنظمة في سوريا، شهرزاد بوعليا، على ذلك بقولها: يلعب التعليم دوراً محورياً للغاية لمستقبل جميع الأطفال. إن وجود جيل غير مجهز للمشاركة في اقتصاد بلده أمر لا يخدم أحداً".
وكانت سوريا، التي استقبلت ما يقرب من 1.2 مليون لاجئ عراقي فروا من ديارهم هرباً من العنف الطائفي في أعقاب حرب عام 2003 في العراق، قد فتحت أبواب مدارسها الحكومية أمام الأطفال العراقيين، ولكن العديد منهم غير قادر على الاستفادة من ذلك. فغالباً ما يضطر الأطفال للبحث عن عمل للمساعدة في تعزيز دخل أسرهم خصوصاً في ظل عدم سماح القوانين السورية للعراقيين بالعمل واقتصار ما توفره فرص العمل في السوق السوداء في الكثير من الأحيان على 100 ليرة سورية (2 دولار) في اليوم الواحد، وفقاً للاجئين.
ومن بين الأطفال العاملين في سوريا حسين علي (16 عاماً) الذي قال أنه اضطر إلى ترك المدرسة لكسب المال من خلال العمل كعامل تنظيف في أحد الفنادق. وعلق والده، الذي يعاني من عجز يمنعه من العمل، على اضطرار ابنه للعمل قائلاً: "نحن ممتنون جداً للمساعدة النقدية التي نحصل عليها من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولكنها لا تكفي".
ويضطر العديد من الأطفال لقطع مسافات طويلة للوصول إلى أقرب مدرسة تتوفر فيها أماكن لهم ومنهم من يستطيع تحمل حتى الرسوم الرمزية التي تفرضها هذه المدارس. وأوضحت بو عاليا أن "معظم اللاجئين العراقيين يتركزون في دمشق وضواحيها حيث أصبحت المدارس عاجزة عن استقبال المزيد".
من جهتها، أفادت المنظمة الدولية للاجئين Refugees International، وهي منظمة غير حكومية أمريكية، أن معاناة اللاجئين تزداد سوءاً بسبب تضاؤل التحويلات المالية التي كانت تصلهم ونفاذ مدخراتهم. وأوضحت اليونيسف أن عدد أطفال اللاجئين العراقيين الذين ينقطعون عن المدارس قد شهد ارتفاعاً مضطرداً خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وتشير الأرقام الحكومية إلى تسجيل 49,132 لاجئاً عراقياً في المدارس للعام الدراسي 2007-2008، ولكن هذا العدد انخفض إلى 32,425 خلال العام الدراسي 2008-2009. وأفادت المنظمة الدولية للاجئين أن هذا العدد انخفض أكثر خلال هذا العام بنسبة 30 بالمائة. وأشارت بو عاليا إلى أن "هذا الانخفاض ناتج عن معاناة الأسر من المزيد من الضغوطات المالية فضلاً عن إعادة التوطين في بلدان ثالثة والعودة إلى العراق".
وتشير بعض الأدلة السردية إلى أن معظم المنقطعين عن الدراسة هم من الفتيان في حين تبقي الأسر فتياتها على مقاعد التعليم. ويقول المعلمون أن الأطفال العراقيين متأخرون في التحصيل العلمي بسبب المشاكل النفسية والثغرات في مسيرتهم التعليمية بالإضافة إلى صعوبات التكيف مع الوضع في سوريا.
خطة لمعالجة المشكلة
وتحاول اليونيسف، بالتنسيق مع الحكومة السورية، معالجة هذه المشكلة عبر مشروع بمبلغ ستة ملايين دولار. ويشمل هذا المشروع تحسين المرافق في المدارس التي تحتضن نسبة عالية من اللاجئين وتقديم دروس تقوية للأطفال الذين تخلفوا عن زملائهم بالإضافة إلى توفير دروس مهنية مسائية للأطفال العاملين.
كما تقوم اليونيسف أيضاً بتدريب المعلمين في مجال معالجة الاحتياجات النفسية والاجتماعية للعراقيين، والتي قد تكون السبب وراء عدم قدرتهم على التركيز. وعلقت اليزابيث كامبل، وهي مسؤولة في المنظمة الدولية للاجئين على ذلك بقولها: "يعاني واحد على الأقل من أفراد الأسر العراقية من الاكتئاب الشديد"، والعديد من هؤلاء هم من الأطفال. وتقول المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أنه يتم إحالة 150 عراقياً للحصول على المشورة كل شهر.
وتشير بيانات تسجيل اللاجئين إلى أن معظم اللاجئين العراقيين الذين يعيشون في سوريا متعلمون ويولون اهتماماً كبيراً لتعليم أطفالهم. ولكن الخبراء يشددون على ضرورة التوصل إلى حلول لمشاكل اللاجئين العراقيين وإلا سيواصل الأطفال انقطاعهم عن الدراسة. وترى كامبل أنه "لابد من تلبية احتياجات الأسر لضمان استمرار الأطفال في الذهاب إلى مدارسهم".
ويرى الخبراء أن تزويد الأسر بالمساعدة المالية المشروطة بتسجيل أبنائهم في المدرسة أو تقديم وجبات ساخنة في المدارس قد يساهم في حل هذه المشكلة.
sb/at/cb –amz/dvh