1. الرئيسية
  2. Asia
  3. Philippines

تحليل: عمال الإغاثة المحليون يحتاجون أيضاً إلى الدعم النفسي والاجتماعي

Local medical aid workers in Tacloban were overwhelmed with patients seeking medical attention in the aftermath of Typhoon Haiyan, which struck the central Philippines on 8 November Dennis Santos/IRIN

كشفت حالات الطوارئ المتعاقبة خلال الثلاثة أشهر الأخيرة في الفلبين عن ضرورة تقديم مزيد من الدعم النفسي والاجتماعي (المساعدة الطبية والاجتماعية لتخفيف المعاناة النفسية) لعمال الإغاثة المحليين. فعلى الرغم من أنهم غالباً ما يكونون أول المستجيبين- حتى عندما يكونون قد تضرروا بشدة أيضاً – إلا أنهم يكونون آخر من يحصل على المساعدة.

في هذا الصدد، قال جون فاوست، الذي عمل في مجال الرعاية الصحية لموظفي المنظمات غير الحكومية طوال الـسنوات الـ 20 الماضية، بما في ذلك إدارة خدمات دعم الموظفين في منظمتين غير حكوميتين عالميتين هما إنقاذ الطفولة وورلد فيجن: "الأمر المثير للدهشة بالنسبة لي هو أنه دائماً ما تتوفر أموال كافية لتمويل خدمات الدعم النفسي الاجتماعي للموظفين الدوليين، ولكن نادراً ما توجد أموال كافية لتقديم خدمات مماثلة للموظفين المحليين".

والجدير بالذكر أن جبهة تحرير مورو الوطنية في الفلبين حاصرت ميناء مدينة زامبوانجا في جزيرة مينداناو الجنوبية في 9 سبتمبر 2013 احتجاجاً على محادثات السلام الجارية بين الحكومة وأحد الفصائل الانفصالية المتمردة. وأسفر القتال الذي استمر نحو أسبوعين عن تشريد أكثر من 100,000 شخص.

وفي 15 أكتوبر، ضرب زلزال بلغت قوته 7.2 على مقياس ريختر جزيرة بوهول الوسطى، مما أدى إلى تشريد قرابة الـ 150,000 شخص، ولا يزال نصفهم تقريباً غير قادر على العودة إلى دياره.

وكان رونيل فيلاز، المنسق المحلي للشؤون الإنسانية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، لا يزال في بعثة طبية في زامبوانجا عندما ضرب إعصار هايان بلدة تاكلوبان، مسقط رأسه، التي تقع في وسط الفلبين في 8 نوفمبر 2013. وقد أدى الإعصار إلى قطع خطوط الاتصالات وتعليق الرحلات الجوية التجارية ولذلك فيلاز لم يتمكن من الاتصال بأسرته. وحتى الآن، لا يزال نحو 207,000 شخص مشردين من أصل 221,000 نسمة، وهو إجمالي عدد سكان تاكلوبان (بحسب تقديرات عام 2010).

وتعليقاً على ذلك، قال فيلاز: "الفترة الأكثر صعوبة هي الأيام الثلاثة التي لم أستطع فيها معرفة مكان أسرتي". وأخيراً عندما وجد وسيلة للوصول إلى تاكلوبان، صُدم بحجم الدمار الذي لحق بالمدينة. فلقد تضررت جميع التقسيمات الفرعية للمدينة البالغة 138 تقسيماً (التي يطلق عليها محلياً اسم 'بلدات').

فقد ضرب إعصار هايان (الذي يُعرف محلياً باسم يولاندا) اليابسة ست مرات في وسط وغرب الفلبين حيث ضربت الرياح التي وصلت سرعتها إلى 315 كيلومتراً في الساعة السكان والمباني وكان مصحوباً بعواصف قوية بلغت سرعتها 380 كيلومتراً في الساعة، وفقاً لبيانات الحكومة الفلبينية.

وقال أحدث تقرير صدر عن المجلس الوطني للحد من مخاطر الكوارث في الفلبين أن نحو 4 ملايين شخص ما زالوا مشردين، بينما لقي أكثر من 5,000 شخص حتفه.

وقال فيلاز: "على الرغم من أننا معتادون على وقوع عواصف في هذا الجزء من البلاد، إلا أنني لم أشهد دماراً مثل هذا من قبل. وكان من واجبي أيضاً الاستجابة لهذه الأزمة. وبمجرد أن اطمأننت على أسرتي، كنت أعلم أنه يجب عليّ المساعدة في إعادة بناء مجتمعي أيضاً".

وقال رودريكو أوفرين، مستشار دول جنوب شرق آسيا للإجراءات الطارئة والإنسانية في منظمة الصحة العالمية، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)  في عام 2010: "في أول 24 إلى 48 ساعة من وقوع الكارثة، يتحمل المجتمع المحلي عبء الاستجابة. ومن الخطأ الاعتماد على المساعدة الخارجية".

وقال جوين بانج، الأمين العام للصليب الأحمر الفلبيني، الذي يقوم بتدريب المتطوعين المحليين على الاستجابة لحالات الطوارئ، أن المستجيبين في المجتمع المحلي أصبحوا أكثر أهمية اليوم نظراً لتضاعف عدد وشدة الكوارث.

وفي عام 2012، صنف مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، الفلبين في المرتبة الثانية عشر على مستوى العالم في قائمة الدول الأكثر عرضه للأعاصير المدارية والفيضانات ومخاطر الزلازل والانهيارات الأرضية.

وقال بانج لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "يتميز أداء أول المستجيبين بالفعالية لأنهم يعرفون المجتمع واحتياجاته والموارد المتاحة ... ولكن لأول المستجيبين، فهم يعتبرون أيضاً من الناجين، ولذلك هم بحاجة إلى الدعم النفسي والاجتماعي لكي يتأقلموا بشكل أفضل [مع الأوضاع من حولهم]".

أول من يستجيب وآخر من يحصل على المساعدة!

وقال خورخي سيرالتا، وهو طبيب نفسي يعمل مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنه غالباً ما يكون عمال الإغاثة المحليين ضمن آخر من يتلقى مثل هذا الدعم بسبب رباطة الجأش المتصورة عنهم.

وأضاف سيرالتا، الذي يوجد في الفلبين لتقييم الصحة النفسية لموظفي مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية وإسداء المشورة لمديري وكالات الأمم المتحدة الأخرى حول الرعاية الصحية للموظفين: "إنهم متماسكون. إنتاجيتهم المرتفعة التي يغذيها الحماس والإحساس القوي بسمو الهدف لأنهم يساعدون مجتمعهم، يوحي بأنهم يتأقلمون بشكل جيد مع الوضع".

وأضاف أنه حتى لو قدمت إليهم مشورة لتأقلم مع الحزن والفقدان، سوف يرفض البعض بسبب وصمة العار المحلية ضد أي تصور للضعف العقلي. 

وفي بعض الأحيان يفعلون هذا ببساطة لامتنانهم العميق لبقائهم على قيد الحياة، كما كان الحال مع جميله أراسيد، الأخصائية الاجتماعية في القطاع الحكومي التي تعالج الأشخاص المشردين في زامبوانجا، والتي احترق منزلها في اليوم الثاني من الحصار.

وعن ذلك قالت: "لم نستطع ادخار أي شيء- لم يكن لدىّ مركبة لنقل الأشياء. حاولت استئجار [وسيلة نقل عامة]. لدرجة أنني قلت، 'اطلب الأجرة التي ترغب فيها' لكن لم يتجرأ أحد منهم على مساعدتنا. نعم، إنه لأمر محزن، خاصة عندما أفكر في أننا فقدنا كل شيء ادخرناه على مدار سنوات عديدة قد ذهب أدراج الرياح. ولكنني ما ألبث أن أفكر في الآخرين الذين شُردوا، وكيف يعيشون دون أن يكون لديهم عمل أثناء الحصار وحتى بعده. فعلى الأقل لا تزال لديّ وظيفة، ولا أزال أحصل على راتب خلال فترة الحصار. أحمد الله الذي نَجَّانَا من هذا".

وكانت الضغوط المالية أكثر ما يقلق عمال الإغاثة المحليين الذين شملتهم الدراسة الاستقصائية، وفقا لطبعة عام 2012 من المبادئ التوجيهية لإدارة الإجهاد للعاملين في المجال الإنساني التي أعدتها مؤسسة أنتاريس ومقرها ستوكهولم، بالتعاون مع مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة.

وقال فاوست، الذي كان يعمل في السابق مع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ولكنه استشارياً مستقلاً الآن في نيوزيلندا: "في أعقاب الكارثة أو أثنائها، تكون القدرة على كسب الأجور ضئيلة للغاية". وأضاف قائلاً: "لن يجازف أحد من الذين يعملون في مثل هذه الظروف بفقدان هذه الفرصة من خلال المطالبة بأكثر مما يتلقون بالفعل".

وفي أغلب الأحيان يشكو العاملون المغتربون من القيود على حرية الحركة بسبب المخاوف الأمنية، ومشكلات الإسكان، والصراعات مع زملاء العمل، وعدم وجود توجيه من الإدارة، وعبء العمل الزائد.

في السياق ذاته، كشفت البيانات المستمدة من الدراسات الاستقصائية لما يقرب من 1,000 من  العاملين في المعونة الوطنية من العراق والأردن وسريلانكا، أن ما يتراوح بين النصف إلى ثلثي هؤلاء كانت لديهم مستويات واضحة سريرياً من الاكتئاب، وأن لدى قرابة النصف أعراض واضحة سريرياً من القلق. وبدا على ما بين خُمس ورُبع الموظفين المحليين الذين شملهم الاستطلاع أعراض بارزة على اضطراب ما بعد الصدمة.

على الجانب الآخر، أبدى نظراؤهم الدوليون مستويات أدنى من الاكتئاب (20 بالمائة) ومن القلق (12 بالمائة) بعد وصولهم إلى مناطق العمل، كما تبين أن هناك حالات قليلة جداً تعاني من أعراض سريرية واضحة على وجود اضطراب ما بعد الصدمة.

وأفاد معظم العاملين في سريلانكا أنهم فقدوا ممتلكاتهم أو احتاجوا إلى الفرار بشكل فجائي أثناء الحرب الأهلية، فيما ذكر أكثر من الثلث أنهم اضطروا للعيش في مخيم للنازحين، والسير دون طعام أو ماء، أو المعاناة بسبب فقدان أحد أفراد الأسرة أو صديق من جرّاء أعمال العنف.

"واجب العناية"

وقال فاوست أنه من المرجح أن يسعى الموظفون الدوليون إلى التماس وتلقي الدعم في مجال الصحة النفسية، موضحاً أن بلادهم تطبق في الغالب "واجب العناية"، كجزء من القانون العام، أو أن هناك التزاماً قانونياً صريحاً  في معظم الدول المتقدمة التي تضع على الفرد مسؤولية ضمنية بأن لا يلحق الأذى بالآخرين، وهذا يشمل الوقاية من الأضرار النفسية.

وقال فاوست: "الموظفون الدوليون التابعون للمنظمات الربحية وغير الربحية على حد سواء ربحوا القضايا التي رفعوها في المحاكم ونجحوا في اتخاذ إجراءات ضد أصحاب العمل بسبب عدم وجود واجب العناية. لكن المدهش بالنسبة لي هو أنه لم تتم إحالة هذه الحالات إلى المحاكم نيابة عن الموظفين المعينين محلياً".

وقد تم بذل جهود ملحوظة لتحسين دعم الصحة العقلية لعمال الإغاثة المحليين. وفي هذا الصدد، قال سيرالتا أن الأمم المتحدة قد ضاعفت عدد مستشاري الموظفين في السنوات السبع الماضية. وأشاد فاوست بمركز رعاية الموظفين الذي أنشأته مؤخراً الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، الذي يهدف إلى توفير خدمات الدعم الشامل لجميع موظفي الوكالة في جميع أنحاء العالم.

ولكن مثل هذه المبادرات قليلة للغاية وتمويلها ضعيف جداً، أو تتمخض ببساطة عن بعض حلقات العمل دون حدوث تغيير مؤسسي. ويرى فاوست أن إحدى السبل لتعزيز مثل هذه الجهود هو أن تطلب الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من طالبي التمويل أن يضمنوا تنفيذ برامج تهتم بالرعاية الصحية للموظفين، الأمر الذي "يمكن أن يغير الطريقة التي تقدم بها مثل هذه الخدمات"، في ظل الدور البارز الذي تقوم به الوكالة في تمويل المساعدات الإنسانية.

ومن دون ممارسة ضغوط من قبل المانحين فلن يتغير الكثير، كما كان الحال في هايتي، حيث قال فاوست أن عدم الاهتمام بالعاملين في مجال المعونة من المجتمعات المحلية المتضررة من الكارثة كان "سافراً".

وذكر في رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)  أنه "على الرغم من مئات الملايين من الدولارات التي تتدفق على الوكالات، كان من المستحيل تقريباً إيجاد بضع عشرات الآلاف [من الدولارات] لدعم الموظفين المحليين". وأضاف أنه "لم يكن هناك أحد من الموظفين [الأعضاء] المعينين محلياً إلا وتعرض لخسائر مفجعة... في الدول الغربية كان سيتم إعادة هؤلاء الناس إلى دولهم ونصحهم بأن يطلبوا المساعدة".

من جانبه، قال سيرالتا أن هناك حاجة لتوفير المزيد من الموارد لتلبية الاحتياجات النفسية والاجتماعية للعاملين المحليين في المجال الإنساني، الذين يحتاجون للدعم بنفس القدر، إن لم يكن أكثر، مثل الموظفين الدوليين تماماً. "يمكنهم سماع القصص بلغتهم الخاصة. ويمكنهم الشعور بأمور لا يمكننا [نحن العاملون الدوليون في مجال المعونة] الشعور بها".

كان جيوفارد مونتيجو ضمن فريق من الممرضين التابعين للحكومة الفلبينية الذين عملوا على تلبية احتياجات الرعاية الصحية الطارئة للأمهات عقب إعصار بوبها (الذي يطلق عليه محلياً اسم بابلو) في جنوب الفلبين في عام 2012، والذي يصنف على أنه الإعصار الأكثر دموية في الدولة خلال العقدين الماضيين (حيث خلف نحو 1,900 شخص ما بين قتيل أو مفقود) حتى وقوع إعصار هايان.

وقال مونتيجو أنه قد أُرسل مؤخراً إلى وسط الفلبين للمساهمة في جهود الإغاثة في إعصار هايان: "نحن بحاجة إلى إحاطات خاصة بالإجهاد، أيضاً. سيكون من قبيل المفارقة ألا نتمكن -نحن العاملون في مجال الصحة - من تقديم الرعاية الصحية".

وقبل خمس سنوات، ذكرت دراسة استعراضية بارزة أجراتها مؤسسة كوكرين ومقرها المملكة المتحدة أنه "لم يتم العثور على أي دليل" على أن الإحاطات الخاصة باضطرابات ما بعد الصدمات (التي تُسمى أيضاً استخلاص المعلومات حول الإجهاد الناتج عن الحوادث الحرجة) كانت فعالة، والواقع أنها يمكن أن تسبب الضرر.

من ناحية أخرى، دافع باحثون آخرون عن إجراء هذه الممارسة على العاملين في حالات الطوارئ، وهي الغرض الأصلي الذي كانت تتم من أجله عمليات استخلاص المعلومات بالأساس.  

من جهتها، تدعو مؤسسة أنتاريس إلى "دعم عملي وعاطفي ومناسب من الناحية الثقافية للموظفين في نهاية المهمة أو العقد".

وقال سيرالتا أن من بين التوصيات التي يجري تنفيذها في الفلبين لتخفيف إجهاد العاملين في المجال الإنساني هي العمل الميداني لفترات أقصر، وأخذ فترات للراحة، وزيادة المناوبات فيما بين الموظفين. 

كما توجد برامج للدعم النفسي للناجين من الكوارث –تتولى قيادة معظمها المنظمات غير الحكومية أو وزارة الصحة أو وزارة الرعاية الاجتماعية – لكن الحكومة الفلبينية توفر المساعدة للعاملين في حالات الطوارئ على "أساس الحاجة" فقط.

من جانبه، أشار ناراديلي بوي، المسؤول الإعلامي في المكتب المحلي التابع لوزارة الرعاية الاجتماعية في منطقة زامبوانجا، إلى أن "الحاجة الملحة هي الاهتمام بالضحايا أولاً. مع ذلك، فقد أصبحت الخطوط الفاصلة بين الضحايا والمستجيبين الآن غير واضحة".

as-pt/he-kab/dvh


This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join