1. الرئيسية
  2. Middle East and North Africa
  3. Iraq

تحليل: الإخفاق في معالجة الأسباب الجذرية للعنف في العراق

A 3-meter-wide trench, expected to be 58-km long when completed, is being dug around the city of Kirkuk in an attempt to reduce terrorist attacks in the city. Kirkuk, an ethnically mixed city home to Kurds, Arabs and Turkmen, is disputed by the semi-auton Ali Arafa/Metrography

تقوم محافظة كركوك في شمال العراق، بحفر خندق يمتد طوله لنحو 58 كيلومتراً حول المدينة بهدف حمايتها من العنف. وتأتي هذه الخطوة في ظل وقوع هجمات دورية بالقنابل وعمليات اغتيال تهدد سلامة سكانها الذين ينتمون لعرقيات متعددة.

لكن الخبراء يقولون أن هذا الإجراء، مثل سائر التدابير الأمنية الحديثة، لن يحقق في النهاية الكثير لأنه يفشل في معالجة الأسباب الجذرية للعنف.

وتقع محافظة كركوك الغنية بالنفط في صلب النزاع على السلطة بين الحكومة المركزية في بغداد والمنطقة الكردية التي تتمتع بحكم شبه ذاتي في الشمال، والتي تسيطر عليها حكومة إقليم كردستان. وفي وسط مدينة كركوك، يمكن الاستماع إلى العديد من اللغات المختلفة التي يتحدثها العرب والأكراد والتركمان والسنّة والشيّعة والآشوريون المسيحيون الذين يعيشون جميعاً هنا، ويتوق المواطنون من كل مجموعة إلى الأمن.

ويأتي هذا الخندق كجزء من خطة أمنية أوسع نطاقاً يجري تنفيذها هذا العام لتعزيز الإجراءات الأمنية على مستوى العراق. وقد تصاعدت وتيرة أعمال العنف في شهر يوليو إلى مستوى غير مسبوق خلال خمس سنوات. ففي مطلع هذا العام، أعلن مسؤولون عن تشديد نقاط التفتيش الأمنية في المدينة لمواجهة الهجمات الدموية المستمرة التي تودي بحياة العشرات.

وفي 15 سبتمبر الجاري، أدت الهجمات بالسيارات المفخخة عبر العراق إلى مقتل ما لا يقل عن 58 شخصاً، وذلك في أعقاب مقتل 21 آخرين في تفجير استهدف جنازة في اليوم السابق. وفي الوقت الحالي حيث تقع هجمات إرهابية طائفية مُنظمة كل بضعة أيام، يناقش القادة العراقيون على المستوى المحلي والوطني أفضل السبل للقضاء على أعمال العنف.

إلى ذلك، قالت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير صدر حديثاً أن "تجدد الحرب الأهلية الطائفية هو خطر جدي".

وفي كركوك، أسفرت عملية تفجير انتحارية وحشية في 12 يوليو استهدفت إحدى المقاهي في المدينة عن مقتل أكثر من 30 شخصاً. وكان رد فعل الشرطة إزاء هذه الهجوم هو غلق جميع المقاهي في المدينة لمدة ثلاثة أيام.

وفي نهاية شهر أغسطس، قال العميد سرحد قادر، رئيس الشرطة في المدينة، لصحيفة روداو، وهي صحيفة إلكترونية تصدر من إربيل، أن قوة شرطة كركوك لم تستطع مواكبة الوضع "فالمجموعات المسلحة تستطيع شن هجمات في أي وقت وفي أي مكان تختاره لأنها لا تجد من يمنعها".

الخندق

وقال قاسم حمزه، عضو مجلس محافظة كركوك، أن التكلفة التقديرية للخندق تصل إلى نحو 2.8 مليون دولار ويصل عرضه إلى 3 أمتار فيما يبلغ عمقه مترين اثنين.

وقال حسن توران، رئيس مجلس محافظة كركوك لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "المشروع سوف يحد من الهجمات الإرهابية التي تستهدف سكان كركوك".

وعلى الرغم من ذلك، هناك جدل بشأن الخندق الأمني، إذ يشكو المزارعون العرب والتركمان في جنوب المدينة من أن الخندق يمر عبر أراضيهم ويفصلها عن مصدر المياه.

وفي هذا الصدد، قال صلاح سامي، الذي يربي الماشية في قرية شارداجلو التي تقع على بعد 12 كيلومتراً جنوب كركوك: "الأرض هي المصدر الذي نكتسب منه رزقنا. وإذا لم يزودوننا بالماء، فسوف يهجر أهالي القرية هذه الأرض...لدينا قرابة 10,000 رأس ماشية مهددة بالجوع".

لكن حسن توران قال أن تحسين الوضع الأمني في المدينة سوف يعوض على نحو أفضل أي "هجمات ضد المزارعين".

في الوقت ذاته، يخشى السياسيون العرب في كركوك من أن الإحباط من ممارسات حكومة الإقليم ذات الأغلبية الكردية قد يزيد من اشتعال التوترات الطائفية في المدينة. ويرى الخبراء أن تهميش المزارعين السنَة قد يقوي موقف الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة، والتي تغذي خيبة الأمل تجاه الحكومة المحلية.

ردود الفعل تجاه تصاعد العنف

ويرى المحللون أن الخندق ربما يوقف نسبة ضئيلة من الهجمات في المدينة على المدى القصير، إلا أن الجماعات المسلحة ستجد حتماً طرقاً أخرى للتكيف. 

 أي تحسن قصير الآجل من حيث الوضع الأمني قد ينعكس على المدى الطويل إذا ما شعر السنّة بأنهم مستهدفون من قبل الحكومة على جرائم لم يقترفوها

 إلى ذلك، قالت مجموعة الأزمات الدولية في تقريرها الشهري الذي يصدر بعنوان مراقبة الأزمات: "حتى الآن، يبدو أن هناك رغبة ضعيفة لدى القادة السياسيين لتقديم التنازلات الضرورية لوقف العنف المتصاعد". وأضافت: "بدلاً من ذلك طلبت الحكومة من الولايات المتحدة تزويدها بأسلحة ودعم استخباراتي إضافي من أجل 'مكافحة الإرهاب'". وفي أغسطس، ألقت السلطات القبض على 670 شخصاً، بحسب مجموعة الأزمات الدولية، في إطار حملة عسكرية جديدة أطلقت عليها اسم "انتقام الشهداء".

وقد ركزت العملية الأمنية على عمليات اعتقال واسعة النطاق للمشتبه فيهم بأنهم "إرهابيون" في المناطق ذات الأغلبية العربية السنية في أطراف العاصمة بغداد، فضلاً عن ضبط كميات من الأسلحة. وفيما حققت العملية بعض النجاح، إلا أنها تمثل- مثل خندق كركوك- بعض المخاطر أيضاً.

قال حيدر الخوئي، باحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد تشاتام هاوس في لندن أن "أي تحسن قصير الآجل من حيث الوضع الأمني قد ينعكس على المدى الطويل إذا ما شعر السنّة بأنهم مستهدفون من قبل الحكومة على جرائم لم يقترفوها".

ويقول الخبراء أن ارتفاع معدلات العنف في محافظة كركوك مرتبط بالقوة المتزايدة، على الصعيد الوطني، لتنظيم القاعدة وجماعات متطرفة أخرى في الأشهر الأخيرة وأن حالة عدم الاستقرار الناجمة عن الخلافات المتعلقة بتقاسم السلطة تجعل كركوك هدفاً سهلاً لتلك المجموعات.

تقاسم السلطة

والاستفتاء حول وضع كركوك، الذي كان من المقرر إجراوه عام 2007، لم يتم حتى الآن، ولم تُعقد أية انتخابات محلية منذ عام 2005. ويضم مجلس المحافظة ستة أعضاء يمثلون المجموعة العربية وتسعة أعضاء يمثلون المجموعة التركمانية و26 عضواً يمثلون التحالف الكردي. وبينما يقول العرب والتركمان أنهم لا يحظون بتمثيل كاف (رغم أن التحالف الكردستاني يشمل عرقيات أخرى)، يقول أعضاء المجلس الكردستاني أن عدم كفاية تمثيل العرب يرجع إلى مقاطعة العرب لانتخابات مجالس المحافظات التي جرت في عام 2005.

وفي هذا الصدد، قال رئيس الكتلة العربية في مجلس محافظة كركوك :"لا توجد مساواة في تقاسم السلطة في كركوك. والجماعات الكردية هي التي تسيطر على السلطة الأمنية".

وفي شهر أبريل، قامت القوات الأمنية للحكومة ذات الأغلبية الشيعية بحملات قمع عنيفة للاحتجاجات التي نظمها العرب ضد الحكومة في الحوجة، جنوب مدينة كركوك. وقد وقعت على إثرها مصادمات أسفرت عن عشرات القتلى. وأدى هذا الحادث إلى زيادة أعمال العنف عبر الدولة، وذلك بحسب رأي المحللين، بينما يرى رئيس الكتلة العربية أن الحملات الأمنية العنيفة مثل هذه قد زادت من تفاقم التوترات الطائفية.

ويطالب عدد متنامي من التركمان في كركوك بضرورة تشكيل قوة شرطية خاصة بهم لتأمين المناطق التركمانية.

وقال محمد الصالحي، وهو شيعي تركماني، في إشارة لقوات الأمن التابعة لحكومة إقليم كردستان :"نريد رجال شرطة للتركمان مثلما يوجد للأكراد ‘أسايش’. نريد قوة للتركمان في كركوك وقوة شرطية تتواجد في شوارع التركمان. نشعر بأن هذا سيؤدي لتحسين مستوى الأمن وتصبح بلادنا مكاناً أكثر أماناً". 

ويعيش الصالحي بالقرب من أكاديمية الشرطة ومسجد شيعي- وكلاها يعد هدفاً للهجمات. وكان تفجير المقهى في 12 يوليو قريباً من منزله.

ويأتي الدفع باتجاه تشكيل قوات أمن ذات طبيعة عرقية في إطار اتجاه أوسع نطاقاً، في ظل دعوة الحكومة المركزية لقادة القبائل بإعادة تشكيل قوات "الصحوة" عبر العراق، بهدف القضاء على الميلشيات و"أقلمة" القوات الأمنية. ويُذكر أن قوات الصحوة كانت عبارة عن جماعات من العرب السنّة شكلتها القوات الأمريكية في الفترة ما بين عامي 2006-2007 بغرض مواجهة المسلحين السنّة مثل تنظيم القاعدة.

وتعليقاً على هذا، قال سنان إسماعيل، وهو صحفي كردي يعمل في كركوك، أنه مثال آخر على النهج الخاطئ في التعاطي مع الوضع الأمني. ويعتقد أن الحل للمشكلات التي تعاني منها كركوك يكمن في تقاسم فعال للسلطة.

وقال محلل سياسي آخر يعمل مع منظمة غير حكومية في كركوك، فضلّ عدم الكشف عن اسمه، أن المضي قُدماً باتجاه تشكيل قوات أمنية ذات طبيعة عرقية لن يقود إلا إلى تحطيم آمال تعزيز اللُحمَة بين طوائف الشعب، مضيفاً ان الانتخابات هي الوحل الوحيد لمشكلات المدينة.

لكن انتخابات مجالس المحافظات قد أُجلّت لسنوات نتيجة لشكاوى العرب والتركمان بشأن سجلات الناخبين، التي يقولون أنها تحتوي عدداً مبالغ فيه للأكراد.

وتعكس حالة الانسداد السياسي في كركوك تعكس أيضاً خلافات أوسع في الحكومة العراقية، حيث يرى الخبراء أن العرب السنّة يشعرون بأنهم مستبعدون من عملية صنع القرار في بغداد.

وختاماً قال علي من معهد دراسة الحرب :"يجب أن تتضمن الخطوة الأولى إعادة بناء الثقة والبدء في تنفيذ سياسيات احتوائية".

aa-co/ha/rz-kab/dvh


This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join