لم يكن أي شخص يعمل في مجال الاغاثة في السنوات الأخيرة يستطيع أن يتجنب العبارة الطنانة "القدرة على الصمود أو المجابهة"- لكن ماذا يعني هذا المصطلح من الناحية العملية، وكيف ساعد في تشكيل العمل على أرض الواقع؟
في الواقع، لا يوجد تعريف موحد لهذا المصطلح، كما تشير مسودة بحث أعدها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وقد تم تكليف وكالة الأمم المتحدة الرئيسية المختصة بالتنمية، جنباً إلى جنب مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، بإيجاد طرق للنظر في كيفية تحسين عمل الجهات الفاعلة الإنسانية والإنمائية معاً من أجل بناء القدرة على الصمود.
تعرف استراتيجية الأمم المتحدة الدولية للحد من الكوارث هذا المصطلح بأنه "قدرة نظام ما أو مجتمع محلي أو مجتمع معرض للأخطار على مقاومة آثار المخاطر واستيعابها واحتواءها والتعافي منها في الوقت المناسب وبطريقة فعالة". وفي الوقت نفسه، يصف الفريق الحكومي الدولي بشأن تغير المناخ القدرة على الصمود بأنها "مقدار التغير الذي يستطيع نظام ما أن يمر به دون تغيير حالته العامة". وتعرفها وزارة التنمية الدولية البريطانية بأنها "قدرة البلدان والمجتمعات والأسر على إدارة التغيير، من خلال الحفاظ على مستويات المعيشة أو تحويلها لمواجهة الصدمات أو الضغوط ... دون المساس بآفاقها على المدى الطويل".
لكن وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن هذه التعريفات وغيرها تركز بشكل ضيق للغاية على الاستجابة للصدمات بدلاً من منعها أو التأهب لها، وهدفها المعلن هو عودة المجتمعات المحاصرة إلى حالتها الأصلية فقط. لذا يقترح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تعريفاً آخر للقدرة على الصمود وهو "عملية التحول من تعزيز قدرة الناس والمجتمعات والبلدان على توقع الصدمات وإدارتها والتعافي منها والتحول منها" - وهي الطريقة المعروفة باسم إعادة البناء على نحو أفضل.
وقال صمويل دو، مسؤول تنسيق القدرة على الصمود في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن القدرة على الصمود "هي عملية أكثر منها نتيجة"، مضيفاً أنه يصاب بالذهول عندما يسمع عن منظمات تخطط "لطرح القدرة على الصمود".
وأضاف أن أي مجتمع يستهدفه برنامج تشمل مكوناته القدرة على الصمود من المفترض أن يشعر في نهاية المطاف بارتفاع مستوى احترام الذات والحساسية جنسانية، والقدرة على تنظيم نفسه، وأن يصبح لديه نظام فعال للإنذار المبكر وأشكال أخرى من الاكتفاء الذاتي.
وأوضحت ساره مسكروفت من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنه في الميدان لا تعتبر الأنشطة التي تعمل على تحسين قدرة الأسر والمجتمعات الضعيفة على الصمود" - كالحد من مخاطر الكوارث ودعم سبل العيش والحماية الاجتماعية والخدمات الأساسية - أنشطة جديدة.
وأضافت أن "الجديد هو الطريقة التي يتم بها تقييم الاحتياجات والتخطيط للبرامج وتنفيذها. كما سيكون الجمع بين الجهات الفاعلة الإنسانية والإنمائية والتوفيق بين أدوات التقييم والتخطيط محورياً في هذا النهج".
إنمائية أم إنسانية؟
ويمكن أن تكون القدرة على الصمود كالجسر الذي يربط بين الاستجابة لحالات الطوارئ والمساعدات الإنمائية طويلة الأجل، بحيث تعالج نقاط الضعف التي تجعل الناس عرضة للصدمات. لكن لا يزال هناك التباس حول من ينبغي أن يتحمل مسؤولية أكبر - العاملون في المجال الإنساني الذين يقدمون الإغاثة الفورية خلال أزمة ما، أو الجهات الفاعلة الإنمائية التي تعمل على المدى الطويل.
وقال سيمون ليفين، وهو باحث في معهد التنمية الخارجية (ODI): "من خلال ما أرى في المناقشات وورش العمل، هناك اهتمام أكبر بالقدرة على الصمود بين العاملين في المنظمات الإنسانية، وهناك اتجاه لاعتبار القدرة على الصمود أمراً على المساعدات الإنسانية دمجه في استجابتها – أي 'إعادة البناء على نحو أفضل' - لمنع تكرار الأزمات".
وأضاف قائلاً: "أعتقد بقوة أن هذا يضع التركيز في المكان غير المناسب ... إن الدافع الحقيقي وراء جدول أعمال القدرة على الصمود يجب أن يكون الإدراك أن وظيفة "المساعدات الإنمائية" هي منع الناس من الوقوع في أزمة".
لكن العاملين في المنظمات الإنسانية يقولون أنهم بذلك يعملون خارج إطار مسؤولياتهم التي تقتصر على تقديم الإغاثة. وقد أدت الأزمات المتكررة - مثل الأعاصير في المحيط الهندي، والجفاف في منطقة الساحل والقرن الأفريقي، والفيضانات في جنوب أفريقيا - بالفعل إلى التأمل كثيراً في ما إذا كانت المساعدات الإنسانية لا تتعدى كونها إسعافات أولية لمشاكل بنيوية.
وقد قام مسؤولون في مجال المعونة الإنسانية، مستوحين أفكارهم من دراسات الضعف التي في منتصف سبعينيات القرن الماضي، بتحويل مسار اهتمامهم بشكل متزايد نحو إيجاد حلول طويلة الأجل. وأدى هذا إلى خلق نهج جديد يسمى الحد من مخاطر الكوارث. وكان إطار عمل هيوغو - أول إطار مقبول دولياً بشأن الحد من مخاطر الكوارث، الذي اعتُمد في عام 2005، "أول محاولة شاملة لتحديد تفاصيل مكونات الصمود،" كما أشارت مارغريتا والستروم، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث.
وقد أصبحت المساعدات الإنسانية اليوم أكثر من مجرد حفر بئر لتوفير المياه في مناطق الجفاف، كما أوضحت دوروثي كلاوس، رئيسة البرامج والتخطيط لمنطقة القرن الأفريقي في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف). فأثناء قيامها بذلك، تأخذ المنظمة الإنسانية في اعتبارها احتياجات الثروة الحيوانية وتآكل البيئة، وتحاول التأكد من أن العائلات تفهم سبب التدخل وتتبنى ملكية المشروع - وهي العوامل التي يأخذها أي مشروع تنمية بعين الاعتبار.
من جهته، قال جاكوب ورنرمان، خبير الحد من مخاطر الكوارث التابع لمنظمة اليونيسف في منطقة الساحل، أن المعونة الإنمائية والإنسانية تهدف إلى الحد من أنواع مختلفة من الضعف. وأضاف أن المعونة الإنمائية تميل إلى التركيز على الحد من أوجه الضعف الواسعة النطاق، لاسيما بهدف تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. أما المساعدات الإنسانية، فتركز على الحد من سرعة تأثر المجتمع أو الفرد بالأزمات على أرض الواقع.
عدم وضوح الخطوط
وأفادت مسكروفت من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن تبني المنظمات الإنسانية للقدرة على الصمود "سوف يستلزم التحول من نموذج "الإغاثة إلى التنمية" التقليدي إلى تبني نهج أكثر تكاملاً وقادراً على تلبية الاحتياجات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل في آن واحد".
وهذا هو بالضبط ما ينادي به لوكا الينوفي، ممثل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) في الصومال الذي ويقول أن تصنيف المساعدات على أنها "إغاثة" أو "إنعاش مبكر" أو "تنمية" لا يفعل شيئاً يذكر لمساعدة دول مثل الصومال، التي تواجه ما يعرف في مصطلحات المعونة "بالأزمة طويلة الأمد".
لكن كيفية تصنيف المساعدات يؤثر على كيفية تمويلها؛ فقد تتم إتاحة الأموال للتدخل الفوري فقط، أو قد تُمنح في صورة أقساط سنوية.
وقال الينوفي لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في عام 2011، قبل حدوث المجاعة في الصومال، التيألقى فيها العديد من الخبراء باللوم على عدم كفاية تمويل المشاريع طويلة الأجل التي كان من شأنها تعزيز قدرة الصوماليين على الصمود في مواجهة الصدمات المناخية: "إذا كنا نريد مساعدة هذا البلد على الخروج من الأزمة، علينا تقديم التزام طويل الأجل".
وأكد في رسالة بالبريد الإلكتروني أن التيارات الإنسانية والإنمائية "يجب أن تتلاقى حول نتائج الصمود".
كما أفادت لين براون، كبيرة خبراء برنامج الأغذية العالمي الاقتصاديين، أن المشكلة "تكمن في محاولة القيام بعمل طارئ بطريقة تنتقل بسلاسة إلى التنمية فور انتهاء حالة الطوارئ".
ويمكن أن يساعد العاملون في المجال الإنساني على بناء القدرة على الصمود من خلال توفير تحليل مفيد للجهات الفاعلة في مجال التنمية، حسبما ذكر جاكوب راينر، مدير معهد البيئة والأمن البشري التابع لجامعة الأمم المتحدة في بون.
لكن هل تستمع الجهات الفاعلة في مجال التنمية إلى العاملين في المجال الإنساني؟ هذا من شأنه أن ينطوي على تحول كبير في التفكير، لاسيما بالنسبة للجهات المانحة الكبرى المشاركة في أعمال التنمية مثل البنك الدولي، والتي تستخدم معايير مختلفة كأدلة، كما يقول ليفين من معهد التنمية الخارجية.
مع ذلك، تدعو الجهات المانحة مثل الاتحاد الأوروبي إلى القيام بعملية تخطيط مشتركة لكل من المساعدات الإنمائية والإنسانية، كما أشار.
لكن دو من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أفاد أنه في حين تحاول كل وكالة ومنظمة وجهة مانحة وضع أطر حول القدرة على الصمود، إلا أن ذلك سيساعدها على التوصل إلى فهم مشترك.
هل تذكرون الإنعاش المبكر؟
وكانت هناك محاولات سابقة لبناء الجسور بين المساعدات الإنسانية والإنمائية، بما في ذلك نهج "الإنعاش المبكر"، الذي كان من المفترض أن يساعد البرامج الإنسانية على "تحفيز فرص التنمية المستدامة".
وقالت مسكروفت أنه "على الرغم من الجهود المبذولة، فإنه عادة ما ينظر للإنعاش المبكر على أنه عمل منفصل، وليس جزءاً لا يتجزأ من العمل الإنساني".
ويأمل دو أن يدفع جدول أعمال القدرة على الصمود باتجاه زيادة التركيز على الإنعاش المبكر. وعندما سئل عما إذا كان نهج القدرة على الصمود يهدف إلى تجنب الطريق الخطي الذي يبدأ بالإغاثة مروراً بالإنعاش ثم التنمية، أجاب أن الطريق إلى الأمام سيتكشف مع استمرار المناقشات بشأن هذه المسألة.
وتقول مسكروفت أن "أكبر التحديات" التي تعوق تنفيذ نهج القدرة على الصمود ستكون "تجاوز السيادة المؤسسية الراسخة" وإقناع الوكالات بأن تصبح أكثر مرونة وتكيفاً مع الأوضاع السائدة، وأن تفكر وتتصرف بشكل مختلف.
قياس شيء غير ملموس
في الوقت نفسه، تود معظم الجهات المانحة أن تعرف ما إذا كانت أموالها تجعل الناس في الواقع أكثر قدرة على الصمود.
وقالت يوجيني ريدي من منظمة اليونيسف، التي تعمل في الصومال، أن المقاييس الإحصائية مثل تغطية التحصين ومؤشرات التغذية والحصول على المياه يمكن أن تساعد في بناء صورة للقدرة على الصمود، لكن هناك مؤشرات على القدرة على الصمود يستحيل قياسها كمياً، مثل الثقة والقدرة على التكيف والتمكين.
وتقوم اليونيسف بالتشاور مع أحد المجتمعات المحلية في جنوب وسط الصومال التي تضررت من المجاعة في عام 2011 من أجل التوصل إلى فهم أفضل لمعنى القدرة على الصمود من وجهة نظر ذلك المجتمع. وتسعى المنظمة لمعرفة ما إذا كان مزيج من البيانات الكمية والنوعية سيساعدها على تقييم فعالية برامج القدرة على الصمود الخاصة بها.
وقال ليفين أن "نهج الأساليب المختلطة هو الوسيلة المثلى ... الشيء الوحيد الذي أختلف معه هنا ... هو وجود قياس مركب لهذا الجوهر غير المادي... فلا يمكنك التوصل إلى نتيجة حسابية تبين مدى قدرة طفل على الصمود في مواجهة أحد الأمراض المتوطنة (يساعد التحصين على مواجهته، لكن هذا يعتمد فقط على المكان الذي يعيش فيه، والتهديدات الصحية الأخرى التي تواجهه، الخ) ... [أو] مدى قدرة ابنهم على الصمود في مواجهة الانكماش في سوق العمل بعد 10 سنوات".
jk/rz/oa-ais/dvh
في الواقع، لا يوجد تعريف موحد لهذا المصطلح، كما تشير مسودة بحث أعدها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وقد تم تكليف وكالة الأمم المتحدة الرئيسية المختصة بالتنمية، جنباً إلى جنب مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، بإيجاد طرق للنظر في كيفية تحسين عمل الجهات الفاعلة الإنسانية والإنمائية معاً من أجل بناء القدرة على الصمود.
تعرف استراتيجية الأمم المتحدة الدولية للحد من الكوارث هذا المصطلح بأنه "قدرة نظام ما أو مجتمع محلي أو مجتمع معرض للأخطار على مقاومة آثار المخاطر واستيعابها واحتواءها والتعافي منها في الوقت المناسب وبطريقة فعالة". وفي الوقت نفسه، يصف الفريق الحكومي الدولي بشأن تغير المناخ القدرة على الصمود بأنها "مقدار التغير الذي يستطيع نظام ما أن يمر به دون تغيير حالته العامة". وتعرفها وزارة التنمية الدولية البريطانية بأنها "قدرة البلدان والمجتمعات والأسر على إدارة التغيير، من خلال الحفاظ على مستويات المعيشة أو تحويلها لمواجهة الصدمات أو الضغوط ... دون المساس بآفاقها على المدى الطويل".
لكن وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن هذه التعريفات وغيرها تركز بشكل ضيق للغاية على الاستجابة للصدمات بدلاً من منعها أو التأهب لها، وهدفها المعلن هو عودة المجتمعات المحاصرة إلى حالتها الأصلية فقط. لذا يقترح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تعريفاً آخر للقدرة على الصمود وهو "عملية التحول من تعزيز قدرة الناس والمجتمعات والبلدان على توقع الصدمات وإدارتها والتعافي منها والتحول منها" - وهي الطريقة المعروفة باسم إعادة البناء على نحو أفضل.
وقال صمويل دو، مسؤول تنسيق القدرة على الصمود في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن القدرة على الصمود "هي عملية أكثر منها نتيجة"، مضيفاً أنه يصاب بالذهول عندما يسمع عن منظمات تخطط "لطرح القدرة على الصمود".
وأضاف أن أي مجتمع يستهدفه برنامج تشمل مكوناته القدرة على الصمود من المفترض أن يشعر في نهاية المطاف بارتفاع مستوى احترام الذات والحساسية جنسانية، والقدرة على تنظيم نفسه، وأن يصبح لديه نظام فعال للإنذار المبكر وأشكال أخرى من الاكتفاء الذاتي.
وأوضحت ساره مسكروفت من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنه في الميدان لا تعتبر الأنشطة التي تعمل على تحسين قدرة الأسر والمجتمعات الضعيفة على الصمود" - كالحد من مخاطر الكوارث ودعم سبل العيش والحماية الاجتماعية والخدمات الأساسية - أنشطة جديدة.
وأضافت أن "الجديد هو الطريقة التي يتم بها تقييم الاحتياجات والتخطيط للبرامج وتنفيذها. كما سيكون الجمع بين الجهات الفاعلة الإنسانية والإنمائية والتوفيق بين أدوات التقييم والتخطيط محورياً في هذا النهج".
إنمائية أم إنسانية؟
ويمكن أن تكون القدرة على الصمود كالجسر الذي يربط بين الاستجابة لحالات الطوارئ والمساعدات الإنمائية طويلة الأجل، بحيث تعالج نقاط الضعف التي تجعل الناس عرضة للصدمات. لكن لا يزال هناك التباس حول من ينبغي أن يتحمل مسؤولية أكبر - العاملون في المجال الإنساني الذين يقدمون الإغاثة الفورية خلال أزمة ما، أو الجهات الفاعلة الإنمائية التي تعمل على المدى الطويل.
وقال سيمون ليفين، وهو باحث في معهد التنمية الخارجية (ODI): "من خلال ما أرى في المناقشات وورش العمل، هناك اهتمام أكبر بالقدرة على الصمود بين العاملين في المنظمات الإنسانية، وهناك اتجاه لاعتبار القدرة على الصمود أمراً على المساعدات الإنسانية دمجه في استجابتها – أي 'إعادة البناء على نحو أفضل' - لمنع تكرار الأزمات".
وأضاف قائلاً: "أعتقد بقوة أن هذا يضع التركيز في المكان غير المناسب ... إن الدافع الحقيقي وراء جدول أعمال القدرة على الصمود يجب أن يكون الإدراك أن وظيفة "المساعدات الإنمائية" هي منع الناس من الوقوع في أزمة".
لكن العاملين في المنظمات الإنسانية يقولون أنهم بذلك يعملون خارج إطار مسؤولياتهم التي تقتصر على تقديم الإغاثة. وقد أدت الأزمات المتكررة - مثل الأعاصير في المحيط الهندي، والجفاف في منطقة الساحل والقرن الأفريقي، والفيضانات في جنوب أفريقيا - بالفعل إلى التأمل كثيراً في ما إذا كانت المساعدات الإنسانية لا تتعدى كونها إسعافات أولية لمشاكل بنيوية.
وقد قام مسؤولون في مجال المعونة الإنسانية، مستوحين أفكارهم من دراسات الضعف التي في منتصف سبعينيات القرن الماضي، بتحويل مسار اهتمامهم بشكل متزايد نحو إيجاد حلول طويلة الأجل. وأدى هذا إلى خلق نهج جديد يسمى الحد من مخاطر الكوارث. وكان إطار عمل هيوغو - أول إطار مقبول دولياً بشأن الحد من مخاطر الكوارث، الذي اعتُمد في عام 2005، "أول محاولة شاملة لتحديد تفاصيل مكونات الصمود،" كما أشارت مارغريتا والستروم، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث.
وقد أصبحت المساعدات الإنسانية اليوم أكثر من مجرد حفر بئر لتوفير المياه في مناطق الجفاف، كما أوضحت دوروثي كلاوس، رئيسة البرامج والتخطيط لمنطقة القرن الأفريقي في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف). فأثناء قيامها بذلك، تأخذ المنظمة الإنسانية في اعتبارها احتياجات الثروة الحيوانية وتآكل البيئة، وتحاول التأكد من أن العائلات تفهم سبب التدخل وتتبنى ملكية المشروع - وهي العوامل التي يأخذها أي مشروع تنمية بعين الاعتبار.
من جهته، قال جاكوب ورنرمان، خبير الحد من مخاطر الكوارث التابع لمنظمة اليونيسف في منطقة الساحل، أن المعونة الإنمائية والإنسانية تهدف إلى الحد من أنواع مختلفة من الضعف. وأضاف أن المعونة الإنمائية تميل إلى التركيز على الحد من أوجه الضعف الواسعة النطاق، لاسيما بهدف تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. أما المساعدات الإنسانية، فتركز على الحد من سرعة تأثر المجتمع أو الفرد بالأزمات على أرض الواقع.
عدم وضوح الخطوط
وأفادت مسكروفت من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن تبني المنظمات الإنسانية للقدرة على الصمود "سوف يستلزم التحول من نموذج "الإغاثة إلى التنمية" التقليدي إلى تبني نهج أكثر تكاملاً وقادراً على تلبية الاحتياجات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل في آن واحد".
وهذا هو بالضبط ما ينادي به لوكا الينوفي، ممثل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) في الصومال الذي ويقول أن تصنيف المساعدات على أنها "إغاثة" أو "إنعاش مبكر" أو "تنمية" لا يفعل شيئاً يذكر لمساعدة دول مثل الصومال، التي تواجه ما يعرف في مصطلحات المعونة "بالأزمة طويلة الأمد".
لكن كيفية تصنيف المساعدات يؤثر على كيفية تمويلها؛ فقد تتم إتاحة الأموال للتدخل الفوري فقط، أو قد تُمنح في صورة أقساط سنوية.
وقال الينوفي لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في عام 2011، قبل حدوث المجاعة في الصومال، التيألقى فيها العديد من الخبراء باللوم على عدم كفاية تمويل المشاريع طويلة الأجل التي كان من شأنها تعزيز قدرة الصوماليين على الصمود في مواجهة الصدمات المناخية: "إذا كنا نريد مساعدة هذا البلد على الخروج من الأزمة، علينا تقديم التزام طويل الأجل".
وأكد في رسالة بالبريد الإلكتروني أن التيارات الإنسانية والإنمائية "يجب أن تتلاقى حول نتائج الصمود".
كما أفادت لين براون، كبيرة خبراء برنامج الأغذية العالمي الاقتصاديين، أن المشكلة "تكمن في محاولة القيام بعمل طارئ بطريقة تنتقل بسلاسة إلى التنمية فور انتهاء حالة الطوارئ".
ويمكن أن يساعد العاملون في المجال الإنساني على بناء القدرة على الصمود من خلال توفير تحليل مفيد للجهات الفاعلة في مجال التنمية، حسبما ذكر جاكوب راينر، مدير معهد البيئة والأمن البشري التابع لجامعة الأمم المتحدة في بون.
لا يمكنك التوصل إلى نتيجة حسابية تبين مدى قدرة طفل على الصمود في مواجهة أحد الأمراض المتوطنة (يساعد التحصين على مواجهته، لكن هذا يعتمد فقط على المكان الذي يعيش فيه، والتهديدات الصحية الأخرى التي تواجهه) |
مع ذلك، تدعو الجهات المانحة مثل الاتحاد الأوروبي إلى القيام بعملية تخطيط مشتركة لكل من المساعدات الإنمائية والإنسانية، كما أشار.
لكن دو من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أفاد أنه في حين تحاول كل وكالة ومنظمة وجهة مانحة وضع أطر حول القدرة على الصمود، إلا أن ذلك سيساعدها على التوصل إلى فهم مشترك.
هل تذكرون الإنعاش المبكر؟
وكانت هناك محاولات سابقة لبناء الجسور بين المساعدات الإنسانية والإنمائية، بما في ذلك نهج "الإنعاش المبكر"، الذي كان من المفترض أن يساعد البرامج الإنسانية على "تحفيز فرص التنمية المستدامة".
وقالت مسكروفت أنه "على الرغم من الجهود المبذولة، فإنه عادة ما ينظر للإنعاش المبكر على أنه عمل منفصل، وليس جزءاً لا يتجزأ من العمل الإنساني".
ويأمل دو أن يدفع جدول أعمال القدرة على الصمود باتجاه زيادة التركيز على الإنعاش المبكر. وعندما سئل عما إذا كان نهج القدرة على الصمود يهدف إلى تجنب الطريق الخطي الذي يبدأ بالإغاثة مروراً بالإنعاش ثم التنمية، أجاب أن الطريق إلى الأمام سيتكشف مع استمرار المناقشات بشأن هذه المسألة.
وتقول مسكروفت أن "أكبر التحديات" التي تعوق تنفيذ نهج القدرة على الصمود ستكون "تجاوز السيادة المؤسسية الراسخة" وإقناع الوكالات بأن تصبح أكثر مرونة وتكيفاً مع الأوضاع السائدة، وأن تفكر وتتصرف بشكل مختلف.
قياس شيء غير ملموس
في الوقت نفسه، تود معظم الجهات المانحة أن تعرف ما إذا كانت أموالها تجعل الناس في الواقع أكثر قدرة على الصمود.
وقالت يوجيني ريدي من منظمة اليونيسف، التي تعمل في الصومال، أن المقاييس الإحصائية مثل تغطية التحصين ومؤشرات التغذية والحصول على المياه يمكن أن تساعد في بناء صورة للقدرة على الصمود، لكن هناك مؤشرات على القدرة على الصمود يستحيل قياسها كمياً، مثل الثقة والقدرة على التكيف والتمكين.
وتقوم اليونيسف بالتشاور مع أحد المجتمعات المحلية في جنوب وسط الصومال التي تضررت من المجاعة في عام 2011 من أجل التوصل إلى فهم أفضل لمعنى القدرة على الصمود من وجهة نظر ذلك المجتمع. وتسعى المنظمة لمعرفة ما إذا كان مزيج من البيانات الكمية والنوعية سيساعدها على تقييم فعالية برامج القدرة على الصمود الخاصة بها.
وقال ليفين أن "نهج الأساليب المختلطة هو الوسيلة المثلى ... الشيء الوحيد الذي أختلف معه هنا ... هو وجود قياس مركب لهذا الجوهر غير المادي... فلا يمكنك التوصل إلى نتيجة حسابية تبين مدى قدرة طفل على الصمود في مواجهة أحد الأمراض المتوطنة (يساعد التحصين على مواجهته، لكن هذا يعتمد فقط على المكان الذي يعيش فيه، والتهديدات الصحية الأخرى التي تواجهه، الخ) ... [أو] مدى قدرة ابنهم على الصمود في مواجهة الانكماش في سوق العمل بعد 10 سنوات".
jk/rz/oa-ais/dvh
This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions
Share this article