أصدرت وزارة حقوق الإنسان العراقية تقريرا حديثا يوضح عدد الوفيات التي تكبدتها الأقليات العرقية في العراق نتيجة الهجمات المباشرة أو غير المباشرة التي تعرضت لها خلال الفترة من 2003 حتى نهاية 2007. كما تطرق التقرير أيضا لعدد النازحين من كل أقلية عرقية.
وقد تزعمت أقلية الشبك، المقيمة في محافظة نينوى بالشمال، لائحة الأقليات المتضررة بحوالي 529 قتيل و3,078 أسرة نازحة (حوالي 16,000 شخص).
ووفقا لعلماء اللاهوت، يتَّبِع الشبك، الذين يتراوح عددهم بين 300,000 و400,000 نسمة، مذهبا دينيا يختلط فيه الإسلام بالمسيحية وغيرهما من الديانات الأخرى. ويعتبرهم البعض فرعا من الأكراد في حين يرى البعض الآخر أنهم طائفة عرقية مستقلة بذاتها.
وجاءت الطائفة الإيزيدية، التي تستوطن هي الأخرى محافظة نينوى بالشمال و يقدس أتباعها الملك الطاووس، في المرتبة الثانية من حيث الاستهداف. إذ أفاد التقرير أن الاستهداف أودى بحوالي 335 من أتباعها، ولكنه لم يعط أية بيانات حول عدد النازحين من الإيزيديين.
وكان الإيزيديون، الذين يعتبرهم البعض كفارا، قد تعرضوا لأربع عمليات انتحارية متتالية في شهر أغسطس/آب 2007، أودت بحياة 215 منهم.
أما في المرتبة الثالثة، فجاءت الطائفة المسيحية التي لقي 172 شخصا من أتباعها حتفهم منهم 107 من الكلدان و33 من الأرثدوكس و24 من الكاثوليك وأربعة آشوريين وثلاثة أنجليكان وأرمني واحد. وأفاد التقرير أن هناك حوالي 1,752 أسرة مسيحية نازحة (أي حوالي 9,000 شخص).
ثم تلتها الطائفة الصابئة التي تعيش في مناطق مختلفة من العراق خصوصا في الجنوب، والتي راح منها حوالي 127 قتيل ونزحت منها 62 أسرة في حين لجئت منها 3,500 أسرة إلى الأردن و10,000 أسرة إلى سوريا.
الاضطهاد
منذ حوالي 36 عاما ويوسف يعقوب قادو، المسيحي البالغ من العمر 39 عاما، يعيش في أمن وأمان وسط جيرانه المسلمين في حي الدورة جنوب بغداد، ولكنه أُجبِر الآن على المغادرة بعد التهديدات التي تلقاها من المقاتلين.
ويتذكر يوسف اليوم الذي دق فيه بابه خمسة ملثمين قالوا أنهم من قاعدة العراق، ويروي ما حدث ساعتها قائلا: طلبوا مني اعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو مغادرة البيت... وعندما أخبرتهم أنني لا أستطيع أن أدفع لهم لأنني أحتاج إلى المال لإطعام أسرتي هددوا بذبحي ذبح النعاج ليجعلوا مني مثالا لكل المسيحيين... اضطررت ساعتها إلى مغادرة بيتي وأقيم الآن في بيت أخي الذي غادر العراق منذ عامين".
وحول ظاهرة العنف ضد الأقليات، قال أحمد جعفر المياهي، المحلل والمحاضر في مادة الدراسات الإسلامية بجامعة المستنصرية ببغداد، أن "ثقافة التطرف" هي التي أوصلت المجتمع العراقي إلى ما هو عليه، "ففي غياب حكم القانون، ظهرت ثقافة جديدة بعد 2003 يمكن تسميتها بقانون الغاب. حيث أصبح السنة والشيعة يتهمون بعضهم البعض وغيرهم من الأقليات غير المسلمة بالكفر والردة".
"