1. الرئيسية
  2. Middle East and North Africa
  3. Egypt

مصر: مرضى الإيدز يخوضون معركة ضد التمييز في مجال الخدمات الصحية

Testing for HIV/AIDS in a Ministry of Health laboratory in Amman, Jordan. For generic use, PlusNews UNAIDS/Pirozzi

عندما زار مصطفى عبد الرحمن، وهو مصري حامل لفيروس نقص المناعة البشرية، أحد مستشفيات القاهرة آخر مرة، تمت معاملته بشكل سيئ للغاية من قبل العاملين في المجال الطبي لدرجة أنه يرفض الآن العودة إلى المستشفى حتى بعد مرور ثمان سنوات.

خلال الأشهر الثلاثة التي قضاها عبد الرحمن في المستشفى في عام 2003، لم يقم الطبيب بزيارة غرفته أبداً، بل اكتفى بإرسال إحدى الممرضات مرة واحدة يومياً لإعطائه الدواء. وطوال فترة إقامته، لم يتول أحد تنظيف غرفته، مما اضطره لتنظيفها بنفسه، وعندما ارتفعت درجة حرارته بشكل كبير ذات ليلة، وذهب إلى عيادة الطبيب للحصول على مساعدة، طُرد منها وأُمر ألا يغادر غرفته.

رأيت بنفسي كيف تتم معاملة من هم مثلي، إنهم يُعاملون بازدراء، ويتعرضون لأشد ألم نفسي. إن العاملين في المجال الطبي في بلدنا لا يفهمون أن المصابين بفيروس نقص المناعة البشري والإيدز هم بشر أيضاً". هكذا شكا عبد الرحمن، وهو محام، لشبكة الأنباء الإنسانية إيرين / بلاس نيوز، سوء المعاملة التي يلقاها أمثاله من المرضى في المستشفيات بمصر.

ووفقاً لتقرير صدر عام 2011 حول وصمة العار المتصلة بالإصابة بفيروس نقص المناعة البشري في مصر، وصف المصابون بفيروس نقص المناعة البشري قطاع الرعاية الصحية باستمرار على أنه مصدر رئيسي لوصمة العار والتمييز. وخلُصت إحدى الدراسات التي نقل عنها التقرير بعض النتائج إلى أن الحرمان من الرعاية وخرق السرية والاختبارات غير التوافقية، وسوء الرعاية، والقيل والقال وإلقاء اللوم تُعد جميعها ملامح متكررة في مجال الرعاية الصحية في مصر. ويفضل الكثير من المصريين المصابين بفيروس نقص المناعة البشري، والبالغ عددهم نحو 11,000، أن يعانوا من مشاكل صحية بسيطة على أن يحاولوا الحصول على الرعاية الصحية.

وفي هذا السياق، أفاد أحمد عوض الله، مدير برنامج الصحة الإنجابية والجنسية للشباب في جمعية تنظيم الأسرة والتنمية، وهي منظمة محلية غير حكومية، أن "وصمة العار والتمييز المرتبطان بفيروس نقص المناعة البشري / الإيدز هما أخطر التحديات التي تواجه الجهود الرامية إلى وضع حد للعدوى في هذا البلد. يجب تغيير هذا التوجه لأن له آثاراً ضارة للغاية".

من جهتها، قالت أماني مسعود، نائبة مدير برنامج حق التمتع بالصحة في منظمة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي منظمة غير حكومية محلية، لإيرين / بلاس نيوز أن امرأة حاملاً مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية مُنعت من الولادة في العديد من المستشفيات الرئيسية في البلاد، قبل أن يتم منحها غرفة مخصصة للمصابين بالإيدز في إحدى المستشفيات بالقاهرة في نهاية المطاف.

الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال

وأشار عوض الله إلى أن التمييز يصبح أكثر سوءاً عندما يتعلق الأمر بشكل خاص بالرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال.

وأضاف أن "المصريين بشكل عام يميلون إلى اعتبار فيروس نقص المناعة البشري بمثابة عقاب من الله، وأن المصاب هو المسؤول الأول عن إصابته. كما أن معظم الناس، بما فيهم أفراد الطواقم الطبية أنفسهم، يحتقرون المرضى، لأنهم ينظرون إليهم على أنهم اتبعوا أنماط حياة غير تقليدية أو غير طبيعية، أو على أنهم مثليون جنسياً".

ولكن وفقاً لوزارة الصحة، فإن العدوى 49.5 بالمائة من حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري في مصر نتجت عن الاتصال الجنسي الطبيعي بينما يشكل انتقال المرض بين المثليين نسبة 22 بالمائة من الإصابات. وحسب عبد الرحمن، "يتعرض المرضى المثليون لأسوأ معاملة داخل المستشفيات وهم في الواقع يعانون أشد المعاناة من الازدراء".

وفي السياق نفسه، توصلت مراجعة منهجية للبيانات عن الرجال المثليين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (نشرت في أغسطس 2011) إلى أن وباء نقص المناعة البشري ينتشر بين الرجال المثليين في عدد من البلدان على الأقل في المنطقة، وقد يكون متركزاً بالفعل بين عدة مجموعات من الرجال المثليين. ويقول خبراء أن الوباء سوف يستمر في الانتشار ما لم تتم معالجة القضايا المتعلقة بوصمة العار والتمييز.

ووفقاً لتوصيات مؤلفي الدراسة "يجب أن تكتسي الوقاية من انتقال فيروس نقص المناعة البشري من الذكور إلى الذكور أولوية قصوى في استراتيجيات مكافحة فيروس نقص المناعة البشري / الإيدز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويجب التصدي للعقبات من أجل توفير الرعاية الصحية الشاملة للرجال المثليين".

توجه محفوف بالمخاطر

نتيجة للمستويات العالية من التمييز، لا يخبر الكثير من المصابين بفيروس نقص المناعة البشري العاملين في مجال الرعاية الصحية أنهم مصابون بالفيروس، وهو ما يعتبره المسؤولون توجهاً محفوفاً بالمخاطر. ويحصل عبد الرحمن على العقاقير المضادة للفيروسات التي تطيل الحياة من وزارة الصحة مرة كل ثلاثة أشهر، ولكنه عندما يشعر أنه مريض جداً، يذهب إلى العيادات الخاصة دون الكشف عن حالته. حيث يقول: "عندما أُصاب بانفلونزا حادة، على سبيل المثال، أذهب إلى عيادة خاصة، ولكني لا أذكر الإيدز".

وقد علقت أماني مسعود على ذلك بقولها: "لا يمكنك أن تتخيل مدى خطورة هذا السلوك، ففي غياب التدابير القياسية للوقاية من العدوى في مستشفياتنا، يمكن أن يتحول هذا السلوك إلى كارثة حقيقية".

ووجد تقرير وصمة العار أن الأطباء والممرضات غالباً ما يحجمون عن تزويد الناس المصابين بفيروس نقص المناعة البشري بالخدمات الصحية بسبب عدم معرفتهم بإجراءات الوقاية من العدوى، والشكوك التي تساورهم حول مدى فعالية التدابير الوقائية، والوصمة الأخلاقية الخاصة بممارسة "الجنس غير الشرعي"، والمخاوف من أن يصمهم المجتمع بالعار، والمفاهيم الخاطئة حول رعاية وعلاج المصابين بفيروس نقص المناعة البشري / الإيدز، والدلالات السلبية العامة المرتبطة بالفيروس.

التدريب على الأخلاقيات الطبية

أوصى مؤلفو الدراسة، من ضمن ما أوصوا به، بتحسين برامج مكافحة العدوى والتدريب على الأخلاقيات الطبية بهدف ترسيخ سياسات فعالة لمقاومة وصمة العار، فضلاً عن توعية العاملين في مجال الصحة بالخدمات الصحية المقدمة للمرضى المصابين بفيروس نقص المناعة البشري.

وأضاف زين العابدين الطاهر، وهو خبير في فيروس نقص المناعة البشري / الإيدز والمدير السابق للبرنامج القومي لمكافحة الإيدز الذي تديره الدولة، أن "المشكلة تكمن في كون معظم الأطباء لا يعرفون شيئاً عن تدابير الوقاية من العدوى".

وحسب الطاهر، تم قام البرنامج القومي لمكافحة الإيدز في عام 2007 بإنشاء أول شبكة من الأطباء المتخصصين ذوي الخبرة في التعامل مع مرضى فيروس نقص المناعة البشري، بما في ذلك المرضى المثليين. كما حدد أيضاً وحدات في المستشفيات المصرية لعلاج مرضى فيروس نقص المناعة البشري.

وأضاف "إننا قمنا أيضاً بتدريب الطلاب في كليات الطب على كيفية التعامل مع مرضى الإيدز. ولكن ...الأطباء جزء من المجتمع، وثقافة هذا المجتمع تحتاج إلى تغيير".

أسس عبد الرحمن وعدة مئات من الأشخاص الحاملين لفيروس نقص المناعة البشري مجموعة أسموها جمعية أصدقاء الحياة، وهي تهدف إلى جعل المصابين بفيروس نقص المناعة البشري أكثر وعياً بحقوقهم في تلقي الرعاية الصحية. إنهم يجتمعون بصورة منتظمة، ويتبادلون الأفكار حول كيفية مواجهة وصمة العار، كما يتبادلون الخبرات والنصائح حول كيفية الحصول على حقوقهم الطبية.

ويقول عبد الرحمن: "لدي الحق كمريض في تلقي الرعاية الصحية. إن الطبيب الذي يعالجني لا يملك الحق في أن يسألني عن طريقة انتقال العدوى إلي".

ae/kr/cb-ais/amz

"
Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join