1. الرئيسية
  2. West Africa
  3. Burkina Faso

آراء المستفيدين: نشكركم ولا نشكركم""

Refugee’s camp under trees in the riverside town of Kousseri after fleeing last week’s violence. Elizabeth Dickinson/IRIN

'المشاركة' و'الاستشارة' واعتماد نهج مبني على 'الوفاء بالحقوق' كلها مصطلحات مرتبطة بعمل المنظمات غير الحكومية في الوقت الذي تَحوّل فيه نموذج العمل الإنساني من سياق التسليم بأن المنظمات غير الحكومية أدرى بما تفعل إلى سياق محاولة إعطاء الأولوية للمستفيدين ووضعهم في قلب العملية الإنسانية. ولكن عندما تسوء الأمور ويعرب المستفيدون عن عدم الرضا، هل تعيرهم المنظمات غير الحكومية آذاناً صاغية؟ وإذا استمعت إليهم فعلاً، فكيف ترضيهم؟

يقول أحد المحللين في مجال المساعدات الإنسانية أنه لا يزال هناك فرق كبير بين الفكر والواقع فيما يخص مشاركة المستفيدين في تعريف المنظمات الإنسانية باحتياجاتهم وتقييم ما إذا كانت هذه الاحتياجات تلقى الاستجابة اللازمة وما إذا كانت المشاريع الإنسانية قد غيرت حياتهم". وأضاف المحلل قائلاً: "عندما تسوء الأمور لا أحد يسمع عنها في العادة".

وإلى حد ما، تخضع المنظمات غير الحكومية للمساءلة المالية من قبل المانحين، ولكنها في الوقت نفسه مجبرة على تنظيم نفسها أو بعضها البعض على مستويات متعددة مما أدى إلى بلورة عدد من المبادرات لتحديد المسؤولية ومدونات السلوك وبرامج التدقيق بما فيها 'الشراكة الدولية لمساءلة المنظمات الإنسانية' Humanitarian Accountability Partnership International (HAP-I) التي تقدم شهادة للمنظمات الإنسانية التي تتقيد بستة مقاييس للمساءلة بما فيها تقاسم المعلومات ومشاركة المستفيدين ومعالجة شكواهم، والتقييد بمعايير 'شبكة المساءلة وتقييم العمل الإنساني' Active Learning Network for Accountability and Performance in Humanitarian Action ALNAP)) و'مشروع اسفير الدولي' International Sphere Standards الذي يحدد المعايير الدنيا في مجال الاستجابة للكوارث.

ويرى معظم المحللين أن المنظمات غير الحكومية قد أحرزت تقدماً في هذا المجال، ولكنها لا زالت تركز على التقارير المرفوعة للمانحين أكثر مما تركز على الأثر الذي تخلفه لدى المستفيدين من عملها، خصوصاً عندما تسوء الأمور، حسب جون ميتشل، مدير 'شبكة المساءلة وتقييم العمل الإنساني'.

وحسب جميع من تحدثت إليهم شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، يمكن قول الشيء نفسه بخصوص منظمات الأمم المتحدة، إلا أن هذا التقرير يركز على المنظمات غير الحكومية التي تشكل الخط الأول في التعامل مع المستفيدين خلال الطوارئ وتستقي مصداقيتها من مسؤوليتها في هذا التعامل.

هل المانح هو الزبون؟

أحد أسباب التركيز على المانحين، حسب ميتشل، يتمثل في أن المنظمات غير الحكومية لا تملك خياراً آخر سوى أن تنساق وراق التمويل. وأوضح ميتشل لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "المنظمات تجمع كماً هائلاً من المعلومات خلال فترة التقييم التي تسبق التدخل وتستثمر القليل من الموارد في عملية تجميع آراء المستفيدين خلال وبعد الكارثة. فما يحركها هو الجانب المالي".

وفي الإطار نفسه، أفاد أحد الموظفين الإنسانيين أنه بإمكان العديد من المتغيرات الخارجية غير المتوقعة أن تؤثر على مدى وكيفية استجابة المنظمات الإنسانية بما في ذلك المتغيرات السياسية والأمنية وتقلب الأسعار، الأمر الذي يجعل من السهل عادة التغاضي عن الأمور السلبية والتركيز على الأمور الإيجابية خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالمانحين.

لماذا يصعب تنظيم عملية الحصول على الآراء؟


الصورة: عبد الله شاهين/إيرين
توزيع الأغذية في أفغانستان
أحد العوائق المهمة في هذا المجال يتمثل في كون حالات الطوارئ تستوجب سرعة الاستجابة. ففي الأوضاع سريعة التغير، تصبح عملية تقييم أثر برنامج معين على مر الوقت "معقدة وباهظة التكاليف وتستغرق وقتاً طويلاً"، حسب ميتشل. كما أن المنظمات غير الحكومية لا تعطي بالضرورة الأولية لهذا الأمر على غيره من الأمور الأخرى.

وأشار ميتشل إلى أن "هذا الأمر صعب جداً على المنظمات التي تدخل إلى منطقة الكارثة وتكون على عجل لبدء أنشطتها في أسرع وقت ممكن. فهي تفتقر للقدرة على فهم المحيط الاجتماعي ولا تملك الوقت لمناقشة الوضع بالتفصيل".

بالإضافة إلى ما سبق، هناك الحواجز الثقافية. ففي دراسة أجرتها منظمة هابي تحت عنوان "تشتكي أو لا تشتكي، لا يزال السؤال قائماً" في المناطق المتأثرة بالطوارئ في كينيا وناميبيا وتايلاند، توصل الباحثون إلى أن المجتمعات المستفيدة من المساعدات الإنسانية في ناميبيا وكينيا لا تجد حرجاً في الشكوى في حين أن اللاجئين على الحدود التايلاندية البورمية يشعرون أنهم لن يحفظوا ماء الوجه إذا اشتكوا.

وفي هذا الإطار، قالت كاترينا سامارا، مديرة خدمات التنظيم في هابي: "لقد اضطررنا إلى إعادة صياغة نموذج جمع الآراء بحيث لا يبدو للاجئين على الحدود التايلاندية البورمية على أنه شكوى".

وعادة ما تتم صياغة أنظمة إبداء الرأي وفقاً للمعايير الغربية التي لا تتماشى دائماً مع المفاهيم العالمية المختلفة، حيث أخبر كريستيان بوهم، المستشار بوحدة البرامج والسياسات لدى المجلس الدانمركي لللاجئينDanish Refugee Council (DRC) ،شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لقد قمنا بصياغة نظام شكاوى في الشيشان أفادنا كثيراً لأن الناس هناك مثقفون ويركزون على حقوقهم ولكنه فشل فشلاً ذريعاً في أوغندا حيث لا يستطيع الناس القراءة والكتابة ولا يملكون أية فكرة عما يجب أن يتوقعوه من الاستجابة الإنسانية".

كما أن موظفي المنظمات الإنسانية يشعرون أن نظام الشكاوى يشكل تهديداً لهم. فعندما قامت منظمة كير إنترناشيونال بوضع نظام للشكاوى خلال زلزال بيرو، تردد موظفوها في دعمه مخافة أن يتعرضوا لفقدان وظائفهم إذا ما اشتكى المستفيدون منهم أو من مشاريعهم.

الشكوى من سوء معاملة الموظفين الإنسانيين

وعندما يتعلق الأمر بالشكوى من سوء معاملة الموظفين الإنسانيين أنفسهم، مثل الحالات التي يكونون فيها طرفاً في قضايا الاستغلال الجنسي وسوء معاملة المستفيدين، عادة ما تقلل المنظمات غير الحكومية من أهمية الصعوبات التي يواجهها هؤلاء الناس في محاولتهم لتوصيل شكواهم، حسب سمارا من هابي.

وجاء في قولها: "غريب أننا نسأل الناس عن أفظع مظاهر الفشل في المسؤولية الإنسانية، مثل العنف أو الاستغلال الجنسي، عندما يكونون غير مرتاحين للإعراب عن آرائهم حتى بخصوص الطعام الذي نوزعه أو فظاظة عمال الإغاثة تجاههم".

وفي دراسة صادرة عن منظمة إنقاذ الطفولة تحت عنوان "إلى أين الملاذ"، أصبح من الواضح أن الضحايا يترددون في الشكوى من الاستغلال الذي يتعرضون له مخافة فقدانهم للمساعدات في المستقبل، فهم لا يريدون أن يسببوا المشاكل لأمثالهم من المستفيدين أو الظهور بصورة مثيري المشاكل كما أنهم يخافون من التعرض لعمليات انتقامية.

وبسبب مثل هذه المخاوف، فإن أنظمة الشكوى غير المباشرة عادة ما تكون أفضل من الأنظمة المباشرة مثلما توصل بوهم من المجلس الدانمركي لللاجئين في أوغندا، حيث قال: "عندما قمنا بوضع نظام الشكاوى هناك، توقف الناس عن الشكوى لذلك كان علينا أن نغير استراتيجيتنا لجعل العملية غير مباشرة.

تشجيع المستفيدين على الشكوى

وبعض المنظمات أصبحت تتمتع بخبرة جيدة في مجال تجميع آراء المستفيدين. فمنظمة كير إنترناشيونال مثلاً ركزت على هذا الموضوع منذ عدة سنوات ووضعت آليات استجابة في العديد من حالات الطوارئ في بلدان مثل كمبوديا وبيرو وهي تعمل الآن على تعزيز المقاييس.

ففي أعقاب زلزال بيرو عام 2007، خصصت كير خطاً هاتفياً مجانياً للشكاوى التي يتقدم بها القرويون، وأعلنت عنه في الراديو وفي منشوراتها وملصقاتها وحلقات العمل التي تنظمها. وقد حصلت على 300 شكوى على مدى أربعة أشهر.

وجاء في أحدى المكالمات الهاتفية المسجلة: "إن الأسر التي حصلت على خيام من كير تقيم على أرضي". وبعد أن تأكد أن الأرض فعلاً مملوكة لشخص معين ساهمت كير في التفاوض للوصول إلى اتفاق بشأنها.

وجاء في مكالمة أخرى: "إننا لا نستطيع النوم في الليل لأن المخالفين للقانون يخربون خيامنا". فقامت المنظمة غير الحكومية بعقد اجتماع مع قادة المجتمع للاتفاق على الإجراءات الأمنية.

وبفضل هذا التجاوب، تمكنت المنظمة من تحسين نظامها، حيث جاء في وثيقة الدروس المستقاة الصادرة عنها: "تعزيز مسؤوليتنا في بيرو مكننا من الوصول إلى مجتمعات لم نكن لنصل إليها، وساعدنا على حل مشاكل ما كنا لنعلم بأمرها لولا ذلك".

من جهته، يقوم المجلس الدانمركي لللاجئين حالياً بتطوير نظام شكوى يتماشى مع ثقافة المستفيدين من خدماته في العراق والشيشان وأوغندا، ويشمل إمكانية إرسال رسائل هاتفية قصيرة وخطوط هاتف مجانية ودورات جماعية لتجميع الآراء واستخدام صناديق الشكوى وغيرها من الوسائل.

وبالرغم من أن الكثير من العمل ما زال ينتظر المنظمات غير الحكومية ونظيراتها من الأمم المتحدة في هذا المجال إلا أن العديد منها أبدى استعداداً لتحسين أنظمة مسؤوليتها تجاه المستفيدين. فهناك 22 منظمة بما فيها المانحون منخرطة في هابي، كما أن ثلاث منظمات غير حكومية هي المجلس الدانمركي لللاجئين وميرسي ماليزيا ومنظمة أوفاديك السنغالية غير الحكومية، قد حصلت فعلاً على شهادة هابي.

توسيع العمل

وتعمل منظمة إنقاذ الطفولة على نشر الفكرة مستعملة موضوع الشكوى بخصوص المخالفات الجنسية كنقطة بداية لها للمطالبة بإنشاء نظام شامل للشكاوى عبر كل الوكالات والمنظمات غير الحكومية ومنظمات الأمم المتحدة لتشجيع المسؤولية.

وتطالب كير كل منظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية بوضع نظام شكاوى مشترك بخصوص الاستغلال الجنسي من قبل عمال الإغاثة مع إنشاء هيئة مراقبة لضمان متابعة المنظمات لكل شكوى على حدة.

وقالت كورينا كاسكي، مستشارة حماية بمنظمة إنقاذ الطفولة: "قد يتسع نطاق هذه العملية ليناقش أي نوع من أنواع الشكوى ويجب أن يشكل الأمر جزءاً من كل استجابة إنسانية".

الذهاب إلى أبعد من الشكوى

غير أن الاستماع للشكاوى لا يشكل سوى البداية، حيث قال جوك بيكر، منسق الجودة والمقاييس والمسؤولية بمنظمة كير إنترناشيونال لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "إن نظاماً مستقلاً في هذا المجال لن يؤدي إلى آلية جيدة لتحديد المسؤولية. بل يجب أن تكون هناك قدرة على متابعة الشكاوى".

وأضاف قائلاً: "قبل أن تضع بنية للشكاوى يجب أن يكون لديك نظام تواصل قوي حتى يعلم الناس ما هي الخدمات التي سيحصلون عليها ومتى عليهم تقديم الشكوى".

ويمكن لهذا الأمر أن يكون مشكلة بحد ذاتها، حيث أفاد بوهم أن "واحداً من بين كل لاجئين اثنين في الشيشان كان يشتكي من أن الطعام لم يكن جيداً بما يكفي، أو أن الخيام لم تكن جيد بالشكل المفروض أو أن مقاس الأحذية كان غير مناسب. لقد كانت عملية التعامل مع كل الشكاوى عملية جد متطلبة".

كما أن العملية مكلفة، ففي الوقت الذي يطالب فيه المانحون بتحسين نظام تحديد المسؤولية والجودة في المنظمات غير الحكومية، نجدهم غير مستعدين دائماً لتمويل أنظمة المراقبة وتجميع الآراء، حسب تعليق ميتشل.

ومع ذلك بدأ بعض المانحين يدمجون مبادئ المساءلة والمسؤولية أكثر في تعليماتهم وتقييمهم. فهيئة تمويل التدخل الإنساني التابعة للمفوضية الأوروبية تقوم الآن بإدماج المسؤولية تجاه المستفيدين في تعليمات تقييم الخطر التي تقدمها للمدققين وأوجه المسؤولية ضمن تعليمات التمويل الإنساني للمنظمات غير الحكومية التي تصدرها وكالة التنمية البريطانية DFID.

وبعض المانحين مثل الوكالة الدانمركية للتنمية الدولية، DANIDA، مستعدون لإنشاء خطوط تمويل مستقلة لشكاوى المستفيدين، حيث أفاد بيكر: "بدأ المانحون يتعلمون من تجاربهم أنه ما لم يكن لديهم نظام جيد لتحديد المسؤولية فإنهم يهدرون أموالهم".

وأضاف: "نعم إن ذلك مكلف. ولكن السؤال المطروح ليس 'ما هي التكلفة؟' ولكن بالأحرى 'ما هي الفائدة التي نجنيها من هذه التكلفة؟'. أعتقد أنه إذا تم الاستثمار بشكل كاف في الجودة والمسؤولية فإن الفائدة ستكون دائماً جيدة".

"
Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join