استمرت المواجهات المتفرقة بين الأطراف الموالية للحكومة والمناهضة لها حتى مساء 12 مايو/أيار في العديد من المناطق المحيطة بمدينة طرابلس في الشمال وفي منطقة البقاع في الشرق في الوقت الذي أعلنت فيه الجامعة العربية بأن وسطاءها سيصلون إلى بيروت يوم 14 مايو/أيار.
وقد أبلغ أحد المسؤولين الأمنيين عن اشتباك مقاتلي حزب الله الشيعة مع أنصار الحكومة في ضواحي المصنع، وهي نقطة العبور الحدودية الرئيسية بين لبنان وسوريا في سهل البقاع الذي يعتبر معقل جماعة حزب الله المدعومة من إيران.
وكانت الهدنة الهشة بين الأطراف المتنازعة في طرابلس قد فشلت صباح يوم 12 مايو/أيار عندما اندلعت المواجهات بين أتباع النائب سعد الحريري، زعيم الأغلبية السنية، وأنصار المعارضة العلوية في جبل محسن شمال طرابلس. وقد امتدت المواجهات إلى مدينة الميناء شمال طرابلس، ولكن الهدوء عاد ليسود المنطقة بعد انتشار الجيش فيها.
ومنذ بداية أعمال العنف في 8 مايو/أيار بعد سيطرة حزب الله وحلفائه على غرب بيروت، لم تعد العديد من المنظمات الإنسانية قادرة على الاستمرار في عملها بكامل طاقتها حيث قامت برفع مستوى الترقب الأمني وطلبت من موظفيها عدم مغادرة بيوتهم.
كما أفاد كل من المجلس النرويجي للجوء ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بأن الحواجز الموضوعة على الطرقات وأعمال العنف أعاقت حركة موظفيهما.
من جهتها، دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر المتورطين في النزاع إلى الإبقاء على أرواح الأبرياء وتسهيل إجلاء الجرحى. وقالت الناطقة باسم المنظمة، فيرجينيا دي لا غارديا، أن المنظمة جهزت الطعام والماء في حال ازدادت الأوضاع تدهوراً.
الاختطافات
ولجأ كل من حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي التابع لوليد جنبلاط إلى تنفيذ عمليات اختطاف خلال المواجهات، حيث اتهم حزب الله الحزب التقدمي الاشتراكي بإعدام شخصين من أتباعه تم العثور على جثتيهما خارج مستشفى في عاليه يوم 10 مايو/أيار.
وفي ظل استمرار إغلاق المطار لليوم السابع على التوالي واستمرار حملة العصيان المدني التي تشنها المعارضة التي قامت بوضع حواجز على أهم الطرقات داخل العاصمة، انتهز سكان بيروت فرصة الهدوء المتوتر لشراء وتخزين بعض المستلزمات من الأسواق التي بدأ مخزونها ينفذ شيئاً فشيئاً.
من جهة أخرى، صرح وزراء الخارجية العرب، الذين طالبوا بوقف إطلاق نار فوري وانتقدوا استعمال حزب الله لأسلحته داخل البلاد، يوم 12 مايو/أيار أنهم سيرسلون بعثة وساطة بزعامة قطر التي عززت علاقاتها مع حزب الله في أعقاب الحرب التي خاضها ضد إسرائيل في يوليو/تموز 2006.
بدوره، قال محمد شطح، مستشار رئيس الوزراء فؤاد السنيورة، عند عودته من اجتماع الجامعة العربية في 12 مايو/أيار بالقاهرة: "من الممكن أن تكون الساحة السياسية قد تغيرت وأن يكون توازن القوى قد اختل لصالح اتجاه معين ولكن الحقيقة الباقية هي أنه لا يمكن لجماعة دون سواها أن تحكم البلاد لفترة مطولة".
وأضاف شطح أن موضوع علاقة حزب الله بالدولة باعتباره جماعة مسلحة سيكون في قلب جهود الوساطة العربية.
حزب الله يعزز موقفه
وفي هذه الأثناء، عزز حزب الله سيطرته على مناطق استراتيجية بجبل لبنان ذي الأغلبية الدرزية الموالية للحكومة، حيث استولى على قرية في الشوف تعتبر ذات أهمية لأنها تتيح رؤية شاملة عبر السهول الساحلية لبيروت في الغرب وسهل البقاع في الشرق.
وبالرغم من انتشار الجيش في المنطقة، إلا أن السكان لا زالوا قلقين من عودة المواجهات الضارية بين حزب الله والمقاتلين الموالين لجنبلاط، حيث قال أحدهم: "إذا جاء مقاتلو حزب الله إلى القرية فإنهم لن يخرجوا منها أحياء".
أما المناطق المسيحية في بيروت فقد ظلت هادئة بالرغم من تحالف ميشيل عون، أحد أكبر الزعماء المسيحيين، مع حزب الله في الوقت الذي يناصر فيه رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع الحكومة.
"
