أفادت مصادر طبية فلسطينية في غزة أن المستشفيات واجهت صعوبات بالغة في التعامل مع العدد الكبير من الجرحى الذين توافدوا عليها بعد مرور خمسة أيام من العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة على القطاع التي تخللتها توغلات وغارات جوية إسرائيلية متعددة، أودت بحياة 116 فلسطينياً على الأقل وجرحت أكثر من 350 آخرين.
وقد أفاد الجيش الإسرائيلي أن هذه العمليات كانت تهدف إلى وقف الصواريخ التي يتم إطلاقها من القطاع على جنوب إسرائيل وأن 90 بالمائة من القتلى هم من المسلحين.
غير أن مجموعات حقوق الإنسان والمسؤولين في القطاع الطبي صرحوا بأن ثلث القتلى على الأقل هم من النساء والأطفال. وجاء في بيان لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن الأطفال يشكلون أكثر من نصف سكان غزة وهم يتحملون الوطأة الكبرى من الأزمة".
وقد بدأت القوات الإسرائيلية بالانسحاب من غزة صباح 3 مارس/آذار، ولكن المسلحين استمروا في إطلاق الصواريخ التي ألحقت أضراراً بالمنازل وتسببت بجروح طفيفة لبعض المدنين خلال عطلة نهاية الأسبوع (1-2 مارس/آذار). كما قُتل جنديان إسرائيليان خلال الهجوم الأخير على غزة.
القطاع الطبي
من جهتهم، قال عمّال الإغاثة أن القطاع الطبي في غزة على حافة الانهيار بعد أن مر في السابق تحت وطأة ضغوط شديدة بسبب أعمال العنف السابقة بالإضافة إلى الحصار الخانق على غزة والانقطاعات المستمرة في الكهرباء.
وقال حسن خلف مدير مستشفى الشفاء في غزة لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "المستشفيات مزدحمة جداً وخاصة وحدات العناية المركزة". كما تقوم الأقسام الأخرى في المستشفى بعلاج الحالات الصعبة إذ لم تعد وحدة العناية المركزة قادرة على استقبال المزيد من الجرحى.
وفي الأسابيع الماضية كذلك، تم إلغاء الجراحات غير العاجلة بسبب الانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي وجاءت العمليات الأخيرة لتزيد من تأخير تلقي هؤلاء المرضى للعلاج أكثر فأكثر. وقال أحد عمّال الإغاثة أن بعض الحالات غير العاجلة قد تصبح ملحة ما لم تتم معالجتها في الوقت المناسب.
كما يحتاج بعض المرضى إلى نقلهم للعلاج خارج البلاد. وفي 2 من مارس/آذار تم إرسال عشرات المرضى إلى إسرائيل بينما نُقل البعض الآخر إلى مصر بعد أن سمحت هذه الأخيرة بفتح حدودها المغلقة بالعادة أمام الفلسطينيين.
وأخبرت "منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان" الإسرائيلية شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن أكثر من 20 مريضاً، من بينهم جرحى أصيبوا في العمليات الأخيرة، مازالوا بحاجة لنقلهم إلى خارج القطاع ولكن من غير الواضح بعد ما إذا كان هؤلاء الذين يصنفون على أنهم مسلحين سيتمكنون أيضاً من المغادرة.
بدورها، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأنها تقوم بالتنسيق لنقل المرضى وشحن المستلزمات الطبية إلى داخل القطاع. كما قامت بتزويد المستشفيات بالبلازما وغيرها من المواد والمعدات الضرورية.
كما لبى الفلسطينيون في الضفة الغربية الدعوات للتبرع بالدم وعملت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على نقل أكياس الدم إلى غزة. وقال خلف من مستشفى الشفاء بأن أهالي غزة كانوا يتبرعون بدمائهم على مدار الساعة.
ولكن تبقى مستشفيات غزة بحاجة إلى المزيد من المستلزمات الطبية من بينها أجهزة التنفس ومعدات التصوير بالأشعة السينية حتى تتمكن من معالجة الجرحى بشكل جيد.
مخيم جباليا للاجئين
الصورة: وسام ناصر/إيرين |
طفل فلسطيني يقف داخل منزله في مخيم جباليا للاجئين الذي تعرض للتدمير خلال التوغلات والهجمات الجوية الإسرائيلية الأخيرة التي أودت بحياة أكثر من 116 فلسطيني خلال الأيام الخمسة الماضية |
وقال جون جينغ، مدير عمليات الاونروا في غزة، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لن نستطيع إصلاح الأضرار التي لحقت بالمنازل حتى نتمكن من إدخال مواد البناء إلى غزة". وقد تعذر على الاونروا طوال الأشهر الثمانية الماضية إصلاح أي أضرار لحقت بالمنازل جراء الاقتتال الفلسطيني الداخلي والعمليات العسكرية الإسرائيلية بسبب القيود المفروضة على استيراد الإسمنت.
كما عبّر جينغ عن قلقه حيال الحالة النفسية لسكان المخيم الذين حوصر بعضهم داخل منازلهم لفترات طويلة أثناء القتال استمرت لأيام في بعض الحالات.
من جهتها، قالت مصلحة مياه بلديات الساحل أن إمدادات المياه انقطعت عن 200,000 فلسطيني في المناطق التي شهدت القتال.
"