يعيش آلاف الأشخاص الذين خيموا في العراء على طول الطريق الرئيسي من كويتا، عاصمة إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان، إلى سوكور في إقليم السند، في ظروف بدائية حيث لا يتوفر للبعض منهم ما يحميهم من أشعة الشمس الحارقة. ومن بين هؤلاء مجموعة شديدة الضعف تتمثل في الباكستانيين الرحّل الذين فقدوا ماشيتهم.
فر والي جاموتي، الذي يبلغ الخمسين من العمر وينتمي إلى هذه المجموعة، من قريته في مقاطعة نصيرأباد في أغسطس. وأخبر شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عن الخسائر التي تكبدتها أسرته قائلاً: لقد خسرنا كل ما لدينا- خيمتنا وملابسنا القليلة وأحذيتنا وأوانينا. والأسوأ من ذلك كله أنني خسرت جملي وكل ما لدي من ماعز".
ويتنقل والي وأسرته كل بضعة أشهر بحثاً عن مرعى جديد، حيث قال: "كانت الماشية كل ما لدينا. فقد كانت تقدم لنا الحليب والجبن وبدونها لجاع أولادي". وأضاف أنه لم يتلق "أية مساعدة" من أية وكالة.
والأسوأ أن والي والكثيرين مثله لا يملكون أدنى فكره عما يخبئه المستقبل، حيث تساءل قائلاً: "هل سيقدم لي أحد جملاً؟". غير أنه أوضح أنه لا يملك بطاقة هوية وطنية مضيفاً أن بعض الجنود الذين مروا بهم قالوا أنه لا يمكن تلقي أية مساعدة دون الحصول على واحدة. كما أفاد أن الجنود قالوا له أنه غير مؤهل للحصول على بطاقة هوية لأنه لا يملك عنواناً ثابتاً.
غير أن موريتسيو جيليانو، مسؤول الإعلام في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) قلل من أهمية ذلك، حيث قال في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لن يشكل غياب بطاقة الهوية مشكلة للحصول على المساعدة الإنسانية المقدمة من الأمم المتحدة وشركائها. فعندما يحتاج الناس إلى طعام ومياه للبقاء على قيد الحياة، لا يقوم العاملون في المجال الإنساني بالسؤال عن وثائق الهوية".
مع ذلك، فإن الناس مثل والي غير معتادين على تلقي المساعدة وليس لديهم أيضاً أدنى فكرة عن الطريقة التي يتم فيها تقييم الخسائر وما هي المساعدة التي سيتلقونها في مرحلة التعافي.
وكان وزير الأغذية والزراعة قد أخبر وسائل الإعلام أن خسارة "قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية وصلت إلى مليارات الروبيات". ولم تبدأ حتى الآن خطط إعادة تزويد ضحايا الفيضان بالماشية بالرغم من أن الحكومة الباكستانية قد أعلنت عن خططها لتعويضهم بعدة طرق ومساعدتهم في إعادة التأهيل.
خطة ركوب الجمل
وفي الوقت الذي لا توجد فيه أرقام رسمية لعدد الرحّل في باكستان، إلا أن إحدى الدراسات التي تقوم بتحليل المجموعات الرعوية والمرتحلة في البلاد أشارت إلى أن أعدادهم في تراجع.
وعن خطته لكسب العيش في الفترة القادمة قال والي: "أنوي الرجوع إلى كراتشي بمجرد أن تتم إعادة فتح الطرق. يملك أخي جملاً هناك ويقدم جولات للركوب عليه على شاطئ البحر. ربما أستطيع الانضمام إليه للحصول على مال كاف لشراء ماشيتي". وعلى الرغم من أن والي قام قبل ذلك باصطحاب جماله إلى شاطئ البحر لكسب بعض المال عن طريق عرض جولات الركوب عليها على المتنزهين هناك، إلا أنه قال أن هذه الحياة ليست مناسبة له على المدى الطويل.
وتعني الخسارة بالنسبة للذين يعتمدون بشكل كلي على ماشيتهم أنه لا بد من إيجاد سبل عيش بديلة. وهو أمر صعب بشكل خاص على الأشخاص الذين لا يمتلكون مهارات قابلة للتسويق أو مدخرات للاستناد عليها، مثل والي الذي قال: "نحن نعيش حياة بسيطة. نحمل بيتنا على جمالنا وننتقل من مكان إلى آخر ونكسب رزقنا يوماً بيوم. ولكننا فقدنا الآن منزلنا وماشيتنا ولا أعرف كيف سنبقى على قيد الحياة".
من جهته، قال الاقتصادي اسكندر لودي في حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "الآثار الاقتصادية لهذه الكارثة على المتضررين ستكون كارثية".
ولا تزال جهود الإغاثة غير متكاملة، وفقاً لتقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) عن الأوضاع في باكستان الصادر في 9 سبتمبر. فعلى سبيل المثال وصلت المساعدات الإنسانية إلى حوالي 60 بالمائة فقط من النازحين بسبب الفيضانات في منطقة نصيرأباد (التي تضم مقاطعتي نصيرأباد وجعفرأباد في بلوشستان) والبالغ مجموعهم 40 ألف شخص.
kh/at/cb-hk/dvh