بالرغم من أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تصرف ربع ميزانيتها المخصصة للتموين الصحي على أدوية السكري والأمراض التي تصيب أوعية القلب، إلا أن تكلفة أدوية الستاتين الثانوية التي توصف لمعالجة المضاعفات الناتجة عن هذين المرضين تبقى مرتفعة جداً بحيث يضطر كل من يحتاجها إلى شرائها من ميزانيته الخاصة.
ويقول أحمد عبد الله، 53 عاماً، وهو لاجئ فلسطيني من مخيم البقعة القريب من العاصمة الأردنية، أنه كان سيفقد حياته لعدم حصوله على العلاج المناسب. ويضيف عبد الله أن كل من يحاول تلقي العلاج في المراكز الصحية التابعة للأونروا بالأردن يخاطر بحياته".
أدوية الستاتين
أما أبو حمدي الذي يعاني من مرض السكري ويتابع علاجه بمركز البقعة الصحي منذ ثماني سنوات، فقد أصيب بثلاث نوبات قلبية خلال هذه الفترة، كادت واحدة منهن أن تودي بحياته. ويشرح أبو حمدي وضعه الصحي قائلاً: "بعد أن اعتمدت على علاج الأونروا لثماني سنوات، علمت من عدد من الأطباء بعد ذلك بأن الدواء الذي كان أطباء الوكالة يصفونه لي لم يكن كافياً".
فعندما نقل أبو حمدي على عجل إلى المستشفى وهو يعاني من آلام في الصدر، أخبره الأطباء بأنه بالإضافة إلى الأدوية التي يتناولها كان من الضروري أن يشمل علاجه أدوية الستاتين، وهي أدواية رئيسية توصف إلى جانب الأنسولين للتخفيف من كمية الشحوم في الجسم لتفادي المضاعفات الخطيرة التي قد تصل إلى النوبات قلبية.
وعندما سأل أبو حمدي أطباء الأونروا عن هذا الدواء، تم إخباره بأن المركز لا يقدمه وبأن عليه شراؤه من الصيدليات الخاصة. ويقول أبو حمدي: "لقد وثقت بالأطباء وائتمنتهم على حياتي، ولكنهم لم يخبروني أبداً بأنني بحاجة إلى هذا الدواء، حتى لو لم يكن متوفراً لديهم".
وتجدر الإشارة إلى أنه ينبغي على المرضى الذين يرغبون بشراء هذا الدواء الأساسي دفع مبلغ 56 دولار شهرياً للحصول عليه. وهذا بالطبع مبلغ كبير بالنسبة لشخص في مثل وضع أبو حمدي الذي يبيع الخضار في السوق المحلي ويكافح من أجل توفير لقمة العيش لأطفاله السبعة، حيث يقول: "لا أستطيع تحمل تكاليف هذا الدواء، لذا فأنا مضطر لمواصلة الاعتماد على الأدوية التي توفرها الأونروا، فليس لدي أي خيار آخر".
البرنامج الصحي للأونروا
ويغطي البرنامج الصحي للأونروا احتياجات حوالي 1.2 مليون فلسطيني يقطنون بمخيمات اللاجئين أو خارجها بمختلف المدن بالمملكة. ويقدم البرنامج خدمات طبية أساسية شاملة للاجئين بما فيها الطب الوقائي والطب الاستشفائي وخدمات الصحة البيئية وخدمات تخطيط الأسرة.
ويتدفق على المراكز الطبية التابعة للأونروا عشرات الآلاف من المرضى شهرياً من مختلف مخيمات اللاجئين في المملكة، باحثين عن العلاج والدواء المجاني. ولأن العلاج في المستشفيات الخاصة يبقى خارج متناول العديد من اللاجئين الفقراء، لا يجد هؤلاء خياراً آخر سوى الاعتماد على ما تقدمه لهم الأونروا.
ولم ينكر مسؤولو الأونروا بأن أدوية الستاتين لم تكن توصف للمرضى الذين يعانون من مرض مزمن أو من أمراض القلب، وهم يعزون ذلك لارتفاع تكلفتها، حيث قال عبد الله القدسي، المسؤول الإعلامي المساعد بالأونروا بأن "ربع ميزانية الأونروا الإجمالية المخصصة للتموين الصحي يتم صرفها على الأدوية الضرورية لمعالجة مرض السكري وأمراض أوعية القلب، لكننا لا نستطيع تغطية أدوية الستاتين التي تعمل على تخفيض الدهون في الجسم، وتعتبر عاملاً مهماً في الوقاية ضد مضاعفات أمراض السكري والقلب وذلك بسبب تكلفتها العالية".
كما أضاف القدسي بأن الوكالة قد قامت بتحديث لائحة الأدوية المعتمدة لديها عام 2005، وهي لائحة مطابقة لمواصفات وتوصيات منظمة الصحة العالمية.
وكانت الأمم المتحدة قد خصصت حوالي 21 مليون دولار سنوياً لتغطية الخدمات الصحية في مختلف المراكز الطبية بالمملكة بما فيها تلك التي توجد داخل عمّان والزرقاء وإربد وجرش والعقبة. وتوجد معظم المراكز الطبية في 13 مخيم للاجئين الفلسطينيين، في حين ينتشر الباقي في المدن الرئيسية بالمملكة.
وتشير الأرقام إلى أن الوكالة قد تكبدت أكثر من 1.2 مليون دولار لتغطية تكاليف علاج اللاجئين في المستشفيات الحكومية لعدم امتلاكها لمستشفيات خاصة بها مما يضطرها إلى إحالة الحالات المتقدمة إلى المستشفيات الحكومية.
ومن جهته، قال الدكتور أسامة عكة، رئيس مجلس إدارة جمعية ضغط الدم وتصلب الشرايين التابعة لجمعية الأطباء الأردنيين، بأنه من الضروري وصف دواء الستاتين لكل مرضى السكري للحيلولة دون إصابتهم بتخثر الدم وتعرضهم لنوبات قلبية.
وأضاف عكة قائلاً: "إننا نناشد الأونروا للقيام بمسؤوليتها وتقديم أفضل علاج ممكن للمرضى".
"