لم يترك العنف الدائر في العراق فئة من فئات المجتمع إلا طالها وأثر على حياة الأفراد المنتمين إليها بشكل مباشر. فحتى العمل في الحقل الإنساني لم يسلم من تهديدات المتطرفين الذين ركزوا بشكل كبير على العاملين في مجال حقوق المرأة وكذلك النساء العاملات في الإغاثة، مما دفع العديد منهم للتوقف عن العمل.
ولكن كل هذه الأخطار التي تزداد يوماً بعد يوم لا تثني هيفاء نور، البالغة من العمر 33 عاماً وتترأس منظمة تحرير المرأة (WFO)، إحدى المنظمات القليلة العاملة في مجال حقوق المرأة في العراق، عن مواصلة عملها الإنساني حتى ولو كلفها ذلك حياتها.
فبعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق عام 2003، أصبحت حقوق المرأة معروفة جداً، كما قالت هيفاء وهي تشعر بالأسف لعدم استمرار ذلك: لقد أخذ وضعنا بالتدهور خلال العامين الماضيين وازداد استهداف الناشطين والمساندين للمرأة مما دفع العديد منهم للتخلي عن أعمالهم".
وقالت هيفاء: "أعلم بأن حياتي في خطر وربما أتعرض للقتل في أي وقت، خصوصاً لأنني أرفض ارتداء الحجاب وغيره من الملابس التقليدية، ولكنني إذا فعلت ذلك فهذا يعني بأنني أؤيد المتطرفين".
وأضافت قائلة: "منظمتنا مستهدفة وموظفونا خائفون ولا يرغبون بترك بيوتهم بعد تلقيهم رسائل تهديدات تم تركها على أعتاب منازلهم. فقد قُتِل زوجي قبل عام تقريباً عندما بدأت العمل كناشطة. ومنذ ذلك الحين أصبحت أكثر عزماً على النضال من أجل حقوقي وحقوق الملايين من النساء في العراق".
وأشارت هيفاء وهي عضوة كذلك في الرابطة الوطنية العراقية لحقوق المرأة إلى أن التمييز ضد النساء واستهدافهن من المشاكل الرئيسية التي تواجه المنظمات المنتسبة للرابطة.
وأضافت بأن "التهديدات واضحة وهي تدعو بوجوب توقف النساء عن النضال من أجل الحصول على حقوقهن وضرورة الاهتمام بأطفالهن وأزواجهن فقط. كما يعتبرنا المتطرفون مسؤولين عن السلوك ’غير الصحيح‘ الذي تنتهجه النساء في المجتمع العراقي".
غياب دعم الحكومة
![]() ![]() |
غير أن وزارة شؤون المرأة قالت بأنها تنظر في قضية استهداف الناشطين في مجال حقوق المرأة والعاملين في المجال الإنساني في العراق ولم تنكر بأن المشكلة تزداد سوءاً.
العاملات في الإغاثة
وتضطر المنظمات غير الحكومية المحلية لإبقاء العاملات في مجال الإغاثة في المكاتب خوفاً من تعرضهن للاستهداف، إذ قال فتاح أحمد الناطق باسم رابطة المعونة العراقية: "لم يكن لدينا أي خيار بعد تعرض الرابطة والمتطوعات العاملات بها للعديد من عمليات الانتقام. فقد تم استهدافهن وكان علينا أن نبقيهن داخل المكاتب حفاظاً على حياتهن".
وأضاف قائلاً: "من ناحية نفسية من المهم أن تعمل النساء إلى جانبنا في تقديم المساعدات، ولكن أصبح الأمر غير ممكن بسبب العنف".
وتجدر الإشارة إلى أن العديد من النساء العاملات في الإغاثة قد تعرضن للاختطاف منذ عام 2003 بينما تخلى عدد آخر منهن عن وظائفهن.
"