يرى الخبراء أن مشروع قانون زرع الأعضاء المثير للجدل والذي من المتوقع أن تتم المصادقة عليه في غضون الأسابيع القليلة المقبلة يمكن أن ينظم عمليات زرع الأعضاء ويكبح تجارة الأعضاء البشرية غير المشروعة التي تشهد ازدهاراً في مصر.
ويقوم المئات وربما الآلاف من المصريين الفقراء ببيع كلاهم وأجزاء من أكبادهم كل سنة ليتمكنوا من سداد ديونهم وشراء ما يحتاجون إليه من مواد غذائية، مما يجعل من هذا البلد "مركزاً إقليمياً" للاتجار بالأعضاء، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
وينص مشروع القانون، الذي يثير جدلاً كبيراً بين الأطباء ورجال الدين وناشطي حقوق الإنسان على أن يقتصر التبرع بأعضاء المتبرعين الأحياء على "أفراد الأسرة حتى الدرجة الرابعة"، ويعتبر إزالة الأعضاء دون إذن رسمي جريمة قتل من الدرجة الأولى تكون عقوبتها الإعدام.
وسيتم إصدار الإذن الرسمي بإزالة العضو المراد التبرع به من قبل لجنة مؤلفة من ثلاثة أشخاص تعينها اللجنة العليا لزرع الأعضاء، التابعة لوزارة الصحة. أما بالنسبة للمرضى المتوفين، فإن القانون ينص على ضرورة توصل اللجنة إلى توافق حول ما إذا كان المتبرع يعتبر ميتاً فعلاً أم لا، وهو محط خلاف كبير.
حي أو ميت
ووفقاً للإجماع الطبي، فإن الشخص يكون ميتاً إذا ما توقف (توفي) دماغه كلياً حتى وإن كان قلبه لا يزال ينبض لمدة قصيرة. وهذا يوفر فرصة للحصول على الأعضاء وهي في حالة جيدة للزرع. في حين يرى بعض العلماء المسلمين وبعض أعضاء البرلمان أن قلب الشخص يجب أن يتوقف نهائياً قبل أن تعلن وفاته.
وفي هذا الصدد، أوضح محمد عوضين، أستاذ القانون الإسلامي بجامعة الأزهر، أن "هذا القانون مناف للشريعة الإسلامية تماماً، لأن الشخص لا يملك الحق في التبرع بأعضائه التي هي في الأساس ملك لله. إن المناصرين للقانون الجديد كذابون، فالأشخاص الذين يتبرعون بأعضائهم لن يعيشوا حياة طبيعية في وقت لاحق. والشخص يحتاج إلى كليتيه ليتمكن من العيش بشكل طبيعي".
غير أن محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر، المؤسسة الأكثر احتراماً في الأوساط المسلمة السنية، سبق ووافق على مقياس الموت الدماغي.
هل القانون في صالح الأغنياء؟
ويرى بعض ناشطي حقوق الإنسان أن هذا القانون قد يزيد من تفاقم تجارة الأعضاء ويحول مصر إلى سوق عالمية لهذه التجارة. وفي هذا السياق، أفاد حافظ أبو سعدة، الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وهي منظمة رائدة في مجال حقوق الإنسان في مصر، أن "هذا القانون سيعود بالفائدة على الأغنياء فقط". وأوضح أن الحكومة ستوفر بتبنيها هذا القانون الغطاء القانوني لعمليات زرع الأعضاء وتحول الفقراء إلى مصادر لقطع الغيار البشرية وتقدم للأغنياء، في مصر وخارجها، سوقاً مزودة بمخزون جيد من الأعضاء.
ولا تتوفر في مصر إحصاءات حول تجارة الأعضاء وزراعتها لأنها غالباً ما تحصل سراً. غير أن أبو سعدة قال أن أبحاثه الخاصة تظهر أن هناك المئات من عمليات زرع الأعضاء غير المرخصة التي تحدث كل عام. وأضاف أن بعض المستفيدين الأثرياء الذين لا يثقون في مهارات الأطباء المحليين يصطحبون المانحين معهم إلى الصين لإجراء عملية الزرع. وأشار، خلال مناقشات دارت مؤخراً في القاهرة حول هذا القانون، إلى أن "أثرياء من دول الخليج أيضاً يأتون إلى هنا لشراء الأعضاء. إن قانوناً مثل هذا يمكن أن يسبب معاناة كبيرة في بلد فقير مثل مصر".
"خطوة جيدة"
وأفاد حسين عبد الرزاق الجزائري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق المتوسط، في بيان صادر عن المنظمة يوم 20 يناير، أن "صدور القانون خطوة رائعة تبعث الأمل في نفوس آلاف المرضى الذين يحتاجون لنقل الأعضاء لإنقاذ حياتهم، كما يقضي على التجارة غير المشروعة في هذا المجال، والتي كانت تتم في أجواء تضر بكل من المنقول إليه والمنقول منه على حد سواء".
وتقدر منظمة الصحة العالمية أن يكون هناك حوالي 42,000 شخص في مصر بحاجة لعمليات زرع أعضاء.
من جهته، قال محمود المتيني، أخصائي بارز في زراعة الكبد، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "المرضى انتظروا طويلاً صدور هذا القانون. هناك عشرات الآلاف من المصريين بحاجة ماسة للتشريعات التي تمكنهم من الاستفادة من زراعة الأعضاء".
ae/ed/cb – amz/dvh
"