في هذا اليوم الحار من أيام شهر سبتمبر في مرتفعات جبل الخليل الصحراوية بالضفة الغربية، التي تبعد بحوالي ساعة بالسيارة عن القدس، تشق قافلة مكونة من أربع حاويات مياه طريقها لتوصيل المياه إلى البدو الفلسطينيين الذي يعيشون في تجمعات صغيرة في هذه المرتفعات.
وتتولى مجموعة من المنظمات غير حكومية الفلسطينية والإسرائيلية تمويل توصيل المياه إلى هؤلاء المحتاجين.
وقد تسببت موجات القحط في استنزاف آبار المياه وجفافها، كما أن غياب أية بينة تحتية مائية يعني استهلاك البدو الفلسطينيين لكميات قليلة جداً من المياه - حوالي 15 لتراً للشخص الواحد يومياً، وفقاً للنشطاء وللبدو أنفسهم ولبيانات إسرائيلية أولية وذلك مقابل ما بين 240 و280 لتراً يومياً للشخص الواحد في إسرائيل، وفقاً لهيئة المياه الإسرائيلية في عام 2008.
وقد تصل تكلفة المياه من موردين فلسطينيين محليين في مدينتي يطا والخليل الفلسطينيتين إلى 50 شيكل (حوالي 13 دولار) للمتر المكعب الواحد. ويحتاج قطيع الغنم المكون من مائة رأس تقريباً إلى شرب 1.5 متر مكعب في اليوم مما يجبر القرويين على دفع آلاف الشيكلات خلال أشهر الجفاف للحفاظ على حياة قطيعهم إذ تشكل الأغنام والماعز شريان الحياة بالنسبة لمجتمعات البدو. أما الاستحمام وغسل الملابس وجريان المياه في الحمامات بانتظام فهو أمر غير متاح للبدو حسب تصريحهم لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).
وفي هذا السياق، أخبر ياكوف مانور، أحد المتطوعين المرافقين لقافلة المياه في 26 سبتمبر، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "القرويين يجمعون مياه الأمطار ولكنها لا تكفي إلا لفترة محدودة جداً من الزمن. كما أن شح التساقطات في الأعوام الأخيرة أجبرهم على شراء المياه من تجار الماء المحليين. في المقابل، تحصل مستوطنة الكرمل الإسرائيلية المجاورة لهم على المياه باستمرار، بل يستطيع سكانها امتلاك الحدائق".
من جهتها، ردت الإدارة المدنية الإسرائيلية على ذلك بقولها أن "سلطة المياه الفلسطينية هي المسؤولة بشكل عام عن توفير المياه للمواطنين الفلسطينيين. ولكن الإدارة المدنية قامت بفتح موقع لتعبئة المياه في منطقة الكرمل يتم نقل المياه إليه من مستوطنة الكرمل لصالح الفلسطينيين منذ عدة أشهر مضت".
المعاناة تشمل فلسطينيين آخرين
ولا تختلف أوضاع الكثير من الفلسطينيين الآخرين في الأرض الفلسطينية المحتلة عن الوضع المائي الصعب الذي يعاني منه البدو. فوفقاً لتقرير صادر يوم 27 أكتوبر 2009 عن منظمة العفو الدولية، يستهلك الفرد الإسرائيلي أربعة أضعاف كمية المياه المتاحة للفرد الفلسطيني. وقد اتهمت منظمة العفو الدولية إسرائيل بحرمان الفلسطينيين من المياه مشيرة إلى أن سيطرة إسرائيل الكاملة على كل مصادر المياه المشتركة واتباعها لسياسات تمييزية يعتبر خرقاً لحق الفلسطينيين في الحصول على كفايتهم من الماء.
وفي هذا السياق، أخبرت دوناتيل روفيرا، الباحثة بمنظمة العفو الدولية المعنية بشؤون إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "إسرائيل لا تسمح للفلسطينيين بالوصول سوى لجزء صغير للغاية من الموارد المائية المشتركة الموجود معظمها في الضفة الغربية المحتلة في الوقت الذي تحصل فيه المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية على موارد غير محدودة".
وفي الوقت الذي لا يكاد الاستهلاك الفلسطيني اليومي للمياه يصل إلى 70 لتراً للفرد الواحد، يتجاوز استهلاك الفرد الإسرائيلي الـ 300 لتر يومياً، وهو أربعة أضعاف الاستهلاك الفلسطيني، وفقاً لمنظمة العفو الدولية. وفي بعض المجتمعات الريفية، لا يحصل الفلسطينيون على أكثر من 20 لتراً يومياً للشخص الواحد، وهو الحد الأدنى المنصوص عليه لمياه الشرب والاستعمال المنزلي في حالات الطوارئ. كما أوضحت المنظمة أن ما يتراوح بين 180,000 و200,000 فلسطيني ممن يعيشون في الأرياف لا يحصلون على المياه الجارية كما يمنعهم الجيش الإسرائيلي غالباً من جمع مياه الأمطار.
وقالت هيئة المياه الإسرائيلية أن هذا التقرير "يشوه الحقائق"، مشيرة إلى أن إسرائيل "تحترم التزاماتها باتفاق أوسلو بشأن تقاسم المياه". كما ذهب أوزي لانداو، وزير البنية التحتية الإسرائيلي إلى وصف التقرير بكونه "كذبة" تعكس الدعاية الفلسطينية، مضيفاً أنه "بالرغم من الأزمة المائية الحادة التي تعاني منها إسرائيل، إلا أنها تقوم بنقل كميات كبيرة من المياه، أكبر بكثير مما يلزمها به اتفاق أوسلو".
ولم تتمكن شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) من الحصول على تعليق سلطة المياه الفلسطينية.
"