يقول المدافعون عن الدول الجزرية أن ما يصل إلى نصف مليون شخص في منطقة المحيط الهادئ سوف يفقدون منازلهم وأوطانهم نتيجة لارتفاع مستويات سطح مياه البحر بسبب عدم قدرة الدول الجزرية الصغيرة على إقناع بقية دول العالم على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بدرجة كافية.
ويدعو تحالف الدول الجزرية الصغيرة (AOSIS) إلى خفض كبير في الانبعاثات العالمية حتى لا ترتفع درجة الحرارة في العالم أكثر من 1.5 مئوية عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
وقال تحالف الدول الجزرية الصغيرة أنه بعد أسبوع من المفاوضات في بانكوك تحضيراً لمؤتمر الأمم المتحدة حول تغير المناخ المقرر عقده في كوبنهاجن في ديسمبر لم تتمكن الدول النامية والمتقدمة من الاتفاق على أي شيء حول خفض الانبعاثات.
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية إيرين قال ليون تشارلز، رئيس فريق التفاوض في تحالف الدول الجزرية الصغيرة الذي ينتمي إلى جرينادا، إحدى جزر الكاريبي، "لم نصل في المفاوضات إلى مرحلة استعراض الخيارات ولم يتعد الأمر ما يمكن تسميته بإعادة صياغة للمواقف. ولذلك فقد نصل إلى كوبنهاجن ولا تزال الأطراف متباعدة عن بعضها البعض. وهذا بالفعل سيؤدي لفشل محادثات كوبنهاجن أو التوصل إلى نتائج غير ملائمة".
وقال تشارلز أن أعضاء تحالف الدول الجزرية الصغيرة وهم من بين الدول الأكثر ضعفا تجاه تغير المناخ "لا يمكنهم التعايش مع" ارتفاع درجة الحرارة العالمية بمقدار درجتين مئويتين، وهو هدف محتمل تمت الإشارة إليه في محادثات بنكوك".
وأضاف "لا نريد أن تتعد الزيادة 1.5 درجة مئوية فيم يتعلق بمشاريع التخفيف من أثر تغير المناخ والتمويل الذي يسهل الحصول عليه لها الغرض. فالأمر يتعلق ببقائنا".
وأشار بيان صدر عن تحالف الدول الجزرية الصغيرة بعد الاجتماع التمهيدي في نيويورك في سبتمبر إلى "خيبة أمل الدول الأعضاء" بسبب انعدام الإرادة في المفاوضات لحماية الدول الجزرية الصغير النامية من آثار تغير المناخ".
قضايا تغيير المكان
قال المدافعون عن الدول الجزرية أن خيارات تلك الدول محدودة للغاية ونادى التحالف بمزيد من الاهتمام بقضية نقل إقامة الناس في الدول التي ستغرق بسبب ارتفاع منسوب سطح البحر وذلك من حيث الكيفية ومن حيث البدائل الممكنة.
وقالت مارستلا جاك المحامي العام السابق في مايكرونيزيا التي كانت في بنكوك مع مراقبين من شبكة عمل المناخ أن "كوبنهاجن لن تكون كافيه. فالجزر ستغرق. ففي منطقة المحيط الهادي سيحتاج حوالي 500 ألف شخص إلى الانتقال من أماكنهم. ولكن الجزر لا تتكلم عن قضية هجرة".
وأضافت أن القادة كانوا "أجبن" من أن يعالجوا القضية. وقالت "ليس لدى هؤلاء القادة القدرة الكافية للصراع مع العالم المتقدم من أجل تلك القضية. ولكن الهجرة سوف تصيبنا في وجوهنا قبل أن نتدارك الموقف. فما الذي سيحدث لبلد ذي سيادة مثل توفالو على سبيل المثال إذا ضاعت الأرض التي يعيشون عليها؟"
وتوفالو التي يبلغ تعداد سكانها أقل من 12 ألف نسمة تغمرها المياه بشكل كبير في كل ربيع بسبب موجات المد والجزر التي أصبحت أكثر تدميرا عن أي وقت سبق. وإجمالي المساحة السطحية للأرض في توفالو التي تتكون من تسع جزر مرجانية صغيرة هي 26 كم مربع ولا يزيد أقصى ارتفاع عن مستوى سطح البحر فيها عن المترين.
وقال توكي كيتارا من رابطة توفالو للمنظمات غير الحكومية "لا نملك سوى الانتظار وحينما يحين الوقت لن يتبقى من توفالو شيء، وسيتحول مواطنوها لمجرد لاجئي مناخ".
وحتى الآن لم يتكلم بصراحة سوى محمد نشيد رئيس جزر المالديف الذي تحدث علنا عن نقل جميع سكان جزر المالديف البالغ عددهم 370 ألف نسمة إلى دولة أخرى إذا غطت المياه المتزايدة الجزر التي لا يزيد أقصى ارتفاع فيها عن 1.5 متر فوق مستوى سطح مياه البحر، وهو أمر مرجح حدوثه.
وقال تشارلز رئيس فريق التفاوض في تحالف الدول الجزرية الصغيرة "هناك الآلاف من القضايا القانونية والمتعلقة بالسيادة ونحن نتفاوض بشراسة. فهناك تعقيدات كبيرة في هذه المرحلة وإذا استطعنا تجنب تلك التعقيدات من خلال اتفاق قوي حول تغير المناخ، فسيكون ذلك أفضل".
فقدان الهوية
الصورة: بيب ستار |
صورة لجزيرة هان تم التقاطها من جزيرة يوسالا وكلاهما جزء من جزر كارتريت التابعة لبابوا غينيا الجديدة. وكانت هان في السابق جزيرة واحدة ولكنها الآن مشطورة بسبب ارتفاع سطح مياه البحر |
وأضافت جاك "هويتنا مرتبطة بجزيرة صغيرة جئنا منها...ولذلك فإن فقدان الجزيرة يعني فقدان بقائنا لأن المعنى الكامل للبقاء هو تلك القطعة من الأرض".
"إن ضاعت الجزيرة ستضيع إلى الأبد ولن يكون هناك هوية باقية. وهذه هي مشكلتنا الكبرى وستظل مشكلتنا حتى لو قامت الحكومة الاسترالية باستقطاع قطعة من ولاية كوينزلاند ومنحتنا السيادة عليها، وهو أمر من غير المتوقع حدوثه".
والبعض من أعضاء تحالف الدول الجزرية الصغيرة يواجه مشكلات مختلفة. قال ديان بلاك لاين السفير في وزارة خارجية جزيرة أنتيغوا وبربودا في البحر الكاريبي أن الجزيرة أصبحت تعاني من العواصف بطريقة متزايدة لدرجة أن البنوك سوف تتوقف عن تأمين المشروعات الجديدة بعد عشرة أعوام من الآن لتضع بذلك نهاية للتنمية الاقتصادية في البلاد.
ومع ذلك لم يعد تغير المناخ مجرد قضية اقتصاد بالنسبة لسكان جزر المحيط الهادي الذين يشاهدون المياه ترتفع ببطء حول منازلهم.
وقالت جاك "العالم يفكر في التجارة. ولكن هذا ليس هو جوهر قضية تغير المناخ، إن الأمر يتعلق بغرقنا أو بقائنا على قيد الحياة".
ts/ey/mw - hk/kkh