1. الرئيسية
  2. Middle East and North Africa
  3. Syria

سوريا: تنظيف صناعة زيت الزيتون

Olive trees in Dara'a Sarah Birke/IRIN

تترك صناعة زيت الزيتون الضخمة في سوريا بصمتها على البيئة. إذ تتسبب الفضلات التي تنتج عن مصانع معالجة زيت الزيتون التي لا يتم التخلص منها بشكل سليم في تلوث التربة والمياه، وقتل الحياة النباتية والحيوانية.

ويشار إلى أنه خلال عملية معالجة زيت الزيتون، يتم سحق الزيتون ومزجه بالماء. ثم يتم فصل الزيت عن المياه غير النظيفة والفضلات الصلبة.

وطبقاً لما قاله مروان الدمشقي الخبير في شؤون البيئة لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) غالباً ما يتم ضخ الماء المستعمل في هذه العملية ويتم التخلص منه في الأراضي المحيطة".

"وهذا الماء المستعمل يحتوي على مادة "البوليثينول" التي تضفي على الزيتون اللون الأخضر والأسود. لكن هذه المواد هي مواد كيميائية تؤدي، عند نشرها بكيمات كبيرة، إلى تغير الظروف البيئية وتؤدي إلى تقليل خصوبة التربة".

التأثيرات على صحة الإنسان

يضيف الدمشقي "الماء الملوث يصبح غير صالح للشرب. حيث يتلون باللون البني ويصبح ذو رائحة كريهة ويحتوي على مواد كيميائية ضارة وغير صالحة للاستهلاك الآدمي، مثل مادة البوليثينول".

وعندما توجد مصانع معالجة زيت الزيتون قرب الأنهار، يمكن أن تتسرب المياه المستعملة إلى الأنهار فتلحق الضرر بالأحياء المائية (من خلال المواد الكيميائية السامة أو من خلال المركبات الموجودة في الفضلات التي تستنفذ الأوكسجين) وتؤدي إلى تلوث مياه الشرب التي يستخدمها الإنسان.

وإذا لم يتم تجفيف الثفل - الفضلات الصلبة المتبقية من معالجة زيت الزيتون- والتخلص منه بطريقة سليمة، فإنه قد يتسرب أيضاً إلى التربة ويغير درجة حموضتها وتركيبة المغذيات الموجودة بها.

وجدير بالذكر أن التأثيرات الصحية على الإنسان التي تنجم جراء استهلاك المواد الكيميائية التي توجد في المياه المستعملة من معالجة زيت الزيتون غير معروفة حتى الآن. ففي الوقت الذي يرى فيه بعض الخبراء أن مادة "الكاتيكول"، إحدى المواد الكيميائية الموجودة في تلك المياه المستعملة، ضارة بالإنسان، لا ترى منظمة الصحة العالمية أنها تشكل تهديداً على الصحة. حيث يقول بروس جوردون، رئيس الفريق المعني بسلامة وجودة مياه الشرب في منظمة الصحة العالمية "لا تعتبر منظمة الصحة العالمية " الكاتيكول" مادة ضارة في توجيهاتها المتعلقة بجودة مياه الشرب ومن ثم فإنه لا يوجد حد أقصى يوصى به لهذه المادة في مياه الشرب"

من ناحية أخرى، تدرج الوكالة الدولية لبحوث السرطان the International Agency for Research on Cancer (IARC) مادة الكاتيكول على قائمة المواد التي "قد تكون مادة مسطرنة للإنسان".

والمشكلة ليست صغيرة إذا ما علمنا أن سوريا هي خامس أكبر دولة مصنعة لزيت الزيتون في العالم، حيث تساهم بنحو 4.6% من إمدادات العالم سنويا عبر معاصرها التي يصل عددها إلى 920 معصرة.

وتصل الكمية الإجمالية للمياه المستعملة الناتجة من إنتاج زيت الزيتون في سوريا إلى 700000 متر مكعب سنوياً، إضافة إلى 280000 طن من الثفل.

نقص التوعية

من بين أسباب التلوث استخدام وسائل تكنولوجية قديمة ونقص التوعية لدى أصحاب المعاصر. حيث يقول الدمشقي "إن غالبية المعاصر هي مشاريع تمتلكها وتديرها بعض الأسر حيث لا تزال تستخدم المعاصر التقليدية بدلاً من الماكينات (الحديثة). إضافة إلى ذلك، فإن تلك الأسر لا تمتلك المعدات اللازمة لتنظيف المياه المستعملة وغالباً لا تستطيع شراءها".

وإضافة إلى نقص الموارد المالية، لا يدرك كثير من أصحاب المعاصر الأثر المدمر الذي يلحقونه بالبيئة. ويشير الدمشقي إلى أن "هناك عدم وعي فيما يتعلق بضرورة معالجة تلك الفضلات وكيف يتم ذلك، وعليه فإن أصحاب المعاصر يلقون بالمياه المستعملة غير مدركين أنها سوف تضر بأراضيهم وبالبيئة بشكل عام".

مشروع إقليمي

رغم ما سبق ذكره، ونظراً لأهمية صناعة زيت الزيتون فإن المشكلة بدأت تلقى اهتماماً من قبل بعض الجهات الدولية. إذ سيتم بنهاية هذا العام اتمام مشروع إقليمي بقيمة 1.7 مليون يورو لمعالجة التلوث الناجم عن صناعة زيت الزيتون في كل من سوريا، ولبنان، والأردن، بتمويل من البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والمفوضية الأوربية.

Olive oil flows out of the tap following processing
الصورة: سارة بيرك/إيرين
زيت الزيتون بعد العصر
وخلال المرحلة الأولية للمشروع، تم تسجيل جميع معاصر إنتاج زيت الزيتون. وتم تعريف أصحاب هذه المعاصر بالأثار السلبية لصرف المياه المستعملة وكيفية معالجتها. كما تم تعريفهم بالاستخدامات الممكنة للثفل بدلاً من التخلص منه: حيث يمكن بيعه لبعض المصانع التي تقوم بدورها باستخلاص الزيت المتبقي فيه واستخدامه في تصنيع منتجات أخرى.

ومن بين المصانع التي استفادت من هذا المشروع مصنع "مسلمي إخوان" في مدينة "درعا" في جنوب سوريا. حيث تعلم أصحاب المصنع كيفية معالجة المياه المستعملة وتخزينها وتجميعها بدلاً من التخلص منها وصرفها في الأراضي المجاورة. كما إنهم قاموا بتجفيف وبيع الثفل إلى مصانع في حلب حيث يتم استخدامه في صنع صابون زيت الزيتون الشهير بالمدينة.

وتركز المرحلة النهائية من المشروع والتي من المقرر أن تبدأ في شهر سبتمبر، على الاستخدام التجريبي لمحطات متنقلة لمعالجة المياه.

ويرى الدمشقي، الذي يرأس المشروع أن "التثقيف ليس كافياً لأنه ليس في مقدور جميع أصحاب المعاصر شراء ماكينات حديثة لمعالجة المياه المستعملة ومن ثم سوف تنتقل محطات معالجة المياه في شتى أنحاء الدولة لتنظيف المياه".

وسوف يبدأ الاستخدام التجريبي في منطقة طرطوس في الساحل السوري، في واحدة من المناطق التي تحتوي على أكثر المصانع تلويثا في الدولة.

محطات المعالجة المركزية

نظراً للطلب الهائل على معالجة المياه المستعملة، يرى الخبراء أنه سوف تكون هناك حاجة في المستقبل لمحطات معالجة مركزية. حيث يحذر رونالد دامان، رئيس "إينفيبلان" الشركة الألمانية المتخصصة في التخطيط البيئي والتي توفر المحطات المتنقلة لمعالجة المياه من أنه "بدون هذه التكنولوجيا، سوف يؤدي التلوث الناجم عن معالجة زيت الزيتون إلى مشكلات بيئية أضخم". ويضيف أن "التوازن البيئي يزداد هشاشة بمرور الوقت وبالتالي هناك ضرورة لتطوير صناعة زيت الزيتون بحيث تصبح متوافقة مع المعايير البيئية الجيدة. وقد بدأت سوريا في هذا الاتجاه وينبغي على الدول الأخرى أن تحذو حذوها".

sb/ed/cb/hk/kkh

"
Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join