أفاد برنامج الأمم المتحدة للبيئة، في تقرير صادر عنه يوم 17 فبراير/شباط بنيروبي، أن تحسين طرق إنتاج ومعالجة وتصريف الغذاء بشكل صديق للبيئة سيمكن العالم من الاستجابة للطلب المتزايد على الغذاء كما سيساعده على زيادة الإنتاج الغذائي. وأوضح التقرير أن أكثر من نصف الغذاء المُنتَج حاليا يتعرض للضياع أو الخراب أو الرمي بسبب انعدام فعالية التعامل معه ومعالجته.
وفي هذا السياق، ألقى آشيم شتاينر، المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، كلمة بمناسبة صدور تقرير "أزمة الغذاء البيئية: دور البيئة في الحيلولة دون وقوع أزمات مستقبلية" قال فيها أن "هناك أدلة على أن العالم قادر على إطعام كل سكانه المتوقَّعين إذا ما أصبح أكثر فعالية وحرص على ضمان بقاء الحيوانات البرية والطيور والأسماك على هذا الكوكب".
وقد تم إطلاق هذا التقرير، الذي يقدم خطة مفصلة من سبعة نقاط لخفض المجاعة وتخفيف حالة انعدام الأمن الغذائي المتصاعدة، في الدورة الخامسة والعشرين لاجتماع مجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة للبيئة/ المنتدى البيئي الوزاري العالمي خلال الفترة من 16 حتى 20 فبراير/شباط. وأشار التقرير إلى أن عمليات إعادة تدوير مخلفات الغذاء واستخدام تقنيات جديدة بهدف إنتاج أنواع من الوقود الحيوي قد تشكل بديلا عن إنتاج كميات إضافية من حبوب العلف.
وجاء في التقرير أيضا أن "كميات الأسماك التي تُرمَى في البحر والتي تقدر بحوالي 30 مليون طن سنويا قد تُمكِّن وحدها من زيادة أكثر من 50 بالمائة من إنتاج زراعة الأسماك والزراعات المائية، وتضمن الحفاظ على مستوى استهلاك الفرد الحالي من الأسماك في 2050 دون ممارسة ضغط أكبر على البيئة البحرية".
كما جاء في كلمة شتاينر: "أننا نحتاج إلى ثورة خضراء لتحقيق اقتصاد أخضر بمعنى الكلمة. فنحن بحاجة إلى التعامل ليس فقط مع طريقة إنتاج العالم للغذاء ولكن أيضا مع طريقة توزيعه وبيعه واستهلاكه. كما نحتاج أيضا لثورة تمكننا من تعزيز المحاصيل عن طريق العمل مع الطبيعة وليس ضدها". وأضاف أن الخسائر الغذائية الناتجة عن الضياع تؤكد على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث والتطوير الزراعي، مشيراً إلى أن الميزانيات المخصصة لذلك " لا تتعدى 13 بالمائة من مجموع الاستثمار في إفريقيا مقابل أكثر من 33 بالمائة في أمريكا اللاتينية و40 بالمائة في آسيا".
هل لا زال الأسوأ في الأفق؟
وقد حذر برنامج الأمم المتحدة للبيئة من احتمال تفاقم الأزمة الغذائية الراهنة إذا ما لم يتم تحسين إدارة الأنظمة الزراعية بالعالم وجعلها أكثر ذكاءً وإبداعاً وفعالية.
وتمثلت النتائج الرئيسية للبحث في احتمال توقف وتيرة انخفاض أسعار الغذاء التي استمرت على مدى 100 عام، وتحولها باتجاه الارتفاع بنسب تتراوح بين 30 و50 بالمائة في غضون بضعة عقود، مما سيؤثر بشكل سلبي جدا على الفقراء الذين ينفقون ما يناهز 90 بالمائة من دخلهم على الغذاء. كما خلص البحث إلى احتمال ضياع 25 بالمائة من الإنتاج الغذائي بسبب "تكرار الانهيار البيئي" بحدود 2050 إذا لم يتم اتخاذ إجراءات وقائية. وأشار أيضا إلى احتمال ارتفاع النسبة الحالية لاستعمال الحبوب في إطعام الماشية والتي تتمثل في ثلث إجمالي الإنتاج العالمي لتصل إلى 50 بالمائة من مجموع الإنتاج العالمي بحدود 2050 مما سيتسبب في تفاقم الفقر وتدهور البيئة.
وحذر التقرير من احتمال تفاقم أسباب اندلاع الأزمة الغذائية العالمية بشكل كبير خلال العقود القليلة القادمة. وتتمثل هذه الأسباب في الجفاف وإنتاج الوقود الحيوي وارتفاع أسعار النفط وانخفاض احتياطي الحبوب وتزايد المضاربة في أسواق الغذاء. وأوضح شتاينر أن "التغيرات المناخية تعتبر من بين العوامل الرئيسة التي قد تؤدي إلى إضعاف فرص إطعام أكثر من 9 مليار شخص بحدود 2050.... كما أن تفاقم ندرة المياه وانتشار الحشرات والأمراض والأعشاب الطفيلية والضارة قد يتسبب في انخفاض كبير للمحاصيل في المستقبل".
شبكات الأمان
الصورة: أنا بالانس/ برنامج الأمم المتحدة للبيئة |
التغير المناخي بإفريقيا |
كما أوصت الخطة بتحسين إدارة وحصاد مياه الأمطار بإفريقيا مثلا، وتقديم الدعم للمزارعين الذين يتبنون أساليب أكثر تنوعا وصداقة للبيئة. وأوضح شتاينر أن "مجرد تعزيز طرق إنتاج القرن العشرين المعتمدة على الأسمدة والمبيدات لن يساعد على مواجهة التحدي. بل سيؤدي فقط إلى إضعاف المصادر الطبيعية والخدمات المبنية على الطبيعة مثل التربة الخصبة والمنتجة وإعادة تدوير الغابات المغذية للمياه والعناصر المساعدة على التلقيح مثل النحل".
"