ما يزال الحصول على تأكيدات مستقلة حول حقيقة الأوضاع في غزة وخاصة في مدينة رفح الحدودية صعباً للغاية، حيث ما تزال إسرائيل تحظر دخول الصحفيين إلى القطاع. كما أن هناك ضغط شديد على خطوط الهاتف التي تأثرت أيضاً بانقطاع الكهرباء.
وأخبر سكان رفح، التي تقع على الحدود مع مصر، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عبر الهاتف أن مئات الآلاف من السكان فروا بسبب القصف الإسرائيلي الشديد، وبعضهم حاول اللجوء إلى مؤسسات تابعة للأمم المتحدة أو إلى منازل أصدقاء وأقارب لهم في مناطق أبعد عن الحدود ولكنها تقع أيضاً في الجنوب.
وتم إبلاغ شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عن حالة امرأة وأطفالها الذين اضطروا للنوم في الشارع لأنهم لم يجدوا مكاناً يلجؤون إليه فهربوا بعيداً عن الحدود المصرية قدر ما استطاعوا، في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تشن قصفاً جوياً على أنفاق التهريب الموجودة في المنطقة.
وكان ماكس غايلورد، المنسق الإنساني التابع للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة قد قال في وقت سابق هذا الأسبوع أنه لا يوجد للفلسطينيين مكان يلجؤون إليه للاحتماء من القتال.
الأونروا توقف عمليات توزيع الأغذية
وقد علقت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) جميع عمليات توزيع الأغذية التي تقوم بها بعد مقتل أحد سائقيها.
كما علقت المنظمة حركة موظفيها بعد حادثتين منفصلتين تعرضت فيهما قافلاتها لقذائف إسرائيلية يوم 8 يناير/كانون الثاني. وقد لقي عاملا إغاثة متعاقدان مع الوكالة حتفهما أثناء توصيلهما للمعونات إلى القطاع.
وقال كريس غينيس، المتحدث باسم الأونروا: "سوف نستمر بتوصيل خدماتنا حيث أمكن ولكن هناك حظر كامل على الحركة".
وأضاف غينيس لاحقاً: "سوف تعاود الأونروا نشاطاتها فقط عندما تحصل على تأكيدات واضحة من الجيش الإسرائيلي بأنه سيتبع آلية تضمن عدم إطلاق النار على موظفيها".
وقال مسؤولون من منظمات أممية أخرى أنهم ربما يقلصون عملهم أيضاً خصوصاً أن الأونروا كانت تزودهم بالدعم اللوجستي.
وقالت الأونروا أن القافلتين قد نسقتا حركتيهما مع الجيش الإسرائيلي الذي بدوره لم يعلق على الحادثتين.
وكان أربعة عمال إغاثة من موظفي الأمم المتحدة المحليين قد قتلوا منذ أن بدء إسرائيل هجومها على القطاع في 27 ديسمبر/كانون الأول.
وقد أدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إطلاق النار على القافلة التابعة للأونروا بعد وقت قصير من تبني مجلس الأمن القرار رقم 1860 الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار.
أوضاع محبطة
ويقول عمال الإغاثة أن الوضع الإنساني محبط فخدمات الماء والكهرباء متوفرة بكميات محدودة جداً لثلثي السكان منذ بدء الهجوم. كما حذر البنك الدولي يوم 7 يناير/كانون الثاني من أزمة وشيكة في الصرف الصحي.
وقد تحسنت خدمات الكهرباء قليلاً يوم 9 يناير/كانون الثاني بعد أن سمحت إسرائيل بدخول بعض إمدادات الوقود.
وقال المسؤولون الطبيون في غزة أن المستشفيات لا تحتوي على ما يكفي من المستلزمات وتعاني من الاكتظاظ. كما أكد الأطباء أن هناك نقص في الأدوية والمعدات الجراحية وأنهم بحاجة إلى المزيد من الأطباء لمساعدتهم على التعامل مع تدفق المرضى والجرحى إلى المستشفيات. كما قال الجراحون لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنهم منهكون جداً وعلى وشك الانهيار.
اللجنة الدولية للصليب الأحمر
وقد أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بياناً شديد اللهجة يوم 8 يناير/كانون الثاني حيث انتقدت إسرائيل بشدة لعدم سماحها لسيارات الإسعاف بالوصول إلى الجرحى وقالت أن ذلك خرق للقانون الدولي الإنساني.
وقالت اللجنة أنها استغلت فترة "التهدئة الإنسانية" التي منحتها إسرائيل لمدة ثلاث ساعات يوم 7 يناير/كانون الثاني للوصول إلى المناطق التي لم تتمكن من الوصول إليها من قبل ووجدت مع الهلال الأحمر الفلسطيني 16 شخصاً مصاباً أو مريضاً والعديد من الجثث. وفي إحدى الحالات تم العثور على أربعة أطفال أحياء تحت الأنقاض مع جثة والدتهم.
وقال بيير ويتاك، كبير مسؤولي اللجنة في المنطقة: "إنها حادثة فظيعة... لا بد أن الجيش الإسرائيلي كان على علم بالوضع ولكنه لم يبادر بمساعدة الجرحى ولم يسمح لنا أو للهلال الأحمر الفلسطيني بمساعدتهم".
وقال غينيس من الأونروا أن ثلاث ساعات التهدئة هي "نقطة في بحر" وطالب بوقف دائم لإطلاق النار.
حصيلة الضحايا
وقد فاق عدد ضحايا الهجوم 770 قتيلاً و3,250 جريحاً. وقال طبيب في مستشفى الشفاء الرئيسي أنه في الأيام الأخيرة كان 80 بالمائة من الضحايا من النساء والأطفال. كما قدر المسؤولون أن نصف الذين قتلوا في هذه الحملة العسكرية مدنيون.
كما قتل تسعة جنود إسرائيليين ولقي ثلاثة مدنيين حتفهم جراء الصواريخ التي أطلقت من غزة.
"