تؤكد الكوارث المتزامنة التي واجهتها إندونيسيا خلال الأسبوع الممتد من 25 أكتوبر - والمتمثلة في البركان الذي فجر حممه في جاوة الوسطى والزلزال والتسونامي اللذان وقعا قبالة الساحل الجنوبي لجزيرة سومطرة - على التحديات الفريدة التي تواجه هذا الأرخبيل.
وفي هذا السياق، قال ناريك كماليان، نائب رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في جاكرتا، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في 2 نوفمبر، أن إندونيسيا بلد معرض للكوارث وهو ممتد على مساحة ضخمة. ولذلك تواجه البلاد من الناحية اللوجيستية العديد من التحديات عند وقوع أية كارثة".
وأضاف أنه في ظل وجود أكثر من 17,000 جزيرة وعدم كفاءة 30 بالمائة من الطرق في البلاد، تبقى حركة فرق الاستجابة ومواد الإغاثة إلى الأماكن التي تحتاج إلى مساعدة صعبة للغاية.
وأوضح كماليان بالقول: "قد تكون قادراً على الوصول إلى أقرب ميناء بحري أو جوي، ولكن الوصول بعد ذلك إلى المنطقة المتضررة قد يكون صعباً إذا لم تتوفر الطرق أو إذا كانت الطرق مغمورة بمياه الفيضان".
وقد تم اختبار هذه التحديات في 26 أكتوبر عندما ثار بركان جبل ميرابي، وهو أحد أكثر البراكين نشاطاً في البلاد، بعد وقوع تسونامي ناجم عن زلزال في جزر مينتاواي النائية في الليلة السابقة. غير أن التسونامي وقع على بعد 1,300 كلم من البركان على الطرف الآخر من البلاد.
وأوضح سري ديوانتو، الخبير في الوكالة الوطنية لإدارة الكوارث في إندونيسيا أنه "كان من الصعب جداً الحصول على الإمدادات [لمينتاواي] بسبب وجود العديد من الجزر الصغيرة". وأضاف قائلاً: "لم نكن قادرين على الوصول إلى هناك بواسطة القوارب، كما كان لدينا وقت زمني محدود للوصول عن طريق الجو بسبب سوء الأحوال الجوية".
تحديات لوجيستية
ومع الظروف الجوية الصعبة، فإن الوصول المحدود يجعل الحصول على صورة دقيقة عما هو مطلوب على أرض الواقع وعن مستويات النزوح غير ممكن في كل الأوقات.
وبينما يشكل الطقس والجغرافيا وضعف البنية التحتية تحديات كبيرة لتوزيع مواد الإغاثة عند الوصول على الأرض، يمكن أن تشكل المسافة أيضاً التي يجب أن تقطعها تلك المساعدات للوصول إلى هناك تحدياً بحد ذاته.
وأفاد ديوانتو أنه "عندما تحدث كارثة، يتم إرسال الإمدادات اللوجيستية والمساعدات الإغاثية من جاكرتا وهو ما يستغرق وقتاً طويلاً...علينا الحصول على الطائرات المروحية من الجيش أو الشرطة. وقد يكون ذلك صعباً في بعض الأحيان لأنك قد تعرض حياة الطيار للخطر".
وإذا وقعت كارثة في مقاطعة بابوا الغربية النائية في إندونيسيا على سبيل المثال، قد تضطر المساعدات الإغاثية قطع مسافة تصل إلى 3,754 كلم من جاكرتا إلى جايابورا، عاصمة المقاطعة، وهي نفس المسافة تقريباً بين لندن وبغداد.
لكن السلطات الإندونيسية تدرك هذه المشاكل جيداً وتواصل العمل لتعزيز جهود الاستجابة. فقد أفادت وسائل الإعلام المحلية أن مجلس النواب الإندونيسي وافق في الأول من نوفمبر على 16.8 مليون دولار كتمويل إضافي للاستجابة للكوارث الطبيعية الطارئة بحيث يتم إنفاقه بحلول نهاية هذا العام.
ولتحسين تنسيق جهود الإغاثة، تخطط الوكالة الوطنية لإدارة الكوارث في إندونيسيا إنشاء مراكز لوجيستية في 6 مناطق مختلفة في جميع أنحاء البلاد لتقليص مسافات السفر وتحسين زمن الاستجابة.
معرضة للكوارث
وتعد إندونيسيا، التي تحتل المرتبة الرابعة في العالم من حيث الكثافة السكانية حيث يبلغ مجموع سكانها نحو 250 مليون نسمة، واحدة من أكثر البلدان عرضة للكوارث بسبب وقوعها ضمن "حزام النار في المحيط الهادئ".
ووفقاً لمؤشر مابلكروفت لمخاطر الكوارث الطبيعية لعام 2010، جاءت إندونيسيا في المرتبة الثانية بعد بنجلاديش من حيث التعرض للكوارث الطبيعية، وذلك من بين 229 دولة شملتها الدراسة.
وذكرت قاعدة بيانات الكوارث لمنظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة أن أكثر من مليون شخص في المتوسط يتأثرون سنوياً بالكوارث.
كما شهدت إندونيسيا في 2009 وحده 496 زلزالاً بقوة بلغت خمس درجات أو أكثر على مقياس ريختر، وهو أكثر من أية دولة أخرى، على الرغم من أن معظم هذه الزلازل لا تسبب خسائر كبيرة.
ويقول الكثير من الخبراء أن الكوارث الصغيرة المستمرة مثل الفيضانات التي تمثل 40 بالمائة من الكوارث في إندونيسيا على مدى السنوات القليلة الماضية هي التي توقع العدد الأكبر من الضحايا.
cm/ds/mw-zaz/dvh
"