أفاد بعض المسؤولين بأن نظام توزيع الحصص الغذائية، التي يعتمد عليها ملايين العراقيين، يعاني من خلل. كما حذروا من أن يؤثر التأخير في توزيع الحصص على صحة الصائمين خلال شهر رمضان المبارك الذي من المتوقع أن يبدأ في 13 سبتمبر/أيلول الجاري.
وقال محمد علاء جابر، مدير مكتب غرب بغداد لتوزيع الحصص الغذائية بأن هناك العديد من الأسباب التي تقف وراء المشاكل التي يعاني منها نظام توزيع الحصص الغذائية، كنقص المواد الغذائية نفسها حيث أن المتوفر منها رديء أو أحياناً منتهي الصلاحية، بالإضافة إلى تأخر وصول هذه المواد إلى مكاتب التوزيع".
ووفقاً لجابر، استمر نظام توزيع الحصص الغذائية المتبع في بغداد بالتدهور مع تصاعد وتيرة العنف الطائفي منذ شهر فبراير/شباط 2006، إلا أن الأزمة وصلت ذروتها في الأشهر الأربعة الماضية.
وأضاف جابر موضحاً: "نادراً ما يتوفر حليب الأطفال ضمن الحصص الغذائية، وهذا لم يحدث قط خلال نظام صدام، حيث كانت وفرة حليب الأطفال أمراً عادياً. أما الأرز المتوفر فهو رديء النوعية، في حين تحتاج البقوليات إلى ساعات على النار حتى تنضج. كما تدهورت جودة الدقيق والشاي الذي يتم توزيعه على الأسر، وفي 20 بالمائة من الحالات تعود الأسر التي تبحث عن حصص غذائية إلى بيوتها خالية الوفاض".
نهب شاحنات المواد الغذائية
وأفادت وزارة التجارة التي تتولى توصيل الحصص الغذائية بأن انعدام الأمن يعتبر السبب الرئيسي وراء النقص الحاصل في المواد التي تدخل ضمن الحصص الغذائية. وأوضح عبد العزيز حيدر، المسؤول الإعلامي لدى الوزارة، بأن "العديد من الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية تتعرض للتوقيف في طريقها إلى بغداد وغيرها من المدن ويتم نهب محتوياتها. كما يمكن أن يحصل تأخير في تسليم المواد من خارج البلاد"، مضيفاً بأنهم يعملون جاهدين لضمان استمرار برنامج التوزيع في العمل بطريقة جيدة.
وكان برنامج الحصص الغذائية قد طٌبِّق لأول مرة في عهد صدام حسين للتخفيف من آثار العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الأمم المتحدة على العراق بعد غزوه للكويت عام 1991. وكان شراء المواد الغذائية يتم ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء التي كانت تشرف عليه الأمم المتحدة.
واستمر نظام توزيع الحصص الغذائية، الذي يرجع إليه الفضل في إنقاذ الملايين من العراقيين من الموت جوعاً، في العمل حتى عام 2003 عندما أطاح الغزو الذي تقوده الولايات المتحدة بنظام صدام. ويقول العديد من المستفيدين والخبراء بأن الحصص الغذائية كانت في عهد صدام ضعف ما هي عليه اليوم تقريباً من حيث الكم، كما أنها كانت تضم مواد غذائية ذات نوعية جيدة.
حصص غذائية أصغر حجماً وأسوأ نوعاً
وأوضح البروفيسور محمد عز الدين، المحلل بجامعة بغداد بأنه "تم تخفيض كل المواد التي تشتمل عليها الحصص الغذائية بنسبة 35 بالمائة، وتدهور نظام التوزيع بشكل خطير. ومع تزايد أعداد النازحين، أصبحت الأسر تواجه يومياً صعوبات جمة في الحصول على حصتها الغذائية، مما يجعلها عرضة للمجاعة في أي وقت".
من جهته، صرح سنان يوسف، المسؤول رفيع المستوى بإدارة التخطيط بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، بأن حوالي 5 مليون عراقي يعتمدون على الحصص الغذائية التي يتم توزيعها شهرياً، ولكن 60 بالمائة منهم فقط يتمكنون من الحصول عليها، مما يترك حوالي 2 مليون شخص يتخبطون في فقر مدقع. وأضاف سنان أن "معظم هؤلاء هم من النازحين أو ممن يعيشون في مناطق يسودها التوتر الأمني حيث يصعب تطبيق نظام التوزيع".
ووفقاً لآخر تقرير صادر عن منظمة أوكسفام وعن الائتلاف الذي شكلته بعض المجموعات العراقية بما فيها لجنة تنسيق عمل المنظمات غير الحكومية بالعراق، يحتاج حوالي 8 ملايين عراقي إلى مساعدات إغاثية عاجلة، ويعيش نصفهم في "فقر مطلق".
التضخم يزيد من حدة الفقر
الصورة: إيرين |
يستعمل علي حسن محله التجاري كنقطة لتوزيع الحصص الغذائية |
وأعطى عز الدين مثالاً على مدى ارتفاع الأسعار قائلاً: "منذ عام مضى، كان بإمكانك شراء علبة حليب بودرة للأطفال بأقل من 0.3 دولار، أما اليوم، إن وجدت حليب البودرة في السوق، فإنك لن تشتريه بأقل من 4 دولارات. إن هذا غير معقول والحكومة تتجاهله تاركة أصحاب المحلات يفرضون الأسعار التي يريدون دون أية رقابة...إن رمضان على الأبواب، وسيصوم الآلاف من العراقيين دون أن يكون لديهم أي طعام يفطرون عليه".
أما أبو أكرم الذي يبلغ من العمر 32 عاماً وأب لأربعة أطفال يسكن معهم في بغداد فلا يعلم كيف سيواجه الوضع. ويشكو أبو أكرم أوضاعه قائلاً: "لقد تأخرت الحصص الغذائية المخصصة لنا لحوالي شهرين، وأطفالي مرضى ويعانون من سوء التغذية وأنا عاطل عن العمل. لا أعلم إلى أين أذهب لأحصل على بعض النقود لإطعامهم".
"