فر عشرات الآلاف من السوريين بسبب القتال في مدينة الحسكة، التي تقع في شمال البلاد، وأبلغ السكان عن انتشار الذعر بعد هجوم متواصل من جانب مسلحي ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية.
ومنذ يوم الخميس الماضي، يشن مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية هجمات على المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في المدينة المختلطة عرقياً والتي تنقسم إلى مناطق تديرها حكومة الرئيس السوري بشار الأسد وأخرى خاضعة لسيطرة مقاتلي وحدات الحماية الشعبية الكردية.
وصرحت منظمة اليونيسف لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) يوم الثلاثاء أن 50,000 شخص على الأقل نزحوا جراء القتال.
وأخبر سكان الحسكة شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عن شعورهم بالرعب بمجرد سماع صوت مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية عند قدومهم. "سمعناهم بالفعل يصرخون تكبير،" كما قال أحمد سراج حاجي محمد، وهو موظف سابق في إحدى محطات غسيل السيارات بالحسكة، في إشارة إلى الهتاف الذي عادة ما يطلقه مقاتلو الدولة الإسلامية عندما يشنون هجماتهم.
وقد أصاب قدوم المتطرفين محمد برعب شديد. وكان يتحدث إلى شبكة الأنباء الإنسانية خارج بيت حماه في عامودا - التي تقع في منطقة الجزيرة، التي أصبحت فعلياً تتمتع بالحكم الذاتي الكردي، بالقرب من الحدود التركية، حيث توافد الآلاف من النازحين بحثاً عن ملاذ آمن - ورفع كمه لإظهار ندوب غائرة في عضده.
"قُتل أخي محمد في نفس الانفجار،" كما أفاد، موضحاً أن الجراح التي أصيب بها جراء انفجار عبوة ناسفة زرعها تنظيم الدولة الإسلامية في الحسكة منذ عام جعلته غير قادر على العمل وإعالة زوجته وابنه الصغير.
وتجدر الإشارة إلى أن المدارس والمساجد والمنازل في جميع أنحاء عامودا تأوي آلاف النازحين بسبب توغل تنظيم الدولة الإسلامية الأخير.
وفي مدرسة آرام ديكرام، يشرف آلان شيخي، وهو موظف في الهلال الأحمر الكردي، على الخدمات المقدمة إلى 150 نازحاً.
"بدأ الناس يأتون يوم الخميس ولا زالوا يصلون،" كما قال شيخي، الذي تمكنت منظمته من تزويدهم بالإمدادات الأساسية. كما أن اليونيسف واللجنة الدولية للإنقاذ من بين المنظمات الأخرى التي توفر الدعم الفوري للنازحين. ويقدم مستوصف وممرضة واحدة الخدمات الطبية للعائلات.
وأشار العنادي إلى صعوبة الحصول على صورة دقيقة عن الوضع الراهن داخل مدينة الحسكة، التي تبعد نحو 70 كيلومتراً إلى الجنوب، لاسيما أنه لا يمكن الاعتماد على تغطية الهاتف المحمول. وأضاف قائلاً: "نحن نسمع شيئاً مختلفاً في كل مرة. أحياناً نسمع أن الوضع على ما يرام، وبعد ذلك نسمع أن الاشتباكات العنيفة لا تزال مستمرة. نحن لا نعرف ماذا يحدث".
وفي حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قالت جولييت توما المتحدثة باسم منظمة اليونيسف، أن كلا من المستشفى الوطني ومستشفى الأطفال في القامشلي مغلقان في الوقت الحالي بعد تعرضهما لهجمات خلال الاشتباكات.
وفي السياق نفسه، ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) يوم الإثنين أن الضربات الجوية الحكومية قتلت أعداداً كبيرة من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في الحسكة. وحيث أن المناطق المتنازع عليها تقع إلى حد كبير تحت سيطرة نظام الأسد، فقد استبعدت الولايات المتحدة شن أي هجمات جوية لصد الإسلاميين.
وفي مسجد التكية القادرية في عامودا، يوفر الإمام الشيخ أحمد الغذاء والماء والمأوى لـ100 شخص. وقال: "إننا نبذل قصارى جهدنا لتلبية احتياجات هؤلاء الأشخاص، ولكن مواردنا محدودة للغاية. لقد طلبت المساعدة من المنظمات غير الحكومية، ولكنني لم أتلق أي رد حتى الآن. هناك العديد من المنظمات، ولكن ما يتم عمله على أرض الواقع قليل جداً. ليس لدى هؤلاء الناس من يرعاهم وإذا لم أساعدهم، كانوا سيظلون في الشوارع".
هرب محمد حسين إلى المسجد مع زوجته وأطفاله أربعة من حي غويران في الحسكة، لكنهم لم يأخذوا شيئاً معهم. وقال لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "كنا نعرف أن تنظيم الدولة الإسلامية قد دخل المدينة وبعد سماع كل هذه الأقاويل عن الدمار والقتل، هربنا".
ويعتقد حسين، الذي يتوق للعودة إلى الحسكة في أقرب وقت ممكن للاطمئنان على منزله وممتلكاته، أنه يمكن طرد المتشددين من المدينة إذا تعاون المقاتلون الأكراد وقوات الأسد معاً.
"أعتقد أنهم يستطيعون طرد تنظيم الدولة الإسلامية من المدينة، إذا وافق الجيش ووحدات الحماية الشعبية الكردية على تنسيق عملياتهم،" كما أكد.
من جانبها، قالت توما من اليونيسف أن المنظمة توفر إمدادات المياه والنظافة الصحية الحيوية للنازحين، ولا تزال تعمل مع المنظمات المحلية لتوفير الرعاية الصحية الأولية داخل مدينة القامشلي وتستعد لاحتمال تدهور الأوضاع.
والجدير بالذكر أن نحو 11.6 مليون سوري قد فروا من ديارهم منذ بداية الصراع السوري، الذي دخل الآن في عامه الخامس. وبحسب بعض التقديرات، لقي 200,000 سوري آخرين مصرعهم.
cm-mb/jd/ag-ais/dvh