يعمل الباحثون على توسيع نطاق دراساتهم حول النتائج التي تم التوصل إليها مؤخراً من أن مجموعة واسعة من الطفيليات، بما في ذلك السلالة التي تعرف باسم المُتَصَوِّرَةُ (plasmodium)، التي تحملها الخفافيش التي تعيش في غابات غرب أفريقيا، حيث يرون أن قدرة تحمل الثدييات لمسببات الأمراض يفتح أبواباً جديدة في مجال تطوير لقاحات الملاريا.
وقد أفادت دراسة نشرت في شهر أكتوبر الماضي إلى أن مجموعة من العلماء قاموا بفحص مسحات دم لأكثر من 270 خفاشاً من 31 نوعاً في عدد من الغابات في غينيا وليبيريا وساحل العاج وتوصلوا إلى أن 40 بالمائة من تلك العينات مصابة بسلالات مختلفة من الطفيليات المسببة للملاريا.
وفي هذا الصدد، قالت جوليان شاير، وهي باحثة مشاركة في الدراسة المذكورة: "الأمر المثير للدهشة هو أننا وجدنا سلالتين من الطفيليات المُتَصَوِّرَةُ التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأنواع الملاريا المُتَصَوِّرَةُ التي تصيب القوارض... هذه العلاقة الوثيقة بين الخفافيش وطفيليات الملاريا في القوارض تفتح الباب أمام اختبار أنواع الطفيليات المُتَصَوِّرَةُ في الخفافيش كنظام جديد لنموذج طفيليات الملاريا التي تصيب القوارض. وهذه النتيجة لم تكن متوقعة عندما بدأنا الدراسة".
وقالت شاير، طالبة الدكتوراه في معهد ماكس بلانك لبيولوجيا العدوى ومتحف التاريخ الطبيعي في برلين، أن أبحاثهم لا ترتبط مباشرة بالبحث عن لقاح للملاريا، لكنها أشارت إلى إمكانية أن تساهم تلك الأبحاث في تعزيز الدراسات الخاصة بتطوير لقاحات للملاريا: "إننا نفحص عينات جديدة من السلالات الأخرى من الخفافيش الأفريقية. وما زلنا نرغب في إضافة معلومات حول التنوع الشامل للطفيليات المسببة للملاريا في الخفافيش".
مستودع مسببات الأمراض
وقالت شاير أن "اكتشاف ارتباط وثيق بين أنواع المتصورة في الخفافيش وأنواع الملاريا التي تصيب القوارض يمثل مرحلة أساسية من الدراسات الجارية" وأضافت أنه "على سبيل المثال، إذا كان من الممكن عزل الطفيليات في البرية [في مرحلة ما في المستقبل] وتكييف الطفيل مع النموذج المختبري للقوارض، الذي يمكن أن تقود إليه البحوث الأكثر تقدماً، فإن ذلك قد يكون مفيداً في تطوير لقاحات الملاريا".
وعلى الرغم من أن الخفافيش تحمل العديد من مسببات الأمراض، بما في ذلك فيروسات الإيبولا وماربورج القاتلة، إلا أنها تتمتع بدرجة عالية من التَحَمُّلِ المناعي. ومن غير الواضح بالضبط ما هي الأسباب التي تجعل الخفافيش مستودعاً لمجموعة واسعة من العوامل المُمرضة. لكن يعتقد أن تاريخها التطوري الطويل، وتنوع السلالات –إذ تحتل المرتبة الثانية كأكبر الثدييات بعد القوارض- وأحجام المستعمرات الكبيرة قد تكون هي الأسباب المسؤولة عن ذلك.
وعلى الرغم من أن طفيليات الملاريا التي تصيب القوارض توجد في مناطق في أفريقيا الوسطى ونيجيريا، إلا أنه لم ترد تقارير عن وجودها في غابات غرب أفريقيا. ويعني وجه الشبه بين سُلالتي المتصورة الموجودة في الخفافيش والقوارض أنه يمكن نقل عينات الطفيليات إلى فئران المختبرات. وهذا بدوره سوف يتيح فحص النظام الدفاعي القوي للخفافيش ضد مسببات الأمراض.
وأشارت الدراسة إلى أن العديد من سلالات ملاريا القوارض المستخدمة في التجارب قد تم تكييفها للوسائط المضيفة التي جرى تربيتها في المختبر على مدى أكثر من ثلاثة عقود، ومن ثم فإنها تمثل "نظام استضافة غير طبيعي".
وذكرت دراسة موجزة حول الخفافيش في غرب أفريقيا، صدرت عن معهد ماكس بلانك لبيولوجيا العدوى أن "العديد من الدراسات التي تركز على اللقاحات والعقاقير المضادة للملاريا تستخدم نماذج الفئران. وبما أن الطفيليات التي وجدت في الخفافيش مشابهة جداً لتلك الموجودة في القوارض، فقد يكون من السهل نقلها إلى الفئران ودراستها عن كثب".
وأضافت شاير: "نحن نعلم الآن أن طفيليات الملاريا ربما تكون قد أصابت الخفافيش منذ ملايين السنين ومن ثم تطور نظامها المناعي للتأقلم مع هذه الطفيليات. وبالتالي فإن معرفة طريقة تأقلمها مع الطفيل يمكن أن تساهم في في تطوير لقاحات أفضل للمرض".
خطر الملاريا
ويواجه قرابة نصف سكان العالم خطر الإصابة بالملاريا. وفي عام 2010، تسبب هذا المرض في وفاة 660,000 شخص، معظمهم من الأطفال في أفريقيا، بحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية. ويتم حالياً إجراء تجارب سريرية على اللقاحات المضادة للملاريا في سبع دول أفريقية، ومن المتوقع أن تظهر النتائج في أواخر 2014.
وختاماً، قالت شاير أن زيادة المعرفة بشأن الملاريا البشرية تستلزم إجراء المزيد من الدراسات على الثدييات الأخرى المضيفة للطفيليات. وبينما يوجد أكثر من 550 نوعاً معروفاً من طفيليات الملاريا التي تحملها الطيور والزواحف وغيرها من الحيوانات المضيفة المتوسطة، إلا أنه لا يُعرف بعد سوى أربعة أنواع فقط من الملاريا التي تصيب البشر.
ob/rz-kab/dvh
"