كانت عمليات القتل وسفك الدماء قد بدأت منذ فترة عندما وصلت سلمى بهجت، متطوعة في الهلال الأحمر، إلى ميدان رابعة العدوية إثر مداهمة السلطات المصرية له في 14 أغسطس.
وتتحدث سلمى، البالغة من العمر 29 عاماً والتي تعمل طبيبة أسنان، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عن الصعوبات التي واجهتها للوصول إلى الضحايا قائلة: "شققت طريقي بصعوبة بين جثث الموتى وصرخات الجرحى. كنت أسمع أصوات القنابل والطلقات النارية تمر فوق رأسي، وأشعر في معظم الوقت أن حياتي نفسها في خطر".
وبينما كانت السلطات مستمرة في مواجهاتها مع أنصار الرئيس محمد مرسي مستعملة الذخيرة الحية والمركبات المدرعة ضد المعتصمين الذين قاموا بدورهم بالرد بطلقات نارية، كان عمال الإغاثة والمسؤولون الطبيون والمتطوعون يبذلون أقصى ما بوسعهم للوصول إلى آلاف الجرحى لمساعدتهم.
ويقول أحمد فالح، وهو مقدم إسعافات أولية الذي يعمل لدى قسم الإسعاف المصري: "كان هناك إطلاق نار في كل مكان، وكنت واثقاً تماما أن بعض الناس بحاجة إلى المساعدة ولكني لم أستطع الوصول إليهم بسبب العنف الدائر".
وتجدر الإشارة إلى أنه على مدار ذلك اليوم الدامي، احتدمت معركة إعلامية على محطات التلفزيون وشبكة الإنترنت يوجه من خلالها كل جانب أصابع الاتهام للآخر وينقل أرقام الوفيات الأكثر كسبا للتعاطف.
وعلى بُعد مئات الأمتار من فالح، حاول مجدي عبد الهادي، أحد أنصار مرسي، مساعدة الأطباء داخل المستشفى الميداني المؤقت بالميدان على علاج العدد المتزايد من الضحايا. وقد رأى عبد الهادي، وهو في أواخر العشرينيات من عمره، الجثث تتراكم داخل المستشفى. وعلق على ذلك بقوله: "كنا نصرخ طلباً للمساعدة، ولكن لم يسمح لسيارات الإسعاف بالدخول إلى الميدان، مما كان يضطرنا إلى حمل بعض الجرحى لمسافات طويلة حتى نوصلهم إلى عمال الإغاثة".
وعلم عبد الهادي لاحقا أن الجرحى الذين كانوا يعانون من إصابات طفيفة قد اعتقلوا من قبل الشرطة حال وصولهم إلى المستشفيات في سيارات الإسعاف. وأكد أحمد جاد، وهو صديق له في الموقع أيضاً، أنه كان بالإمكان إنقاذ الكثير من المتظاهرين لو توفرت إمكانية أفضل لتوصيلهم إلى عمال الإنقاذ. وأضاف متحدثا عن العدد الكبير من جثث أنصار مرسي الملقاة على أرض مسجد الإيمان قرب ميدان رابعة العدوية: " كان من الممكن إنقاذ بعض هؤلاء ... كان من الممكن إنقاذهم لو توفر بالفعل من يستطيع إنقاذهم".
عمال الهلال الأحمر منحازون؟
على الرغم من المخاطر، جازف بعض المسعفين بحياتهم من أجل القيام بعملهم. ولكن في ظل مناخ الاستقطاب السياسي المتزايد في مصر، حتى عمال الإغاثة لم يسلموا من الاتهام بالتحيز وعدم الحياذ.
فقد قامت جمعية الهلال الأحمر المصري بإرسال فرق إنقاذ لمركز الأحداث في القاهرة، ولكن بعضهم واجه صعوبات شديدة في القيام بواجبه. حيث تقول مروة علاء، وهي مسؤولة اتصال في الهلال الأحمر المصري: "يعتقد بعض الناس أن للهلال الأحمر روابط بجماعة الإخوان المسلمين. وهذا ما يفسر اتهامهم لنا بالانحياز . وهذا غير صحيح. نحن ننقذ حياة الإنسان، بغض النظر عن أي انتماءات سياسية ".
وعندما وصلت سلمى إلى رابعة العدوية، كانت المواجهات على أشدها وعدد الضحايا في تصاعد. وهو ما عرضها لغضب المتظاهرين والناس في الشوارع، الذين اتهموها وفريقها بالإهمال والتأخر عمداً في الحضور لإنقاذ الضحايا. وهو ما علقت عليه سلمى بقولها: "اعتقد أن الناس تفتقر للوعي الكافي حول دور عمال الإغاثة".
أما أحمد فالح، فإنه يرى أنه لم يتمكن أبداً من أداء وظيفته دون أن يتم توجيه اللوم له أو اتهامه بالعمل لصالح طرف أو آخر. فخلال أحداث رابعة العدوية، تم اتهامه بالعمل مع رجال الشرطة عندما كان يحاول نقل بعض المصابين إلى المستشفيات القريبة. حيث أشار إلى أن "بعض المصابين كانوا يخشون الركوب في السيارة مخافة أن يتم القبض عليهم. يجب أن يعرف الناس أنه لا علاقة لنا بالسياسة".
ae/jj/cb-me/amz
This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions