بعد جدل استمر حوالي سنتين حول مسودة قانون ينظم عمل المنظمات غير الحكومية في الأردن، قررت الحكومة الأسبوع الماضي سحب المسودة من البرلمان للمزيد من البحث والمناقشة مع مؤسسات المجتمع المدني وغيرها من الأطراف المعنية.
وينص مشروع القانون على ضرورة إخضاع أموال المنظمات غير الحكومية لرقابة ديوان المحاسبة وأن تتعهد المنظمات غير الحكومية الأجنبية بتمويل مشاريع لا تقل عن 250 ألف دينار سنوياً (أي حوالي 352,000 دولار).
وفي هذا الإطار، قال محمد الحلو، الناطق باسم المركز الوطني لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من عمان مقراً له، أن هذه الخطوة تعد إيجابية لفتح حوار مع المنظمات غير الحكومية وإعادة النظر في مطالبها".
وكان المركز الوطني لحقوق الإنسان قد نظم، بالتعاون من مؤسسة فريدريك نومان الألمانية، في السابع من يناير/كانون الثاني مؤتمراً يهدف إلى تعزيز الحوار بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية.
وأشار الحلو إلى أن "المنظمات غير الحكومية طالبت الحكومة خلال المؤتمر بإعادة النظر في قانون الجمعيات الخيرية والسماح لها بإقامة منظماتها الخاصة والتمتع بالاستقلال الإداري".
من جهته، قال حسين أبو الرز، أمين عام وزارة التنمية الاجتماعية، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "لقد قمنا بفرض مبلغ 250,000 دينار على المنظمات غير الحكومية الأجنبية لأننا نريد منها المزيد من الالتزام. فنحن نوفر لها العديد من التسهيلات بما فيها الإعفاءات الجمركية والضريبية، مما يشكل عبئاً على ميزانية الدولة. لذلك نحن نريدها أن تكون أكثر جدية في تنفيذ مشاريعها".
غير أن الحلو يرى أن هذا البند في مشروع القانون يضع قيوداً على عمل المنظمات غير الحكومية التي لن تعود قادرة على البدء في أي مشروع إذا كانت تملك أقل من المبلغ المحدد.
مراقبة أموال المنظمات غير الحكومية
وفي الوقت الذي يرى فيه العديد من الأشخاص أن مراقبة أموال الجمعيات الخيرية تكتسي أهمية كبيرة، يرى البعض الآخر أن هذه المراقبة يجب أن تتم في مرحلة لاحقة.
فقد قالت أسمى خضر، الأمين العام للجنة الوطنية لشؤون المرأة، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "نحن لسنا ضد الرقابة لضمان عدم غسيل الأموال وعدم إفساح المجال للفساد، ولكن يجب ألا تكون هذه الرقابة سيفاً مسلطاً على رقاب المنظمات غير الحكومية وتحول دون قيامها بعملها".
وأضافت أنه "بالنظر إلى الأدوار المتجددة لهذا القطاع، نعتقد أن القانون المعمول به حالياً، باشتراطاته وإجارءاته، لم يعد ملائماً. ومع ذلك، فإن القانون الجديد ينبغي أن يكون منظماً لعمل المنظمات غير الحكومية وليس مقيداً له، وليكن القضاء هو الفيصل في حالات انتهاك القانون".
ولكن للحكومة رأي مختلف، إذ قال أبو الرز: "إذا كان بإمكاننا حل المشكلة في مراحلها الأولى فلماذا ننتظر إلى أن يتم انتهاك القانون لنلجأ إلى القضاء؟".
أما أمين مشاقبة، رئيس الهيئة الإدارية المؤقتة للاتحاد العام للجمعيات الخيرية، فيرى أنه من الضروري أن يكون هناك رقابة على المنظمات غير الحكومية فيما يتعلق بأنشطتها وصرف أموالها. وقال لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "العالم أصبح منفتحاً على ذاته ولا بد أن تكون هناك طرقاً أفضل لمراقبة أموال المنظمات غير الحكومية".
معادلة حساسة
كما ينص مشروع القانون على إعطاء الأولوية لتوظيف المواطنين، وفقاً لأبو الرز الذي قال أن "البلاد تضم أكثر من 20 جامعة بمختلف التخصصات، ولذلك يجب أن تُعطىَ الأولوية لتوظيف الأردنيين المؤهلين بالمنظمات غير الحكومية التي تمتلك فروعاً لها في الأردن".
وأضاف أن "الخطوة القادمة هي إعادة النظر في مسودة القانون بحيث نأتي بمعادلة جديدة بالتنسيق مع المنظمات غير الحكومية. وستكون هذه معادلة حساسة لأن عليها أن تمنح المنظمات غير الحكومية سقفاً أعلى من الحريات تساعد في نفس الوقت على تجنب أكبر قدر ممكن من الانتهاكات".
ويوجد في الأردن 1,024 منظمة غير حكومية محلية، و49 منظمة غير حكومية أجنبية تخضع جميعها للقانون رقم 33 لعام 1966.