1. الرئيسية
  2. Americas

الظلم الكبير في نظام اللجوء في أمريكا

كيف يُستبعد الهاربون من عنف العصابات في أمريكا الوسطى

Juan Carlos/IRIN
Deportees arrive at an immigration centre in El Salvador

كانت أليسيا* تبلغ 14 عاماً عندما اغتصبها أفراد إحدى العصابات الإجرامية العنيفة التي جعلت السلفادور عاصمة القتل في العالم. ولما كانت حاملاً وتواجه احتمال التعرض لمزيد من أعمال العنف، سعت للسفر إلى الولايات المتحدة عبر الطريق البري الخطر بغية الانضمام إلى أسرتها هناك. ولكن عندما وصلت إلى هناك، كان عليها أن تكافح للعثور على محام يتولى قضية اللجوء الخاصة بها.

قد تبدو أليسيا مرشحة واضحة للحصول على صفة اللاجئ، ولكن هناك نصوصاً محددة جداً في كل من القانون الدولي وقانون اللاجئين في الولايات المتحدة يحدد من هو المؤهل للحصول على الحماية الدولية. فوفقاً لهذه القوانين، يجب أن يكون الشخص قد تعرض للاضطهاد في بلده الأصلي أو لديه خوف مبرر من التعرض للاضطهاد "بسبب العرق، أو الدين، الجنسية أو العضوية في جماعة اجتماعية معينة أو الرأي السياسي".

أما العنف الإجرامي العام فلا يُعتد به كأساس للمطالبة باللجوء. والأمل الوحيد للمطالبين بالحصول على اللجوء من الفارين من عنف العصابات في السلفادور وهندوراس وغواتيمالا – مثلث أمريكا الوسطى الشمالية المضطرب – هو إثبات أنه تم استهدافهم من قبل عصابات لأنهم ينتمون إلى "جماعة اجتماعية معينة".

لا محام، لا فرصة

وفي هذا الصدد، أوضحت اليجرا لاف، محامية الهجرة في نيو مكسيكو، التي أبلغت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) بقضية أليسيا، أسباب تردد المحامين في تولي القضية، فقالت: "لم يكن هناك أي فئة اجتماعية يمكننا ربطها بها... لم تكن مستهدفة لأي سبب من الأسباب سوى أنها كانت فتاة صغيرة تعيش في مكان عنيف بشكل غير عادي".

وفي مثل هذه الحالات من الصعب جداً كسب القضية حتى مع محام مخلص على استعداد لتكريس ساعات طويلة من وقته للبحث وإعداد ملف القضية. كما أن معظم طالبي اللجوء لا يقدرون على دفع أتعاب المحاماة على أي حال. وأضافت لاف: "لقد أنفق مثل هؤلاء آلاف الدولارات بالفعل للوصول إلى هنا".

والجدير بالذكر أنه لا يحق لمثل هؤلاء الحصول على المساعدة القانونية لقضايا الهجرة، وهناك نقص في المحامين مثل لاف الذين لديهم الاستعداد للقيام بمثل هذا العمل دون مقابل.

وتظهر بيانات المحاكم أن قرابة 60 بالمائة من طالبي اللجوء من المثلث الشمالي ليس لديهم تمثيل قانوني. ومن دون حضور محام، كما قالت لاف، يكافح الأفراد مثل أليسيا في نظام اللجوء المعقد، الذي يعاني من تراكم القضايا في الولايات المتحدة وتكون فرصهم ضعيفة إلى حد كبير في الحصول على صفة اللاجئ.

ومنذ الزيادة الأولية الكبيرة في أعداد المهاجرين من أمريكا الوسطى في صيف عام 2014، حاولت حكومة الولايات المتحدة انتهاج سياسات مختلفة لردع الآخرين عن اتباع هذا المسلك، بما في ذلك الضغط على المكسيك لاتخاذ إجراءات صارمة ضد طالبي اللجوء الذي يمرون عبر البلاد، وتوجيه مبلغ 750 مليون دولار كمساعدات تنموية إلى منطقة المثلث الشمالي. ولكن مستويات العنف في المنطقة استمرت في التفاقم. وبعد فترة هدوء في عام 2015، بدأ عدد الوافدين إلى الحدود يزداد مرة أخرى في عام 2016. وفي الفترة بين أكتوبر 2015 ومايو هذا العام، تم اعتقال أكثر من 83,000 شخص من القُصّر غير المصحوبين بذويهم والأمهات اللاتي لديهن أطفال على الحدود. وكانت الغالبية العظمى منهم من أمريكا الوسطى.

كيف يعمل (أو لا يعمل) النظام

في السياق ذاته، قالت كلارا لونج، باحثة من منظمة هيومن رايتس ووتش، في مدينة سان فرانسيسكو، إن العقبات التي تعترض تقديم طلب اللجوء الناجح تبدأ تقريباً من اللحظة التي يعبر فيها الفرد الحدود بطريقة غير نظامية.

وبعد أن يتم القبض عليهم من قبل قوات حرس الحدود، يتم نقلهم إلى مركز احتجاز ومن ثم وضعهم في قائمة "الترحيل العاجل" أو "إعادة الترحيل" إذا كان قد تم ترحيلهم من قبل. ومن المفترض أن يقود الفحص الأولي السريع الذي يقوم به مسؤولو حرس الحدود إلى تحديد ما إذا كان ينبغي إحالة الشخص لمقابلة يطلق عليها اسم "التحقق من مصداقية الخوف"- وهي الخطوة الأولى في عملية اللجوء – أو ترحيله فوراً. غير أن هناك تقريراً نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش في عام 2014 يكشف أن العديد من المهاجرين من أمريكا الوسطى قد تم ترحيلهم مباشرة من دون اتخاذ أي إجراءات أخرى رغم التعبير عن خوفهم من العودة إلى بلادهم أو الرغبة في طلب اللجوء.

Migrants, among them many women and children, detained at a border patrol station in Texas, United States
Centre for Immigration Studies

وأضافت لونج أن المشكلة مستمرة: "لقد وجدنا، من خلال البيانات المفرج عنها بموجب قانون حرية المعلومات والمقابلات المستفيضة مع طالبي اللجوء، أن قوات حرس الحدود لا تسجل بشكل منتظم تعبيرات خوف، وبالتالي لا تحيل هؤلاء الأشخاص إلى مقابلة التحقق من مصداقية الخوف، وتخرجهم من العملية برمتها.

"أعتقد أن هناك عملية سوء تسجيل ضخمة، يعقبها إبعاد كثير من الناس من الحدود. أنا أتتبع قرابة 100 حالة من هذه الحالات الآن".

ومن يقومون بعبور الحدود مرة أخرى، عقب ترحيلهم، يوضعون في قائمة إجراءات إعادة الترحيل، ما يعني أنه يمكن احتجازهم لفترات طويلة، ويصبحون غير مؤهلين للحصول على اللجوء. وأقصى ما يمكن أن يأملوا فيه هو الحصول على "وقف الترحيل"، الذي لا يوفر أي مسار للحصول على الإقامة الدائمة أو الجنسية.

أما بالنسبة لأولئك الذين يتم إحالتهم لعقد مقابلة شخصية، عادة ما يُعترف أن لدى 75 بالمائة منهم خوف مُبرر، ولكن يظل الشخص قيد إجراءات الترحيل ولا يتم الإفراج عنه إلا بعد دفع كفالة أو تثبيت جهاز تتبع في كاحله.

ويبلغ الحد الأدنى للكفالة التي يتعين دفعها 1,500 دولار. ولكن، كما قالت لونج، "نحن نرى العديد من الأشخاص الذين يطلب منهم دفع كفالات أعلى بكثير تصل إلى 20,000 دولار، ولا يستطيعون دفعها".

أما أولئك الذين يظلون في مراكز احتجاز المهاجرين – التي غالباً ما تقع في مناطق نائية – لأنهم لا يستطيعون دفع الكفالة، أو لأنهم لا يزالون في قائمة إجراءات إعادة الترحيل، تكون احتمالات حصولهم على محام أكثر انخفاضاً. وتشير لونج إلى أنه "لا يوجد هناك محامون هجرة لتولي قضاياهم... فقرابة 80 بالمائة من المحتجزين لا يتم تمثيلهم".

وفي السياق ذاته، كشفت دراسة خاصة بحالات اللجوء التي تنطوي على وجود نساء بصحبة أطفالهن، معظمهم من منطقة المثلث الشمالي، أن من لديهم محامين يمثلونهم من المرجح أن تزداد فرصهم في الحصول على الحماية بمقدار 20 ضعفاً.

يانصيب الرمز البريدي

وأشارت لونج إلى أن النتائج أيضاً تختلف على نطاق واسع: "اعتماداً على المكان الذي توجد فيه في الدولة".

وفي ولاية نيو مكسيكو الريفية حيث تعمل لاف، تُقدر محامية الهجرة أن زهاء 90 بالمائة من حالات اللجوء من المثلث الشمالي ترفضها المحكمة المحلية. ولكن معدلات القبول تكون مرتفعة في أجزاء أخرى من البلاد مثل مدينة نيويورك، المكان الوحيد الذي تتوفر فيها المساعدة القانونية لطالبي اللجوء الذين لا يستطيعون توكيل محام.

وأوضحت لاف أن كثيراً من الأشخاص يخسرون قضاياهم بسبب عدم القدرة على الوصول إلى محام، "لأسباب إجرائية".

وعقب اجتياز مقابلة التحقق من مصداقية الخوف وإطلاق سراح الأشخاص من الاحتجاز، يُمنح الأفراد سنة واحدة للتقدم بطلب اللجوء في محكمة الهجرة. وحول هذه العملية، قالت لونج: "على الرغم من أنه يتم إعلامهم بتاريخ نظر القضية في المحكمة إلا أنهم قد لا يفهمون النظام، لأنه بعيد جداً في المستقبل...إذا لم يحصلوا على بعض المساعدة، فمن السهل جداً أن تضيع مهلة السنة الواحدة". 

واتضح أن كثيراً من الأمهات القادمات من أمريكا الوسطى والأطفال الذين تم احتجازهم لترحيلهم خلال حملات الهجرة الموسعة في شهر يناير من هذا العام، لم يفهموا الإجراءات القانونية، وفقاً لمنظمة هيومن رايتس ووتش.

تراكم القضايا لسنوات

أما أولئك الذين يتمكنون من التقدم بطلبات اللجوء فغالباً ما يتعين عليهم الانتظار لفترات طويلة قبل أن يتم النظر في قضيتهم. ووفقاً لمعهد سياسات الهجرة، كان لدى محاكم الهجرة قرابة نصف مليون قضية متراكمة خاصة بحالات اللجوء قبل يناير 2016، حيث يصل متوسط الوقت الذي تستغرقه القضية قرابة عامين للفصل فيها وقد تصل تلك الفترة إلى أربع سنوات في بعض الدوائر القضائية.

وتظهر سجلات وزارة العدل في عام 2015، أن قرابة ربع القضايا المتعلقة بحالات اللجوء من المثلث الشمالي، حصلت على حكم إيجابي. وعلى الرغم من أنه يمكن الطعن على الأحكام السلبية، إلا أن لاف قالت أنه "يتعين على الشخص أن يكون مستعداً لتوكيل محام للقيام بذلك".

وأضافت لاف أن التفسير الضيق الذي تعتمده محاكم الهجرة في تعريف اللاجئ لأبناء أمريكا الوسطى الفارين من عنف العصابات يعود لمبدأ عدم فتح الباب على مصراعيه: "إنها حذرة جداً أن لا توسع تعريف اللاجئ بحيث يمكن لكل مواطن في السلفادور أن يأتي ويطالب باللجوء".

وأوضحت أن "لا أحد يشكك في أن حياتهم في خطر...ولكنها تشكك في أن حياتهم في خطر لأنهم ينتمون إلى مجموعة اجتماعية معينة".

في الوقت نفسه، يعتزم المسؤولون الأمريكيون شن جولة جديدة من الحملات الأمنية ضد المهاجرين تستهدف القُصّر غير المصحوبين بذويهم والأسر التي صدرت بحقهم أوامر ترحيل.

*ليس اسمها الحقيقي

ks/ag-kab/dvh

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join