دعت جماعات حقوق الإنسان إلى إعادة النظر في قانون الجنسية في ميانمار الذي ترك أكثر من 1.2 مليون شخص بدون جنسية في مختلف أنحاء البلاد، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وفي هذا السياق، قالت ديبي ستوثارد، منسقة منظمة ألتيرناتيف آسيان بورما، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه "ينبغي تعديل قانون الجنسية لعام 1982 ليعكس المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، بما في ذلك المساواة وعدم التمييز". وتجدر الإشارة هنا إلى أن ألتيرناتيف آسيان بورما هي منظمة لمناصرة حقوق الأقليات في ميانمار تتخذ من بانكوك مقراً لها.
ولا توجد بيانات موثوقة حول عدد الأشخاص عديمي الجنسية في ميانمار؛ فوفقاً لصندوق الأمم المتحدة للسكان، أجري آخر تعداد للسكان منذ أكثر من ثلاثة عقود. لكن جماعات حقوق الإنسان تعتقد أنه بالإضافة إلى حوالى 800,000 من الروهينجا العديمي الجنسية في ولاية راخين الغربية في ميانمار، هناك أيضاً مجموعات عرقية تنحدر من الصين والهند يقوم القانون بحرمانها من حقوقها ويعرضها للاضطهاد دون أن تتمكن من الحصول على أي انصاف قانوني.
من جهته، قال فيل روبرتسون، نائب مدير مكتب آسيا في منظمة هيومن رايتس ووتش أن "القانون يخلق طبقة دنيا بشكل دائم يتم استغلالها من خلال الإفلات من العقاب، وهو ما يولد استياءً كبيراً قد ينفجر إذا ما قامت قوات الأمن بالاستفادة من الضعف القانوني للأشخاص العديمي الجنسية من خلال استغلالهم وسوء معاملتهم".
وبينما كان جميع الأشخاص الذين يولدون على الأراضي البورمية مواطنين بموجب قانون الجنسية السابق في البلاد (1948)، شرط أن يكون أحد الوالدين بورمياً، إلا أن استيلاء الجنرال ني وين على السلطة في عام 1962 أدى إلى وضع سياسات تستبعد أكثر فأكثر المجتمعات التي دخل أجدادها البلاد بعد عام 1823.
وقد حدد دستور عام 1974 الذي وضعه ني وين 135 "عرقاً وطنياً" - بما في ذلك كارين وشان وكاشين - مستبعداً جميع الأقليات "غير الأصلية". وبعد ثماني سنوات، تم وضع قانون المواطنة، الذي يعترف فقط بالأطفال من الأعراق القومية كمواطنين متمتعين بكامل الحقوق، ومنح حقوقاً محدودة للجماعات غير المعترف بها مثل الروهينجا.
البرلمان يمنع التعديلات
وعلى الرغم من النداءات المتكررة من أجل التغيير، بما في ذلك محاولة أخيرة لتعديل القانون في 6 نوفمبر 2012 من قبل عضو في البرلمان، تين ميا من حزب اتحاد التضامن والتنمية، أدت اعتراضات من البرلمانيين الآخرين إلى تأجيل النظر في مقترحات التعديل، بحسب منظمة ألتيرناتيف آسيان.
وأضافت ستوثارد أن "المجتمع الدولي دعا أيضاً إلى ضرورة تعديل القانون، لكن لا بد أن يكون هناك جهود منسقة لضمان حدوث ذلك على أرض الواقع".
من جهتها، أشارت كريس ليوا، مديرة مشروع أراكان، وهي منظمة غير حكومية لمناصرة الروهينجا، إلى أن القانون التمييزي ربما ساعد على تأجيج العنف الطائفي الذي اندلع بين الروهينجا المسلمين والسكان البوذيين في ولاية راخين في يونيو وأكتوبر 2012 وفي بلدة ميكتيلا في مارس 2013. وأضافت قائلة: "كان عرق الروهينجا ضحية مستمرة للاعتقالات التعسفية والابتزاز والمضايقات والغرامات بسبب وضعهم القانوني غير المستقر والقوانين التي تحظر عليهم الحقوق الأساسية مثل حرية التنقل".
الأطفال على "القائمة السوداء"
وقد أصبح الروهينجا، الذين يتوجب عليهم الحصول على إذن من أجل الزواج أو السفر خارج قراهم، منذ عام 2005، ملزمين بإنجاب طفلين فقط لكل زوجين.
لكن بسبب الحصول المحدود على وسائل منع الحمل في جميع أنحاء البلاد، فإن معدل عدد الأطفال هو 4.7 طفلاً لكل زواج. وأوضحت ليوا أن غالبية أسر الروهينجا مستمرة في إنجاب أكثر من طفلين، لكنها غير قادرة على تسجيل الأطفال الإضافيين أو تخاف التعرض للعقاب. وأضافت أن "هؤلاء الأطفال هم على القائمة السوداء ولا يتمتعون بأية حقوق على الإطلاق... إذ لا يمكنهم تقديم طلب حتى للحصول على إذن للزواج، أو الذهاب إلى المدرسة أو التنقل خارج قريتهم مع والديهم، لأنه لا وجود لهم بالنسبة للسلطات".
وفي نوفمبر 2012، حاولت شرطة الهجرة والجيش الوطني في بلدات بوكتاو وموانغداو وسيتوي في راخين تسجيل أسر الروهينجا، من خلال إصدار بطاقات إقامة وطنية مؤقتة لهم. لكن هذه الجهود قوبلت بالمعارضة لأن استمارات التسجيل تستخدم مصطلح "بنغالي" لوصف الروهينجا – وهي تسمية تشير إلى تراثهم الجنوب آسيوي، وتستخدم للتأكيد على أنهم غرباء.
وتابعت ليوا قائلة: "إنه أمر مثير للجدل للغاية لأنهم يستحقون المواطنة الكاملة، وليس إقامة مؤقتة لا تعطيهم أية حقوق أخرى. وها هم الآن يخشون التوقيع على الوثائق لأن ذلك سيكون دليلاً على أنهم ليسوا مواطنين".
من جهتها، قالت منظمة حقوق الإنسان، هيومن رايتس ووتش أنه للحصول على بطاقات الإقامة الوطنية على العائلات أثبات أن أفرادها عاشوا في ميانمار لمدة ثلاثة أجيال، ولكن العديد من الروهينجا خسروا هذا الدليل في أعمال العنف الطائفي الأخيرة التي دمرت ما يصل إلى 4,800 مبنى وأجبرت أكثر من 125,000 شخص على الفرار من منازلهم.
فرصة ضائعة
وقد شهدت ميانمار إصلاحات كبيرة منذ مارس 2011 - بما في ذلك تخفيف الرقابة على الإعلام، والإفراج عن مئات السجناء السياسيين والتعديل الوزاري وبالتالي قام الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات عن البلاد في 22 أبريل 2013.
لكن جماعات حقوق الإنسان تخشى أن تفقد الضغوط الدولية فعاليتها لوضع قانون شامل وعادل للمواطنة. وأضافت ستوثارد من ألتيرناتيف آسيان بورما: "نحن قلقون من أن يستمر رفض حقوق الروهينجا وغيرهم من الأشخاص العديمي الجنسية في ظل الفرح الدولي العارم بشأن الإصلاحات في بورما".
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، فشلت لجنة تحقيق في العنف الطائفي في ولاية راخين، وهي لجنة حكومية للتحقيق في أعمال العنف التي اندلعت في راخين في عام 2012 بالتوصية بمراجعة قانون المواطنة، ودعت بدلاً من ذلك إلى دراسة وضع المواطنة للناس في راخين، من أجل تنفيذ أحكام القانون الحالي.
وقال روبرتسون من منظمة هيومن رايتس ووتش في 29 أبريل: "غابت عن اللجنة نقطة أساسية عندما فشلت في شمل إصلاحات قانون الجنسية لعام 1982 في توصياتها للتخلص من الأحكام التمييزية والتأكد من أن القانون يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان".
dm/ds/rz-bb/dvh
"