يقول الخبراء أن انعدام الأمن الغذائي أمر شائع في العديد من المناطق الريفية في شمال كينيا، ولكن الزيادة المطردة في عدد السكان في المناطق الحضرية جعلت السكان يواجهون مشكلة انعدام الأمن الغذائي بشكل متزايد. وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال فرانسيس موانجي، محلل في مجال الأمن الغذائي ومحاضر في جامعة نيروبي أن "المدن والبلدات في كينيا مثل العديد منها في إفريقيا تشهد نمواً بارزاً، فيما ترتفع الكثافة السكانية يوماً بعد يوم، ولكن جزءاً قليلاً فقط من السكان الذين يعيشون في تلك المدن لديهم مصدر ثابت للدخل، ما يجعلهم عرضة للفقر بدرجة كبيرة. فالفقراء في المناطق الحضرية ينامون جوعى بسبب عدم استطاعتهم تحمل نفقات الغذاء".
وأجرت مؤخراً شبكة نظم الإنذار المبكر من المجاعة وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة والحكومة الكينية تقييماً للأمن الغذائي في المناطق الحضرية، أظهر أن أكثر من ربع الأطفال في المناطق الحضرية في البلاد يعانون من إعاقة في النمو– وهو أحد أعراض سوء التغذية المزمن- بينما تعاني 13 بالمائة من الأسر في المناطق الحضرية، حيث الكثافة السكانية العالية، من مستويات منخفضة بشكل غير مقبول لاستهلاك المواد الغذائية.
ويلجأ الكثير من الفقراء في المناطق الحضرية إلى استراتيجيات التكيّف مثل تقييد الاستهلاك أو أكل وجبات أقل أو أصغر وأكل منتجات أقل كلفةً. فينفق الفقراء في المناطق الحضرية في كينيا بين 60 و 65 بالمائة من دخلهم على الغذاء. ووفقاً للتقييم، يمثل سكان المناطق الحضرية في كينيا نحو 35 بالمائة من إجمالي السكان، ويعيش 70 بالمائة من سكان الحضر في الأحياء الفقيرة. ولقد زاد عدد السكان في المناطق الحضرية في كينيا بنسبة 4 بالمائة في عام 2010. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن معدل الفقر في المناطق الحضرية سيمثل ما يقرب من نصف إجمالي معدل الفقر في كينيا بحلول عام 2020.
وتريفين أمبيمو(35 عاماً) هي أم عزباء لخمسة أطفال، تعيش في كوروغوشو، وهي مستوطنة غير رسمية في العاصمة نيروبي. تمشي أميمبو كل صباح إلى بناية قريبة، يقطنها سكان من الطبقة المتوسطة، للقيام بأعمال الخدمة في المنازل بغية الحصول على ما يقرب من 2.40 دولاراً يومياً. والمال الذي تحصل عليه لا يكفي لدفع إيجارها وحتى لإطعام أسرتها– فيبلغ سعر عبوة الذرة (2 كيلوغرام) 1.43 دولاراً. لذا غالباً ما تضطر إلى الاختيار ما بين الأمرين. وتخبر أمبيمو لشبكة الأنباء الإنسانية: "إذا لم أدفع الإيجار سيقوم المالك بطردي أنا وأطفالي. لذلك جعلت أطفالي يعتادون على تخطي بعض وجبات الطعام حتى نتمكن من ادخار المال ودفع الإيجار".
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال مسؤولون كبار أن الأسر التي تعيلها النساء والأطفال والأرامل هي الفئات الأكثر ضعفاً. وقال ويلسون سونغا، وكيل وزارة الزراعة أن "هذه الفئات من السكان متضررة بشكل خاص لأن لديها دخل قليل جداً أو ليس لديها أي دخل على الإطلاق".
وفي مايو 2012، وزعت الحكومة من خلال وزارة البرامج الخاصة 4,800 كيس من الأرز والصويا و400 علبة من زيت الطهي على الفئات الضعيفة من السكان في ثمانية مراكز في نيروبي، حيث تشير تقديرات الوزارة إلى أن 65 بالمائة من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي. ومع ذلك، ذكر التقييم أن 12 بالمائة فقط من الأسر المحتاجة حصلت على المساعدات الغذائية.
ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل استثنائي
بالرغم من أن حوالى 29 بالمائة من الأسر في المناطق الحضرية استطاعت أن تزرع بعض المحاصيل الغذائية- وفقاً لما ذكرته وزارة الزراعة- إلا أن ذلك يلبي فقط القليل من احتياجاتهم. فيتم شراء ما بين 97 و 100 بالمائة من الغذاء الذي يستهلكه سكان المدن في السوق، ما يجعل الأسر عرضة لتقلبات الأسعار. وقال موانجي: "في المناطق الريفية، لديك مزرعة يمكنك أن تزرع فيها الخضار بدون الحاجة إلى المال، في حين أنه في المناطق الحضرية لا يمكنك الحصول على الغذاء إلا عندما يكون لديك المال".
ويقول الخبراء أن زيادة إنتاج الغذاء في المناطق الريفية سيؤدي إلى خفض أسعار الغذاء بالنسبة لسكان المدن. ففي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية، قالت سينثيا أنديري، الخبيرة الزراعية ومديرة جمعية سبل العيش في المناطق الحضرية في كينيا أن "المناطق الحضرية تعتمد على الغذاء المنتج في المناطق الريفية. وطبقاً لما يمليه قانون العرض والطلب، لو زاد إنتاج المناطق الريفية ستشهد المناطق الحضرية انخفاضاً في أسعار الغذاء. ويبقى على الحكومة تقدم الأسمدة والبذور ومياه الري". وأضافت أن "كينيا، كبلد يعاني من العجز الغذائي، مضطرة إلى الاستيراد لتلبية المطالب والاحتياجات. ولكن لدينا نظام معاد جداً للاستيراد وهو ما يجعل كل ما يتم استيراده مكلف جداً بالنسبة للناس بحيث لا يمكنهم شراءه".
وقد أشار البنك الدولي في آخر تقاريره الاقتصادية حول كينيا إلى أن دول شرق إفريقيا قادرة على توفير الغذاء لسكانها عن طريق السماح بالتجارة الحرة، فيما تستمر كينيا في وضع حواجز أمام التجارة في الذرة والقمح والسكر، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل استثنائي". من جهة أخرى، تقوم الحكومة حالياً بتشجيع الزراعة في المناطق الحضرية وشبه الحضرية لتحسين فرص الحصول على الغذاء بين السكان الفقراء في المناطق الحضرية.
وقال سونغا من وزارة الزراعة أن "الزراعة في المناطق الحضرية هي استراتيجية تكيف هامة بالنسبة للفقراء في هذه المناطق، حيث يعاني العديد منهم من انعدام في الأمن الغذائي. ونحن نسعى للوصول إلى حوالى 100,000 مزارع كل عام في المناطق الحضرية خلال الأعوام الثلاثة المقبلة". وتقول الحكومة أنها ستدعم البذور والأسمدة والأكياس والتدريب للمزارعين لمساعدتهم على زراعة المحاصيل ذات دورة إنتاج قصيرة مثل الطماطم والخضروات والبقوليات.
ko/kr/am/rz-hk/bb
This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions