أفاد تقرير حديث للأمم المتحدة أن الرعاة في جنوب الضفة الغربية يواجهون أوضاعاً صعبة بسبب جفاف فصل الشتاء الذي جاء لينضم إلى مشاكل أخرى بما فيها ارتفاع سعر العلف والقيود الإسرائيلية على الوصول إلى الأراضي.
وجاء في هذا التقرير الصادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ومنظمة الأغذية والزراعة في أواخر شهر يناير/كانون الثاني تحت عنوان الجفاف: الضربة الأخيرة للرعاة" أن "شتاء 2007-2008 شهد انخفاضاً كبيراً في كمية الأمطار التي سقطت على الضفة الغربية، حيث كان معدل الهطول 26 بالمائة فقط من الكمية المتوقعة".
ففي منطقة الخليل التي تلقت 13 بالمائة فقط من كمية الأمطار المتوقعة، ترعى الأغنام في أرض قاحلة عادة ما كان طول العشب فيها يصل إلى 10 سم في شهر فبراير/شباط من كل عام.
كما استمرت أسعار العلف في الارتفاع وانضمت إليها أسعار المياه التي باتت أكثر غلاءً لأن صهاريج نقل المياه تضطر للسير مسافات طوال لتفادي الحواجز الإسرائيلية.
وقد بدأ العديد من الرعاة ببيع قطعانهم للتمكن من العيش، بالرغم من أن منظمات الأمم المتحدة والرعاة أنفسهم يعون أن هذا يعني انعدام الدخل المستقبلي بالنسبة لهم.
عرب الهذالين
وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ومنظمة الأغذية والزراعة، فإن أكثر من تضرر بالجفاف هم المزارعون البدويون مثل عرب الهذالين المكونة أساساً من لاجئي حرب 1948 بين العرب وإسرائيل. وتعيش هذه القبيلة حالياً في جنوب الضفة الغربية.
وقال محمد، وهي راع من القبيلة يسكن في جنوب مرتفعات الخليل: "كان لدي في العام الماضي 50 رأساً من الأغنام، ولكن لا يوجد لدي هذا العام سوى 30 رأساً، وفي العام المقبل سيكون لدي 10 فقط". وقال أنه اضطر لبيع الأغنام والماعز لشراء العلف لباقي القطيع والطعام لأسرته.
وأخبر الراعي شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) وهو يجلس على هضبة قاحلة: "خلال عامين، لن يتبقى لي أي شيء، وعندها لا أعرف من أين سأحصل على الطعام. الله كريم".
وقد بدأ الناس يشعرون بلدغات الفقر، حيث قالت أوتشا أن العديد من الرعاة يعيشون الآن على الخبز والزيت، ولا يضيفون إليهما الخضراوات إلا نادراً. كما أنهم لا يملكون المال لشراء الوقود من أجل التدفئة.
الاعتماد على المساعدات
وقال موظف بالأمم المتحدة لم يكن مخولاً بالحديث إلى الإعلام: "سيصبح هؤلاء الناس معتمدين على المجتمع الدولي وعلى المساعدات وسينتقلون من الاكتفاء الذاتي إلى الاعتماد على الآخرين".
وقال الرعاة أنه كان لدى أجدادهم سبل للتأقلم مع هذا الوضع ولكنها لم تعد تصلح الآن بسبب تغير الأوضاع السياسية، حيث قال عايش، وهو لاجئ اضطر لبيع ربع قطيعه هذه السنة: "لم يكن جدي ليتدين المال. عندما كان الجفاف يضرب بعض السنوات [قبل عام 1948]، كانوا [الرعاة] ينتقلون إلى غزة أو إلى مناطق أخرى من أجل الرعي. ولكننا الآن لا نستطيع ذلك".
الحصار
الصورة: شبتاي جولد/إيرين |
"عندما كان الجفاف يضرب بعض السنوات [قبل عام 1948]، كانوا [الرعاة] ينتقلون إلى غزة أو إلى مناطق أخرى من أجل الرعي. ولكننا الآن لا نستطيع ذلك" عايش، لاجئ اضطر لبيع ربع قطيعه هذه السنة لتدبر أموره المعيشية |
وبين عامي 1948 و 1967، تمكن الرعاة من دخول الأردن، إلا أنه بعد الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 تم رسم حدود بين الضفة الغربية والضفة الشرقية لنهر الأردن، وتم إغلاق تلك الطريق أيضاً.
وقال عايش: "لا نستطيع التنقل إلى أي مكان". ويوافقه الرأي العديد من الرعاة إذ قال أحدهم أن الأرض بدأت تنكمش حتى داخل الضفة الغربية نفسها، فقد "أعلنت إسرائيل أراضي الرعي محميات طبيعية".
وأضاف: "نحن محاصرون بين المستوطنات الإسرائيلية والقواعد العسكرية ونقاط التفتيش. لا يمكننا الذهاب شمالاً إلى غور الأردن لأن الطريق مغلق". وأشار إلى أن بعض المستوطنات أقيمت على الأرض الزراعية التي كانوا يملكونها.
ووفقاً لمنظمتي أوتشا والفاو، تم إعلان 21 بالمائة من أرض الرعي بالضفة الغربية مناطق عسكرية إسرائيلية و8 بالمائة منها محميات طبيعية.
كما يواجه الرعاة في العديد من المناطق خطراً دائماً بتدمير بيوتهم. ففي عام 2007، أشارت أوتشا إلى تدمير 90 مسكناً و101 بناية أخرى من قبل الجيش الإسرائيلي بدعوى عدم الحصول على تصاريح.
وقال محمد: "أهم شيء في حياتنا الآن هو الحصول على العلف وعلى التعليم الجيد لأطفالنا". وهو يعتقد أنه إذا ما استحال الرعي، يبقى التعليم الشيء الوحيد الذي سيقدم لأطفاله مستقبلاً مقبولاً.
"