1. الرئيسية
  2. Middle East and North Africa
  3. Egypt

تحليل: المصالحة تبدو بعيدة المنال في مصر

Supporters of former Egyptian President Mohamed Morsi bow down in prayer at Raba’a al-Adaweya square in Cairo’s Nasr City three days before he was ousted by the military. As many as 300 people have died in street clashes since the 3 July military coup Saeed Shahat/IRIN
Supporters of former Egyptian President Mohamed Morsi during prayer at Raba’a al-Adaweya square in Cairo’s Nasr City three days before he was ousted by the military.

يقول محللون أن السبعة أشهر الماضية، منذ الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي في شهر يوليو الماضي، كانت من الأشهر الأكثر عنفاً وانقساماً في تاريخ مصر الحديث، نظراً لاستقطاب جزء كبير من المجتمع إما لدعم جماعة الإخوان المسلمين أو لتأييد القوات المسلحة.

ويرى البعض أن المصالحة باتت احتمالاً بعيد المنال الآن وأبعد مما كانت عليه في أعقاب استيلاء الجيش على السلطة.

وقال إيساندر العمراني، محلل الشؤون المصرية في مجموعة الأزمات الدولية (ICG)، أن "فرصة المصالحة، التي كانت موجودة بعد الإطاحة بمرسي، قد اختفت الآن. وبعد أن أصبح المسؤولون ووسائل الإعلام يصنفون جماعة الإخوان المسلمين على أنها منظمة إرهابية ويحملونها المسؤولية عن جميع الهجمات، أصبحت [قوات الأمن] مضطرة للالتزام بوجهة النظر هذه".

أما فيما يتعلق بجماعة الإخوان المسلمين، حتى على مستوى الشعبي، يقول كثير من أنصار مرسي أنهم يشعرون بأنهم مضطهدون لدرجة تمنعهم من التحدث مع خصومهم. وفي هذا الإطار، قالت آية*، وهي متظاهرة تبلغ من العمر 18 عاماً وتؤيد الإخوان المسلمين: "كنت أتحدث إلى الناس الذين أعرف أنهم يخالفونني الرأي، ولكنهم الآن يعتقدون أن القمع الذي أصبحنا ضحايا له مستحق. وليس لدي ما أقوله لمثل هؤلاء الناس".

وتجدر الإشارة إلى أن الاعتقاد الشائع على نطاق واسع الآن، والذي يؤمن به ويروج له أعضاء الحكومة الجديدة، هو أن أنصار الإخوان المسلمين يؤيدون العنف والفوضى. وقد وقعت سلسلة من الاشتباكات، التي كانت مميتة في بعض الأحيان، في بعض الأحياء التي شهدت تنظيم مظاهرات مناهضة للانقلاب/موالية لجماعة الإخوان المسلمين.

والجدير بالذكر أيضاً أنه بعد استيلاء الجيش على السلطة على الفور تقريباً، أنشأت الحكومة الجديدة التي تم تشكيلها وزارة للعدالة الانتقالية والمصالحة، ولكن حتى المسؤولين في هذه الوزارة يقولون أن المصالحة بعيدة المنال.

وأكد محمود فوزي، المستشار القانوني للوزير، أن "العنف يجب أن يتوقف لكي تبدأ أي عملية مصالحة. وأقصد بالعنف الاضطرابات التي تعم الشوارع والجامعات، الخ".

وقد استقال بالفعل العديد من أولئك الذين يُنظر إليهم على أنهم يؤيدون بذل الحكومة الانتقالية للمزيد من جهود المصالحة. فسارع محمد البرادعي بمغادرة البلاد في أعقاب استخدام العنف لفض مخيم الاحتجاج المؤيد لجماعة الإخوان المسلمين في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة. وفي الآونة الأخيرة، استقالت بعض الأصوات المعتدلة الأخرى، مثل نائب رئيس الوزراء زياد بهاء الدين.

وقال العمراني من مجموعة الأزمات الدولية: "قد لا تستبعد السلطات المصالحة بعد عام أو اثنين، ولكن وفقاً لشروطها وبعد قبول الإخوان بشرعية النظام الجديد. أما في هذه الأيام، فإن الأولوية هي لإجراء انتخابات رئاسية وترسيخ النظام الجديد".

ويقول مسؤولون في الحكومة أن الاستفتاء على الدستور الجديد المقترح في شهر يناير الماضي، والذي أسفر عن موافقة 98 بالمائة من الناخبين عليه، يؤكد أنهم يتمتعون بدعم شعبي.

وعلى جانب الإخوان المسلمين، يصعب تخيل تحقيق المصالحة أيضاً. ففي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال عبد الله الحداد، المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين في لندن أن "التحالف المناهض للانقلاب قد أعلن عدة مرات أنه لا توجد مفاوضات مع هذه الحكومة الدموية غير الشرعية التي عينها الجيش".

من جانبه، يرى العمراني أن "الحركة المناهضة للانقلاب تريد أن تجعل مصر بلداً غير قابل للحكم، بالضبط كما حاول المناهضون للإخوان أن يفعلوا إبان حكم الرئيس مرسي".

ومن الجدير بالذكر أن القاعدة المتبعة بين مؤيدي الحكومة والمناهضين لها على حد سواء هي شيطنة الآخر، بينما يتواصل تأجيج العنف. كما أن المرسوم الصادر في شهر ديسمبر الماضي والذي صنف جماعة الإخوان المسلمين رسمياً على أنها منظمة إرهابية قد أغلق الباب أمام أي احتمال فوري لبدء المحادثات.

عنف الدولة و"الإرهاب"

وذكرت منظمة العفو الدولية أن 1,400 شخص لقوا حتفهم خلال أحداث العنف السياسي التي شهدتها مصر منذ يوليو 2013، عندما خرج الملايين إلى الشوارع ليطالبوا الرئيس التابع لجماعة الإخوان المسلمين بالتنحي عن منصبه.

كما تم احتجاز عدة آلاف من قادة وأنصار جماعة الإخوان المسلمين - والآن، يتم أيضاً اعتقال الأشخاص الذين يميلون نحو مناهضة الإخوان المسلمين والجيش على حد سواء - في حين يسقط آخرون ببساطة ضحايا لموجة الاعتقالات الحالية.

وأفاد جو ستورك، نائب مدير منظمة هيومان رايتس ووتش لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن "قانون التظاهر الجديد يجعل من المستحيل تقريباً تنظيم احتجاجات. وقوات الأمن لا تستخدم الأساليب العادية للسيطرة على الحشود؛ بل تلجأ إلى استخدام الرصاص الحي بسرعة كبيرة، وهو نمط مقلق".

وأضاف قائلاً: "بالطبع هذه ليست ممارسة جديدة وهي مرتبطة تحديداً بالفترة الحالية. على سبيل المثال، في عهد مرسي، كان هذا هو الحال في بورسعيد في عام 2013، لكنه أكثر كثافة بكثير الآن. هذه واحدة من أسوأ الفترات التي عرفتها مصر".

من جانبها، تنفي الحكومة التقارير التي تتهم الأجهزة الأمنية باستخدام القوة المفرطة، وتزعم أن الصحفيين الذين يسلطون الضوء على تلك الأساليب يحاولون إعطاء صورة كاذبة عن مصر للإيحاء بأنها تنزلق نحو حرب أهلية. كما يتهم مؤيدو الحكومة الأشخاص المناهضين للانقلاب والمؤيدين لجماعة الإخوان المسلمين بالمبالغة في حجم الخسائر وروايات العنف من أجل تحقيق غايات سياسية، أو لمحاولة تشبيه الوضع في مصر بالأزمة السورية.

في السياق نفسه، تقول السلطات أن المتظاهرين ليسوا سلميين وأن جماعة الإخوان المسلمين مسؤولة مسؤولية مباشرة عن الهجمات "الإرهابية" الأخيرة، على الرغم من إعلان جماعات جهادية مختلفة تتخذ من سيناء مقراً لها، مثل أنصار بيت المقدس، مسؤوليتها عن العديد من تلك الهجمات.

وقد أضحى ذعر القنابل والهجمات "الإرهابية"، مثل التفجيرات الانتحارية وإطلاق النار من مركبات متحركة، التي تستهدف قوات الأمن في المقام الأول، سمة غالبة في الأشهر الستة الماضية، كما أُضيف المسيحيون، ومؤخراً السياح، إلى أهداف تلك الهجمات.

من جانبها، تنفي جماعة الإخوان المسلمين رسمياً أي تورط في هذا العنف. وأكد الحداد أن "الإخوان المسلمين يدينون أي نوع من العنف ضد الشعب المصري". وأضاف قائلاً: "نحن نعتقد أن المصريين الذين نظموا احتجاجات طوال الأشهر السبعة الماضية لن ينجروا إلى العنف".

يجب أن يتوقف العنف لكي تبدأ أي عملية مصالحة
وفي هذا الصدد، قالت آية أن الاحتجاجات سلمية: "إنها مسألة مبدأ. قد يكون هناك أناس مسلحون أحياناً بيننا، ولكنني أعتقد أنهم إما بلطجية أرسلتهم الشرطة أو مخبرون".

وفي منطقة الألف مسكن، وهي إحدى ضواحي القاهرة، حيث تعيش آية، ومنطقة المطرية المجاورة، لا تزال المظاهرات الأسبوعية "المناهضة للانقلاب" والتي يتم تنظيمها في أيام الجمعة مستمرة. وقد شهدت هاتان المنطقتان الاشتباكات الأكثر عنفاً في 25 يناير الماضي، الذي وافق الذكرى الثالثة لانتفاضة الربيع العربي، عندما خرج المتظاهرون المناهضون للجيش إلى الشوارع، وكانت حصيلة الاشتباكات 60 قتيلاً على الأقل.

ويرى العمراني أن "الإخوان يتهمون الغرب بالتخلي عنهم [ويقولون] أنهم كانوا دائماً يرفضون العنف ويشاركون في العملية الديمقراطية. مع ذلك، هناك احتمال أن ينزع الشباب نحو التطرف ومخالفة أوامر الإخوان". تطالب بعض الجماعات المؤيدة للإسلاميين، على الأقل على موقع الفيسبوك، بالقصاص من قوات الأمن والنظام.

وأضاف أنه "من غير الواضح أيضاً ما إذا كان الإخوان المسلمون قد لجؤوا إلى استخدام البلطجية الخاصين بهم خلال فترة حكمهم. يركز خطاب الإخوان/المناهض للانقلاب على المقاومة ضد نظام غير شرعي، ويمكن تفسيره بسهولة على أنه تحريض على العنف".

حصانة

وبصرف النظر عن جماعة الإخوان المسلمين وفصيل صغير يجهر بمناهضة الجيش ومعاداة الإخوان، لا يوجد سوى عدد قليل من الناس الذين يطالبون بالمساءلة عن أعمال العنف الحالية.

وقد أطلقت وسائل الإعلام الموالية للجيش حملة واسعة النطاق تصف المتظاهرين المؤيدين لمرسي بالأعداء وأنصاره العاديين بأنهم خونة.

وقال الكاتب المصري علاء الأسواني في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز أن "غالبية المصريين يدعمون الدولة في حربها ضد الإرهاب ويغضون الطرف عن التجاوزات التي ترتكبها الأجهزة الأمنية".

وفي ديسمبر الماضي، شكلت الحكومة لجنة تحقيق، مماثلة لتلك التي تم تشكيلها في السنوات السابقة، للنظر في أعمال العنف التي تخللت انتفاضة عام 2011، والتي ارتكبها المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي كان يدير مصر في الفترة ما بين تنحي الرئيس مبارك وانتخاب الرئيس مرسي.

"ومن غير المتوقع أن يتبع القضاة الذين يحققون في تلك الأحداث أي سرد سياسي. ينبغي عليهم العثور على شهود عيان وأدلة مصورة والتحدث مع جميع الأطراف،" بحسب عمر مروان، أمين عام اللجنة. ومن المقرر أن يحققوا في 10 حالات، من بينها الأحداث التي وقعت في سيناء والعنف المتصل بالاحتجاجات منذ 30 يونيو 2013.

ومن أبرز الأحداث الغائبة عن تلك التحقيقات الاشتباكات التي وقعت بين قوات الأمن والمتظاهرين المؤيدين لمرسي في ميدان رمسيس بالقاهرة في 16 أغسطس 2013 وتلك التي اندلعت في القاهرة في 6 أكتوبر الماضي. وليس هناك ما يضمن الإعلان عن النتائج التي من المقرر أن تتوصل إليها اللجنة في غضون ستة أشهر تقريباً. علاوة على ذلك، سيتم عرضها على الرئيس فقط، وليس على النائب العام.

وسيكون الحدث السياسي الرئيسي التالي في الأفق هو الانتخابات الرئاسية التي من المتوقع أن تبدأ خلال الشهرين المقبلين. وقال العمراني أن "البعض داخل النظام يرون أن جماعة الإخوان يمكن أن تشارك في الانتخابات من خلال مرشحين مستقلين كما فعلوا إبان حكم مبارك، إذا ما توقفوا عن معارضة شرعية النظام الحالي، ولكن بالنسبة لعامة الشعب، سيكون من الصعب جداً بالفعل أن يعترفوا بأن [وزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسي، الذي يُعد أقوى شخصية في الحكومة المدعومة من الجيش] سيبقى، لأنه أصبح يجسد القمع. بالنسبة لهم، يجب على الأقل أن يتم القصاص لضحايا أحداث رابعة العدوية".

* ليس اسمها الحقيقي

sa/jj/cb-ais/dvh


This article was produced by IRIN News while it was part of the United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs. Please send queries on copyright or liability to the UN. For more information: https://shop.un.org/rights-permissions

Share this article

Get the day’s top headlines in your inbox every morning

Starting at just $5 a month, you can become a member of The New Humanitarian and receive our premium newsletter, DAWNS Digest.

DAWNS Digest has been the trusted essential morning read for global aid and foreign policy professionals for more than 10 years.

Government, media, global governance organisations, NGOs, academics, and more subscribe to DAWNS to receive the day’s top global headlines of news and analysis in their inboxes every weekday morning.

It’s the perfect way to start your day.

Become a member of The New Humanitarian today and you’ll automatically be subscribed to DAWNS Digest – free of charge.

Become a member of The New Humanitarian

Support our journalism and become more involved in our community. Help us deliver informative, accessible, independent journalism that you can trust and provides accountability to the millions of people affected by crises worldwide.

Join